أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 14th January,2001 العدد:10335الطبعةالاولـي الأحد 19 ,شوال 1421

متابعة

عنيزة قومي ودّعيه فقد مضى
ثلاثون عاماً,,, بل تزيد,,,وعنيزة تزهو بشيخها الوقور، إذا فاخرتَ أبناء عنيزة، قالوا لك: يكفينا (الشيخ).
ثلاثون عاماً,,, بل تزيد,,, وشوارعها الصغيرة المتعرجة تحضن (الشيخ)، غاديا إلى (الجامع) أو آيبا منه.
ثلاثون عاماً,,, بل تزيد,,, (الشيخ والجامع) لهما عند أهل عنيزة دلالة خاصة، ومزجوا بين الاثنين حُبّاً في الاثنين فقالوا: (جامع الشيخ)، فإن سألت عن أيهما عرفوا أنك ضيف فأكرموك بما أنت أهله.
منذ ثلاثين عاماً ,, بل تزيد,,, والشيخ بجسمه النحيل، وابتسامته المشرقة، وعباءته المميزة لبساً لا نوعاً يغدو منفردا إلا من كلام الله، ففي رحلة الذهاب يراجع القرآن الكريم، أما في الإياب فجموع حاشدة تحوط به، هذا محب وكلهم ذلك إن شاء الله أتى مسلِّما، وآخر مستفتيا، وطالب علم يفيد من هذا البحر.
ثلاثون عاماً,, بل تزيد,,, والشيخ يجلس للناس في محرابه بعد صلاة الجمعة، لم نره يوما متبرما، بل كل منا يرى أنه حظي من الشيخ ما لم يحظ به غيره، وبينه وبين الأطفال محبة ومودة وألفة، فيقبلهم بأبوة وحنان،ويجيب على أسئلتهم ببسط وإيضاح، ولربما سأل أكثر من مرة: أفهمت؟ وإلا فيعيد الإجابة حتى تُفهم.
ثلاثون عاماً,, بل تزيد,,, والعيد في عنيزة لا تكتمل بهجته إلى بالصلاة مع الشيخ، ثم يكون أول من نهنئ، وفي هذا العام كان العيد في عنيزة مختلفا، فالقلوب كسيرة، وفي العيون نظرات حزينة، والشيخ في القلوب حاضر لم يغب.
وبعد, فها هو قضاء الله قد حل، وأمره قد نفذ، ولا راد لما قضى به وأمر، وتلك سنّة الله في خلقه، وسبحان من هو حي لا يموت، وها هي الأمة تودع علَماً من أعلامها، تودع شخصه، أما علمه فباق، وأما ذكره فخالد بإذن الله لمَ لا؟ وهو ممن حمل ميراث النبوة.
عنيزة قومي ودعيه فقد مضى,, هذا نجمك قد غاب,, قد هوى,, هذا مجدك المؤثل قد انثوى,, العهد بك تفين لمن وفى,,, عنيزة هذا أوان الحزن فاحزني,,, هذا أوان الدموع فلا تبخلي,,, لكِ مع الشيخ قصة فهيا حدِّثي,, عن البحر الذي حاز بالعلم العلا,, بل أبحر الكل منها ارتوى,, بكى النخل وجدا فجاوبه الغضا,, بكى الناس كلهم فقيرهم ومن اغتنى,, حبك في الله والله تدفق وسرى,, ومن لا يحب مثلك فمنافق قد غوى,, ومن لم يحزن لفقدك ففاسق لم يرعوي,.
ها هو الشيخ يغادرنا مودعاً الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، ها هو يترجل بأمر الله بعد رحلة حافلة في العلم والتعليم، تُرى ألم ندرك بعد من هم النجوم الذين تهتدي بهم الأمة؟ ألم يئن الأوان للغارقين في وهم نجومية الفن والرياضة الزائفة أن يعوا الحقيقة؟ أليس لديكم عقول تفكرون بها وتقارنون؟ يموت الواحد منكم فيموت ذكره، وتطوى صفحته إلى الأبد, كم من كبير فيكم مات، ولم يحزن لفقده سوى أهله!؟ أما ترون الكل يحزن لموت العلماء ويترحم عليهم ويدعو لهم.
إن كان في موت العلماء ثلمة للأمة، فإن فيه عظة للغافلين المفرطين وكلنا ذاك الرجل , اللهم ارحم شيخنا وتغمده بواسع رحمتك، واجمعنا به ووالدينا في عليين، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اجبر مصابنا في فقده.
إبراهيم بن علي الخشان
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved