أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 20th January,2001 العدد:10341الطبعةالاولـي السبت 25 ,شوال 1421

عزيزتـي الجزيرة

صور مشرقة من حياة الفاروق
عزيزتي الجزيرة المتألقة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يسعد الباحث والقارئ والكاتب أن يعيش من حين إلى آخر مع الصفوة المختارة من عباد الله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، والذين تأدبوا بآداب القرآن الكريم وتخلقوا بأخلاق النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه,, فكانوا مثلاً ونموذجاً عالياً سامياً لإشراق العقيدة وضياء الإيمان والعطاء والتضحية.
والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي الكاتب والقارئ عند الحديث عنه صورة مشرقة وضاءة لمثال المجتمع القرآني الذي أعاد للمجتمع الإنساني الكبير صحوته وانقذه من السقوط في مهاوي الزلل والضلال.
لقد كانت نواحي العظمة عند الفاروق متعددة متنوعة,,لأن الله سبحانه وتعالى هيأ له الكثير من الإمكانات والقدرات ليكون المثل الكامل والقدوة الطيبة والأسوة الحسنة للذين يريدون ان يحيوا بالمثل ويعيشوا مع القيم وبالقيم.
لقد جمع الله سبحانه وتعالى فيه الكثير من محاسن الأخلاق والهمة العالية والشجاعة والبعد عن صغائر الأمور, شرح الله صدره للإسلام بعد مرور ست سنوات من بعثة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام فكان رضي الله عنه رجلاً من اتباع المدرسة المحمدية يتمتع بإيمان صادق وفكر راجح وحكمة وروية.
يحدثنا الفاروق عمر رضي الله عنه عن قصة إسلامه وما أحس به من مشاعر امتزجت بكل جوارحه فيقول: خرجت أتعرض لمحمد صلى الله عليه وسلم جريا على عادتي، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فلحقت به، فإذا به يستفتح قراءته بقوله الله تعالى: الحاقة ما الحاقة .
فصرت أعجب من تأليف القرآن وبراعة لفظه، فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش، ثم قرأ محمد صلى الله عليه وسلم: إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون .
قلت: إنه لكاهن.
فتلا محمد صلوات الله وسلامه عليه ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكّرون تنزيل من رب العالمين ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل, لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين .
قال عمر عندها: فوقع الإسلام في قلبي.
هذه الحادثة امتزجت بروحه وجسده، ومس الإيمان شغاف قلبه وأيقظ وجدانه، وبهذا تحققت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك .
عمر بن الخطاب أو عمر بن هشام.
لقد كان عمر بن الخطاب الفاروق أحب الرجلين إلى الله، ويوم أعلن إسلامه كان المسلمون قلة مستضعفة في الأرض يخافون ان يتخطفهم الناس، وكان قد أسلم قبل الفاروق تسعة وثلاثون رجلاً وثلاث وعشرون امرأة فخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً:يا رسول الله علامَ نخفي ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل فقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: إنا قليل وقد رأيت ما لقينا .
فقال عمر رضي الله عنه: والذي بعثك بالحق لا يبقي مجلس جلست فيه بالكفر إلا جلست فيه بالإيمان .
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في صفين من المسلمين: حمزة في أحدهما، وعمر في الصف الآخر,, فوجمت قريش وعلاها الهم، وأحسست أن الدعوة الإسلامية سوف تنتشر في الأرض بإسلام حمزة وعمر رضي الله عنهما.
أخرج البزار والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال: لما أسلم عمر قال المشركون: قد انتصف القوم اليوم منا, وانزل الله سبحانه وتعالى :يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين .
ومن هذا اليوم سماه الرسول صلوات الله وسلامه عليه بالفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل وأعلن كلمة الإسلام صريحة مدوية.
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كان إسلام عمر فتحاً,, وكانت هجرته نصراً,, وكانت إمارته رحمة,, وما كنا نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر فقاتلهم حتى تركونا فصلينا .
أن مرد القوة والعزة التي لازمت إسلام عمر رضي الله عنه هو اعتزازه بهذا الدين الذي يرى فيه الدافع القوي الذي يولّد في نفسه صدق العزيمة وصلابة الإرادة.
يروي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :فيما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثرى ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره,, .
قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟
قال: الدين.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما أنا نائم إذ رأيت قدحاً أتيت به فيه لبن فشربت منه حتى أني لأرى الري يجري في أظفاري ثم أعطيت عمر بن الخطاب .
قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟
قال: العلم.
لقد كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قوة الفكر ورجاحة المنطق والقول والفعل أهله ليكون صائبا في أحكامه,, فقد كان صافي البصيرة,, بعيد النظر، عميق التفكير.
قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه .
وقال فيه أيضاً: لقد كان فيما كان قبلكم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر يكفي عمر بن الخطاب فضلاً بعد ثناء النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن الكريم وافقه في بضعة عشر موضعاً منها:
* الحجاب: فقد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النفس الإنسانية تمج اختلاط الرجال بالنساء ودخولهم عليهن فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناءه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً .
*موافقته القرآن الكريم في أسرى بدر:
فقد استشار الرسول صلوات الله وسلامه عليه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
فقال أبو بكر: يا رسول الله: قومك وأهلك استبقهم واستأن بهم لعل الله أن يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار.
وقال عمر: يا رسول الله كذبوك وأخرجوك، قدمهم نضرب أعناقهم فإن هؤلاء أئمة الكفر.
فنزل قوله سبحانه وتعالى مصوّباً رأي عمر رضي الله عنه: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم .
* ومنها قوله لنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغضبنه عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيرا منكن .
فنزل قوله سبحانه وتعالى: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا .
هذه بعض الصور المشرقة من حياة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه,.
وللحديث صلة.
مالك ناصر درار

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved