أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 26th January,2001 العدد:10347الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,ذو القعدة 1421

الاقتصادية

في حين ترويجه للرومانسية الاقتصادية
دافوس يمهد لنهب العالم على رائحة الشكولاتة باسم العولمة
عبدالهادي القحطاني
من موقع الهاجس الاقتصادي بمنتدى دافوس الاقتصادي نتابع الاحداث التي لا تخرج عن العولمة باعتبارها نقطة تحول العواء الذي اصيب به العالم من جراء مؤامرة سياتل 1999م ومالحقها من شلل في التحليل انهك المحللين وأقعد الساسة بعد اخفاق السياسة الامريكية في تحديد طريق الريادة ذات القطب الاوحد التي جعلت من كلينتون نجم الوعد المشؤوم لعولمة 2000م الذي كاد ان يتحول الى مارد عالمي استغل نفوذه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري في سبيل التدخل في انماط السلوك الاستهلاكي العالمي حتى اصبح الجينز والكابوي والهمبورقر نمطاً عالمياً يتعين على العالم ارتداء كل ما يحب وليس ما يحبون وما خفي اعظم.
ولعل ما يؤكد خبايا النوايا غير الحسنة ذلك الهجوم الذي شنه ابطال ناضلوا من عقر دار العولمة ضد سياسة نهب العالم المفتوح وضد سياسة الهيمنة والتبعية المفرطة وخلقوا تياراً قوياً اسموه اصدقاء العالم وابطال الارض واستطاع ان يجابه تلك المؤامرة التي تحاك للعالم الثالث الذي هو للاسف لم يفعل ما يجعل ماء الوجه محفوظاً وسخر الله لهم من ينادي بحقوقهم حينما تحلق هؤلاء الابطال وانتصروا ونصروا شعوباً تحاك حولها الدوائر وتداس اهميتها خلف كواليس منطقة التجارة العالمية WTO ليس لشيء انما لفقرهم وعوزهم وكثرة مواردهم وقلة حيلتهم حتى منعوا وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبرايت من دخول مقر المؤتمر كذلك هو الحال لأمين هيئة الامم المتحدة كوفي عنان لم يستطع هو الآخر الوصول لمقر المنظمة وتابع الابطال المتظاهرون المناوئون للمنظمة الدخول واقتحام مقر WTO الخاص ولكن دون جدوى ونغصوا عليهم الاجتماع عبر مكالمة تفيد وجود قنبلة داخل القائمة مما حدا برجال الامن الى اغلاق المؤتمر لمدة ساعتين في سبيل تمشيط القاعة وضمان خلوها من المواد المتفجرة وفي هذه الأثناء رفع المناضلون شعارات يعيش معناها في نفوس ابطال الارض نستعرض بعضاً منها:
الرأسمالية تقتل كل مظاهر الحياة، الشعب قبل الارباح، العالم ليس للبيع، البيئة ضد WTO، منظمة التجارة العالمية تفسد الطعام، منظمة التجارة العالمية مصاص الدماء تستغل النساء والاطفال,, وتشعل الحروب وتدلل الشركات العابرة للقارات حينها تابع العالم اجمع بكل شغف فردي كيفية التحول المراد تحويله لأسرها حينما خيبت آمالهم سياتل المدينة الناعمة الواشنطنية الامريكية التي احتضنت مصاصي الدماء، واذا احتضن المعني معنى الدم نفسه بعيداً عن استعارة البعوضة فشتان ما بينهما والموت واحد بسياتل الامريكية او بدافوس السويسرية المدينة الحالمة بالسحر والجمال بلاد الشوكولاتة، وبما انها ضمن البلاد المسالمة التي لا تحارب نجد السبيل الوحيد لمواجهتها الحقيقة وغير الحقيقة لا نريد ونبدأ القول جميع التقارير من هذا المنتدى الاقتصادي الذي يروج للرومانسية الاقتصادية المطعم بالجبال الجليدية التي تجعل الوزير ينسى المهمة التي تأسس من اجلها بنكنوت جنيف ولا غرو في ذلك فالسياحة سلعة تشكل رافداً رئيساً لموارد الدول ومهمة في تقدير نسب الدخل القومي وبالذات للدول السبع الكبار G7 والمشكلة هنا مازالت في الجات و WTO وسياتل الاخير ديسمبر 1999 حاول تنفيذ خريطة بريتون وودز باشراف توأمية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير ولكن لم يستطع وكاد يموت حسرة ولكنه لم يبق المؤتمر قصة ذائقة الموت لان دافوس هو المنقذ الوحيد لنفس العملية تأهب المتهمون لسبر أغواره وتعديل بعض الشعارات والاهداف البراقة لتجعل منه ذلك الوالد البار نحو تحقيق اطماع الطامعين وخلخلة الحدود وتهميش العالم النامي في سبيل ان يكون لقمة سائغة يتغذى عليها مصاصو الدماء بلا هوادة وبلا رادع ينتصرون دائماً لانفسهم متناسين بأن الفقر كاد ان يكون كفراً وماذا لو استطاعوا في هذا التجمع الذي احتشدت عليه أربعة اضعاف الحراس في العام المنصرم ان يحققوا بعض أمانيهم التي هي في مجمل الأمر لا تعدو في مضمونها سوى اماني قل هاتوا برهانكم اذا كان العالم لا يريد البقاء الا لهؤلاء الثلة.
لكن هيهات ليس هناك اجابة طالما مضيق الحرج هنا يسير بفكر انتهازي وانهزامي على حد السيف لواقع مرير اصبح الغني فيه ينازعك على حرية حدودك تمهيداً لطمس منطق الجغرافيا والغاء حصيلة الجمارك التي تتغذى عليها مصالح الشعوب، وان لم ينازعك على ذلك حرمك حرية الاستثمار ولعل سقوط حائط برلين يبرهن على انطلاقة الرأسمالية التي تريد احاطة كوبا وكوريا الشمالية بسخافة تقرير المصير بحجة انهما دولتان مازالتا تعيشان في دهاليز الاشتراكية العمياء.
واخيراً وليس آخراً تتضح الشفافية العمياء المزعومة في منتدى دافوس الاقتصادي العوالمي الذي يريد ان يوجد معادلة خاطئة في لغة الارقام في سبيل تعتيم الاختلالات التي تعاني منها موازين مدفوعات الدول النامية في محاولة مزعومة مقتضاها الادعاء بوضع حد لظاهرة المساس والاساءة باوضاع رفاهية الشعوب المغلوب على امرها متجاهلة بذلك احوال محدودي الدخل المتأثرين بشكل مباشر بانعكاسات الاجراءات التعسفية لمنظمة التجارة العالمية WTO من خلال تعاملها السلبي ضد الرؤى التنموية الاستراتيجية لدول الجنوب المتخلف حينما رفضت توفير الدعم للصناعات المحلية واستئصال الكثير من المشاريع التنموية وفق نهج استثماري انتهازي مزعوم ومصادرة الطاقات والامكانات والفرص الداخلية والخارجية على تلك البلدان وهذا ما أفصح عنه شاهد من أهله حينما قال خبير سابق في صندوق النقد الدولي تعليقاً على هذا الاجراء ليس بهدف الارتقاء بمستوى حياة الانسان وانما بطريقة استبدادية منظمة بغطاء قانوني يخترق منطق الجغرافيا بما اسموه WTO ونتيجة هذا الافصاح جاء الطلب سريعاً من كلينتون لقبول استقالته فورا خشية تفشي هذه الحقائق.
والاخير ليس اكثر وضوحاً من القول: العولمة الان تريد ان تعيش بعداً آخر على ارض دافوس تجني من خلاله الارباح كيفما شاءت الظروف متناسية ان مثالية التوسع الهائل الذي حققته التجارة الدولية يعد بحد ذاته اقوى دليل على المكاسب التي تجنيها الدول من قيام التجارة فيما بينها كما وضحت ذلك نظرية التكلفة المقارنة القائمة على التقسيم الدولي للعمل من خلال امكاناتها ان تزيد الدخل الحقيقي والاستهلاك وبهذا تتسع التجارة الدولية ويتسع السوق وفي النهاية توسيع مجال تقسيم العمل وبالتالي توفير سلعة باسعار زهيدة ومع ذلك لا تريد دول الشمال ذلك المثال يريد صراعاً وجودة بعدما اتخذ تجاه الحضارة صراعاً سابقاً وكأنها تستهدف الانسان نفسه وليس شيئاً آخر.
وهذا الوضع من الامور التي لا يجب البحث عن تفسيرها لانه ليس لها تفسير بحكم ان تلك المؤتمرات والمنتديات التي تعقد في سبيل تلميع عجل العولمة الذين اشربوا بحبه وكأنه والعياذ بالله مذهب اقتصادي على العالم اجمع اعتناقه والا عليه اعلان افلاسه ولعل منتدى دافوس 1996م كان يحمل لب الموضوع متسائلاً عن كيفية دعم استمرار مسيرة العولمة Sustaining Globalization وكأنه يسعى في خدمة تسريع العجل وسرعان ما جاء عاما 1997 1998 بحزن شديد على منتدى دافوس في ظل انهيار النمور الآسيوية تحت مسلسل الشركات العابرة للقارات التي سحبت البساط عن بورصة وول ستريت واودت بها الى الحضيض وانعكس الحال في اندونيسيا بطالة قدرت بالملايين يجوبون الشوارع ويلهثون دون رحمة من ارباب دافوس الشهير ولحق الضرر باندونيسيا من هذا الوضع على الاسواق الدولية خصوصاً في السلعة الاستراتيجية النفط ولاسيما انها دولة شريكة تجارية مع بعض دول اعضاء اوبك وكل هذه الظروف والازمات التي المت بالنظام المالي حاول دافوس خلال تلك السنوات تمحيص الاخفاق العولمي وطمس التخلف الاداري العالمي او انهياره من قبلهم الذي نال منهم اكثر من ذلك ازدراء المعارضين الذين لا يستطيعون استخدام حق الفيتو ضدهم والا كان الوضع مغايراً لذلك تماماً.
في حين ظهر دافوس 1999م مبحلقاً ومحلقاً على المسؤولية والعولمة Responsible globality خصوصاً بعد الاخفاق الذي لحق بالنمور الآسيوية يؤنب نفسه على الفئران ومالحق بهم يريد ان يضع حجر الاساس من جديد لنظرية حديثة تشمل حفظ العلاقات الدولية من خلال علاج وقائي يكفل عدم تحويلهم الى حشرات مكتفين بوضعهم الحالي فئراناً وليس نموراً.
اما بالنسبة لدافوس 2000 فقد كان كما ظهر للجميع عزاء على مقتل سياتل 1999م المؤامرة والمؤتمر الذي اغلق ابوابه في وجه بعض الاعضاء من دول العالم النامي يتجرعون الاسى والظلم في جو صاخب من قبل المناوئين للعولمة تحت زخات المطر وعلى رأس كلاوس شواب سكرتير منظمة التجارة العالمية برفقة الوزراء واعضاء البرلمانات ورؤساء الشركات العابرة للقارات وثلة من الشخصيات العلمية والفكرية والاقتصادية جميعهم احتشدوا لرسم وتنسيق كروكي يضع استراتيجيات تدفع مسيرة العجل وتقضي على شبح سياتل الفاشل وبالرغم من ان مطالب الاقطار الأقل نمواً والمتظاهرين في أوروبا المناوئين للعولمة تمثل حقاً مشروعاً، التي اشير اليها في اكثر من مناسبة وكانت موضع سخرية من قبل الاقتصاديين في الغرب ولم يأل المتعولمون جهداً بان يصنفوها في قوائم الرغبات ساخرين منها بقولهم تهديف الى القمر وبعبارة أخرى طلب كل شيء مقدماً من الذين لا يملكون أي شيء واخرى محاضرة عما ينبغي ان يفعله الآخرون واخرى طرائف النقابات واخيراً مطالبة باشكال جديدة من الاحسان .
وهذا ما فوضت فيه الرد للدكتور فرانس جير وينلام استاذ الاقتصاد بجامعة كوجين الذي صاغ العبارات ورد عليها قائلاً: بالرغم من ان مطالب الاقطار الاقل نمواً التي اشير اليها قد سخرها الاقتصاديون في الغرب فإنه يمكن ان يورد بكل تأكيد ان النظام الاقتصادي الدولي الجديد ليس بقائمة مطالب يرفعها الجنوب اي الدول النامية لكي تحظى بالرعاية والعطف من قبل الشمال الدول المتقدمة والحديث مازال لصاحبه ان الامر اشار اليه بحق تقرير نادي روما فالعالم الثالث لا يطالب باعادة ضخمة لما لدى الدول الغنية من الدخول والثروة الماضية، انه لا يطلب الاحسان من الاثرياء ولا المساواة في المداخيل انه يطلب المساواة في الفرص,, فما تطالب به الاقطار الاقل نمواً ليس سوى الحق في الجلوس مثل الآخرين حول مائدة العالم والمساومة بشأنها .
اما عن الشعارات التي رفعت في سياتل علق عليها الخبراء قائلين: لا نريد تجارة حرة,, بل نريد تجارة عادلة fair Trade not free Trade ولعل التأمل مغزى الفرق بين تجارة حرة وتجارة عادلة، هو فرق كبير لانه قد تكون الحرية بلا عدالة ولأن الحرية التي لا تقود الى العدل والانصاف ليست الا شعاراً براقاً اجوف لا يحقق الاستقرار والتوازن على الصعيد العالمي.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved