أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 15th January,2001 العدد:10336الطبعةالاولـي الأثنين 20 ,شوال 1421

متابعة

في تأبين الشيخ العثيمين
الرحيل الآمن
أنت, ومن أنت؟ إنسان يضيع بين عامة الناس مسافر من القصيم إلى الرياض.
تدخل إلى المطار, تذهب لاستخراج كرت الصعود للطائرة, تقف خلف عاملين هنديين, يأتي إليك الدور, تأخذ الكرت وتدلف نحو الصالة الداخلية, يستوقفك منظر جميل, شيخ جليل يلبس ثوبا أبيض وغترة بيضاء يتأبط عباءته ويوزع ابتساماته نحو اليمين ونحو اليسار, لا بد أنه الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
ابتساماته الجميلة وهيئتة البسيطة تشيع جوا من الراحة والأمن ينتشر في كل أجزاء المطار, تبتهج ويقفز قلبك فرحا عندما تستنج انه سيصاحبك في نفس الرحلة, ماذا عليك أن تفعل؟ هل يجب ان تذهب وتسلّم عليه؟ نعم، لكن ليس الآن! هو لا يعرفك اطلاقا، لكنك تعرف أن هذا الشيخ يعرف انك أخوه المسلم وهذا يكفي, يجب أن تنتظر خاصة انه مشغول في الحديث مع هذا وذاك, الآن الكل يغبطك على ما أنت فيه, رحلة بالطائرة وبمصاحبة من؟ الشيخ العثيمين؟ سافرت مرات كثيرة ولم تشعر بمثل هذا الاطمئنان والأمن في حياتك, كم هي جميلة بعض المواقف التي لم تخطط لها, تذهب بسعادة كبيرة نحو الصالة الداخلية بانتظار الدخول إلى الطائرة, لا يخيفك السفر بالطائرة كما كنت تفعل دائما, كل شيء في المطار بدا جميلا حتى موظفو المطار بدوا وكأنهم حصلوا للتو على علاوة كبيرة, لقد تعاملوا معك والمسافرين على نحو استثنائي وراق قلما تجده في أي مكان, هل هذا له علاقة بالشيخ؟ بل على العكس، بعضهم لم يعرف بوجوده في المطار, أم أن كل ذلك بسبب الحالة الانفعالية السعيدة التي تعيشها؟ تدخل الطائرة وتبقى بانتظار قدوم الشيخ، نعم، ها هو يدخل يوزّع نفس الابتسامة على جميع المسافرين, تتضايق من استنتاجك المزعج أن يذهب الشيخ إلى مقاعد الدرجة الأولى, وهل هناك أحد في الطائرة أفضل من هذا الشيخ الجليل, ما هذا؟ الشيخ العثيمين يتجه نحو الدرجة السياحية؟ تنفرج أساريرك وأنت تتابع الشيخ وهو يتجه إلى مقعد في الصف الذي يقع أمام الصف الذي تجلس فيه, يعرفه بعض المسافرين فيذهبون للسلام عليه, أدرك أحد المضيفين أن بصحبتهم في الطائرة رجل مهم, تحمد الله أنك لا تملك مالاً كثيرا يجعلك تحجز مقعداً في الدرجة الأولى لأنك لو فعلت فكيف ستقبل بالجلوس هناك وهذا الشيخ الجليل يجلس في الدرجة السياحية!, كم هم تعساء أولئك القابعون هناك! جاء أحد المضيفين يعرض على الشيخ الانتقال إلى الدرجة الأولى حيث انه يوجد مقعد شاغر هناك، تتضايق وتخاف أن يستجيب الشيخ لطلبه.
تترقب ماذا سيقول الشيخ له يعتذر الشيخ من الذهاب إلى هناك ويبقى في مقعده بينكم, يزداد المكان طمأنينة, تقرر الذهاب للسلام عليه,
تذهب إليه وتلقي عليه السلام, يرد عليك بأفضل منه,
يبتسم لك كما لم يبتسم لك أحد من قبل, تتيقن أنه يعرفك كما لم يعرفك أحد من قبل, تسأله عن صحته فيسألك عن صحتك كما لم يسألك أحد عن صحتك من قبل, تستفيته فينصت إليك كما لم ينصت إليك أحد من قبل.
ترغب أن تواصل الحديث, شخص آخر خلفك يريد أن يتحدث معه.
تودعه مضطرا فيودعك كما لم يودعك أحد من قبل, يصطحب أحدهم طفلة صغيرة إليه فيجلسها الشيخ بجانبه, يقرئها سورة الإخلاص فتقرأ, يقرئها الفاتحة وهي تقرأ خلفه.
يبقى الشيخ معها يحدثها وتحدثه, بمضي الوقت سريعا, تهبط الطائرة في الرياض, ينزل أصحاب الدرجة الأولى أولا, تحمد الله مرة ثانية بأن جعلك من ميسوري الحال, تضحك سخرية من الموقف.
يغادر الجميع الطائرة, تنظر أنت إلى الشيخ وهو مازال يخاطب الطفلة وكأنه يعرفها وكأنها تعرفه منذ سنوات, ينزل الشيخ الجليل من الطائرة, تسير خلفه وتتمنى أن تتبعه, تعود إليك انفعالاتك القديمة, تتضايق عندما تعرف إن الشيخ سيفارقك, إحساس بالوحشة ينتابك.
خالد عبدالرحمن العوض
الأسياح

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved