أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th January,2001 العدد:10335الطبعةالاولـي الأحد 19 ,شوال 1421

مقـالات

شدو
نظرية (حيري ديري!) أو الحيرة دورانا!
د,فارس محمد الغزي
ثمة نظرية يطلق عليها علماء اجتماع التنمية والتحديث نظرية الحلقة المفرغة للفقر VICIOUS CIRCLE OF POVERTY ، وهي نظرية تعنى بدراسة ظواهر الفقر والتخلف بمنهجية وآليات استقرائية منطقية/ سببية الأمر الذي يتيح لها القدرة على الغوص كمنظار طبي في أعماق الظاهرة المراد تحليلها، فتشريحها وكشف غطاء الأسباب والكوامن الجوهرية, باختزال وتبسيط، تفترض هذه النظرية بأن المشكلة المراد بحثها لا تحدث من فراغ أو صدفة، بل إنها نتاج لتفاعلات سببية بين مجموعة من العوامل والمتغيرات المختلفة، مما يؤدي بالتالي لا الى خلق المشكلة فحسب، بل يسهم في استمرارها، فاستفحالها، فتجسدها على هيئة قيود وحواجز تدور حول نفسها نحو الحضيض داخل اطار حلقة مفرغة من الظروف المأساوية, على سبيل المثال، فالفقر يتولد نتيجة لتجمع العديد من العوامل الفردية، والاجتماعية، والسياسية، والنفسية، والاقتصادية,, إلخ،,, فانحباس هذه العوامل داخل حلقة دائرية ضيقة من الظروف المتفاعلة مع بعضها الآخر,, مما بالتالي يدفع بكل عامل الى أن يضطلع بمهمة دفع العامل الذي يليه بطريقة دائرية مكرورة: فانخفاض دخل فلان المادي,, قاد الى حرمانه من الغذاء المناسب,, مما دفعه مكرها الى تناول أغذية رخيصة غير مناسبة صحيا,, مما أدى الى اعتلال صحته,, فعجزه ووهنه,, فانخفاض كفاءته وانتاجيته,, مما أدى الى تخفيض راتبه,, مما يعني العودة الى حيث بدأنا، فالبدء من جديد مع دخل مادي أقل مما كان سابقا ,, فمواصلة خطوات الدوران السابقة، وهكذا دواليك,, دواليك على غرار حيري ديري، أو صبه احقنه! .
هناك بجانب الفقر العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية التي نستطيع سبر غورها واستكناه عوامل استفحالها من خلال استخدام المنهجية الاستقرائية والاجراءات الكمية/ الاحصائية الخاصة بهذه النظرية، فعلى سبيل المثال ومرة أخرى، بتجريد وتبسيط ، ففي حال أردنا الحصول على فهم أوسع وأعمق وأصدق! عن ظاهرة الحوادث المرورية، لاستهللنا أولى خطوات مشوارنا البحثي بافتراضات مقننة ومشتقة علميا! ، كأن نفترض مثلا أنه ثمة علاقة سببية بين الحوادث المرورية وما هنالك من تعاريف اجتماعية وتطبيقات سلوكية خاطئة للمفهوم الثقافي للوقت : من حيث ان الجهل وعدم تقدير الوقت كعنصر حياتي/ حيوي يؤدي بالفرد الى مغبة الجهل بالتراكمات المميتة الناجمة من تجاهل أهمية مراعاة الوقت,, فغفلة هذا الفرد وايغاله في متاهات التسويف والتأجيل,, ففقدانه الاحساس بضرورة الأخذ بزمام المبادرة لأداء الواجبات الاجتماعية,, فانتباهه في لحظات ما قبيل فوات أوان الواجب كالعمل أو الدراسة,, فمحاولة تعويض ما أهدره من وقت ثمين,, فاللجوء الى الخيار الوحيد بين يديه، ألا وهو خيار تعويض ما فات من الوقت عن طريق وسيلة التعويض الوحيدة في حوزته: السرعة ومشتقاتها من رعونة وطيش,, ففقدان القدرة على التحكم بالموقف,, فالحادث المروري المميت، مما يعيدنا الى حيث بدأنا حين افترضنا أن عدم تقدير أهمية الوقت قد كبَّل فلاناً هذا بالقيود، فجعله عرضة لآفات تبعات اهمال قيمة الوقت، مما ألقى به في غياهب حلقة دائرية طاحنة من العوامل المتفاعلة نحو الأسوأ، فالوقوع في هاوية الأسوأ,,.
,,, لولا مشاكل الانسان لما وصل العلم بإذن الله إلى ما وصل إليه الآن، مما يؤكد أن الحل الوحيد لمشاكل الانسان ودفع العلم إلى الأمام أيضا يكمن في امتطاء صهوة العلم لحل مشاكل الانسان علميا,,,!!
للتواصل ص,ب 454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved