أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 13th January,2001 العدد:10334الطبعةالاولـي السبت 18 ,شوال 1421

متابعة

ورحلت أيها الشيخ الزاهد
خالد بن عبدالعزيز الحماد ا *
عندما سمعت بخبر وفاجعة فقد الشيخ ورحيله انتفضت مشاعري واهتزت احاسيسي وتأججت دواخلي فبحثت عن شيء اسكب عليه جرحي وافرغ عليه حزني فلم اجد سوى الورق الذي يستقبل الحدث والقلم الذي يرسم ويصور عمق الجرح.
شيخنا الجليل وعالمنا الفاضل الصادق المخلص هل فعلاً انت ذهبت؟ وهل حقيقة انت رحلت؟ كيف ستكون حالنا ومن يواسي ويدفن مآسينا واحزاننا؟ كل نفس ذائقة الموت وكل انسان سيذهب وسيرحل, والموت حق لا اعتراض لنا عليه,, ولكنه ياجرحنا النازف ويادمعنا السابح لم يجد التوقيت ولم يحسن الاختيار ولم يراع ظروفنا ولم يهتم بجراحاتنا ومأساتنا,, رحلت ياشيخنا ونحن بأمس الحاجة اليك,, عالمنا الاسلامي يئن تحت وطأة الاعداء,, انه يرقد الآن في عناية هيئة الامم المركزة ويتألم ويتوجع تحت مشارط الاعداء وسكاكينهم يقطعونه ارباً اربا,, شيخنا الفاضل وعالمنا المؤمن الزاهد المخلص فاجعتك ورحيلك ادخلنا الى عالم الحزن والكآبة,, ادخلنا الى عالم الحيرة فلا ندري هل نمسك باجزائنا الا تمزق من الخارج ام نوقف الجرح النازف من الداخل,, شيخنا الجليل لو كان بايدينا وبمقدورنا فعل شيء لفتحنا ابواب الحوار وعقدنا الجلسات مع هذا المرض الخبيث وفاوضناه على تغيير طريقه وتأجيل ظروفه وحلوله ولاخبرناه بان هذا المسكن وهذا الموقع الذي يحل هو فيه مسكن وجسم غال ثمين علينا جسم انسان عالم زاهد ورع لبست فتواه ثوب الصدق والاشعاع والنور والاضاءة في زمن قل فيه الصدق وضعف الايمان.
ليتك ياشيخ تفيق من رقدتك لترى كيف الدموع على صفحات ووجنات الخدود تسح وتنحدر,, لنرى كيف العالم الإسلامي يرتج ويضج لفقدك لترى الحبر كيف يتفجر وينداح دوائر على الورق ليحدّث عن فاجعتك لترى كيف تتقطع النعال ويثور الغبار ويزدحم الناس في موكب جنازتك وهذا الزحام وهذا الموكب لم يأتيا مفاجئة او مصادفة بل صنعها ايمانك وصدقك واخلاصك ورجاحة عقلك وكثافة فقهك وعلمك ايها الشيخ الجليل رسمت في حياتك طريقاً اخروياً معبأً بالايمان ومشبعاً بالحسان ومزوداً بالعلم والزهد والورع سلكت بنفسك مسلكاً وطريقاً مستقيماً ومضيئاً بعد ان تقاطعت الخطوط وتشعبت الطرق,, لم تضع في حياتك ثروة وتكوّن مالاً لم تنساق خلف الدنيا وتنغمس فيها,, رحلت ايها الشيخ الكريم وورثتنا نتاجك المليء بالعلم والمعرفة والمشبع بالآداب والاخلاق,, رحلت وخلفت لنا مدرسة ايمانية تربوية تشع نوراً وتفيض علماً وثقافة ومعرفة شيخي الفاضل ومعلمي الكريم الكلمات قد تنفذ وتتوقف والقلم قد يتعثر والاوراق لا اشك في انها قد تنتهي في الحديث عن علمك وفضلك وورعك ولكني من هذه الصفحة ومن خلال هذه السطور اتمنى ان يسلك طالبو العلم طريقتك وينتهجوا نهجك في رحلتهم العلمية الايمانية واتمنى ان يسكنك الله فسيح جناته ويرقيك في الدرجات العلا وان يجبر عزاءنا ويفرغ علينا صبراً لفقدك ورحيلك,, وأخيراً فإذا كان قدر الزهرة ان تفوح عطراً وقدر الشمعة ان تضيء نوراً وقدر القصيدة ان تفرز جمالاً فقدرك ان تفوح علماً ومعرفة وزهداً وورعاً وتشع نوراً,.
* بريدة

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved