أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 22nd January,2001 العدد:10343الطبعةالاولـي الأثنين 27 ,شوال 1421

مقـالات

إضاءة
الشائعات
شاكر سليمان شكوري*
يقول الحق تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ,.
وفي القول المأثور: وكفى بالمرء سوءاً ان يحدث بكل ما يسمع ,.
وجاء في المعجم أن الإشاعة والشائعة والشاعة مفردات تصب في نهر مسموم حيث تصنع الأخبار الملفقة وتذاع دون تثبت.
والشائعات سلاح تدميري تستخدمه أجهزة الاستخبارات للدول التي في حالة حرب ضد بعضها البعض لما لها من أثر خطير في تكوين وتعديل التوجه العام طبقا لهدف الشائعة ومغزاها.
وعلى مستوى المجتمع الواحد قد تطلق الشائعة لهدف سياسي أو فكري أو اجتماعي وهي في كل الأحوال تضر بالمجتمع بشكل من الأشكال رغم أنها جميعاً عارية من الحقيقة.
وعلى مستوى الأشخاص تمثل الإشاعة داء وبالا ومرضا اجتماعياً عضالا إذ تنخز كالسوس في منظومة السلام الاجتماعي.
وفي إطار تصفية الحسابات تنبع الإشاعات من مستنقع الأحقاد وقلوب مريضة ونفوس لا تعرف أصول التنافس في الحياة ولا شرف الخصومة.
وحديث الإفك الذي تقوّله المنافقون عن أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها وأذاعوه حتى وصل بالصدفة إلى صاحبته يضرب مثلا واضحا عن دناءة هذا السلاح (المحظور) وكم من الهم جرته على أصحابها حتى جاءت البراءة من السماء فألقمت المتقولين جبلاً من أحجار جهنم.
وهكذا لم يسلم من سلاح الإشاعة أحد حتى بيت النبوة والشرف الذي لا يدانيه شرف, والإشاعة دائماً تأتي كغيمة سوداء محملة بالإثارة مما يثير لعاب أهل الفضول فيتلقفونها دون فحص ولا تمحيص ثم ينشرونها في دوائر متتالية حتى تشيع بين الناس كما تسري النار في الهشيم.
هناك إذن فئة من معدومي الضمائر خربي الذمم يحترفون صناعة الإشاعة ويجيدون أساليب ترويجها لأغراض دنيئة، ولم يعد غريباً أن يسافر موظف (ناجح) في مهمة عمل فيشاع أنه طرد من الوظيفة بعد أن ضبط بالجرم المشهود، ولا أن يطير طبيب (بارع) في إجازة فيتردد بين الناس أنه قضى نحبه في حادث مروري، وعلى هذا المنوال تفصل خفافيش الظلام الإشاعة بما يناسب كل حالة، وإذا كانت الشائعة تنتشر في سويعات قلائل فإن محو آثارها يستغرق الوقت كله الذي يقضيه المعني بها بعيداً عن موقع عمله أو إقامته وغالباً تبقى لوقت أبعد عالقة في أذهان الناس.
وصناعة الإشاعة لا تحتاج إلى لواحد من تلك الفئة الضالة يتحمل وحده وزرها أمام الله، لكن ترويجها يحتاج إلى الألوف من البشر الذين يتناقلونها ولو بحسن نية,, فالإشاعة تولد ميتة على يد صانعها لكن جمهور المروجين هو الذي يبعث فيها أنفاس الحياة,,
ومن هنا فإن أفضل السبل لدحض هذا الوباء الوبيل أن نقف جميعاً بالصمت والصمت فقط حين يصلنا خبر غير مثبت كما جاء في معنى الشائعة بالمعاجم، وهذا وحده كفيل بأن نخلص أنفسنا والمجتمع من آفة خطيرة تعترض سلامنا الاجتماعي.
* وكيل إمارة منطقة عسير المساعد

أعلـىالصفحةرجوع











[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved