أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 18th January,2001 العدد:10339الطبعةالاولـي الخميس 23 ,شوال 1421

متابعة

دمعة على فراق الشيخ
في القلوب لوعة، وفي الحلق غصة، وفي العين دمعة اسلو احياناً وأكتوي بنار الذكرى احايين, أمر على آثاره, طريقه، جامعه، مكان دروسه، وتلوح صورته في مخيلتي فتذكي كل هذه جذوة نار في مهجتي, يأتي عليّ أوقات اسأل فيها نفسي: أمات الشيخ حقاً؟
حدثني صديقي بمثل هذا عشية دفن الشيخ فلمته، وإذا بي اتبعه على ذلك, لقد رأيت لك يا أبا حفص رضي الله عنك عذراً في نفي موت النبي، ومصابنا بموته أكبر مصيبة، عليه الصلاة والسلام.


اصبر لكل مصيبة وتجلد
واعلم بأن الدهر غير مخلد
أو ما ترى ان الحوادث جمة
وترى المنية للعباد بمرصد
وإذا أتتك مصيبة تشجى بها
فاذكر مصابك بالنبي محمد

ولكنها سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً: كل نفس ذائقة الموت إنك ميت وإنهم ميتون .
كان الشيخ محمد رحمه الله نعم المعلم والمربي، وربما رحم المخطئ فقسا عليه على طريقة: فليقس أحيانا على من يرحم كان يجري حب التعليم والتدريس في دمه، ويجد لذلك متعة ولذة، وقد حُدثتُ انه رحمه الله في آخر ايامه في المستشفى، ولما اشتد به المرض، صار يُسمع منه تدريس، وربما شرح درساً كاملاً، وكما قالوا: من شب على شيء شاب عليه ومات عليه.
أما الزهد والورع فقد ضرب الشيخ أطنابه فيهما، وسأسند في هذه الحكاية عن نفسي: كان للشيخ محاضرة في إحدى الدور الصيفية للبنات التابعة لجمعية تحفيظ القرآن في عنيزة، ولما حضر كنت احضرت معي إناءً صغيراً فيه ربط، وكان الرطب في بدايته، ولما قدمته للشيخ أكل منه اثنتين او ثلاثاً، واستغرب ان يوجد هذا في ذلك الوقت، لكني قلت له: إن هذا من نخلة عندنا بجوار المسجد وتسقى من ماء المسجد ويأكل منها جماعة المسجد والمارّة فتغير وجهه وقال لي، ولم يكن معنا أحد: يعني ليست عندك في البيت؟
قلت: لا فأخرج من جيبه عشرين ريالاً ومدها لي فحاولت رده، لكنه رفض بشدة، فأدخلت المبلغ للمسجد وندمت ان كنت اسأت الى الشيخ من حيث لا أريد ذلك، وإنما أحببت ان يطعم منها حباً له.
وأما انبساطه فإنه على قدر ما كان حازماً جاداً في دروسه إلا انه كان يحب ادخال السرور في مجلسه، وكان ذا دعابة وابتسامة، وربما كانت دعابته تحمل في طيها النقد للواقع, كان مرة معي في السيارة ومررنا بمحل اتصالات وكان هناك وقتها أزمة في أرقام الهاتف فكان الشيخ يقرأ لوحة محل الاتصالات بصوت اسمعه وإذا فيها: هاتف جوال، فالتفت الي وقال بلهجتنا: حنا نبي هاتف يعرج.
وبالجملة فإن الحديث عن صفات الشيخ محمد ومواقفه طويل ولكنني اقتصرت على هاتين القصتين لأنني لا اسند فيهما عن غائب.
فالى كل مسلم في بقاع الأرض أقدم خالص العزاء والمواساة.


إني أعزيك لا أني على ثقة
من الحياة ولكن سنة الدين
ليس المعزِّي بباقٍ بعد ميته
ولا المعزَّي وإن عاشا الى حين

رحمك الله يا شيخ وقدس روحك ونور ضريحك، وجزاك عن الأمة خير ما يجزى عالماً عن أمته, اللهم آجرِنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها آمين.
خالد بن صالح الشبل - عنيزة
ashebel@ suhuf.net. sa

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved