أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 26th January,2001 العدد:10347الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,ذو القعدة 1421

أفاق اسلامية

رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الشيخ عبدالرحمن الفريان
إنشاء رئاسة الهيئة نابع من حرص الدولة على إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
*تغطية: فهد بن راشد الغميجان
إن ما تتميز به هذه الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم هي الخيرية بسبب القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما نص على ذلك القرآن الكريم في قوله سبحانه: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ,ومما لا شك فيه أن من أسباب الفرح والسعادة والرقي للمجتمعات الإسلامية والبشرية عموماً الالتزام بما جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة من آداب وتعاليم سامية والتي من بينها الحث على تطبيق وتحقيق هذه الشعيرة التي بها تصفو وتتهذب النفوس ويتطهر المجتمع من الرذائل والموبقات ويتجرد من الشرور ويعم الخير والصلاح للفرد والمجتمع على حد سواء.
من هذا المنطلق يسر الرسالة أن تطرح أهم العناصر الرئيسية للمحاضرة التي ألقاها فضيلة رئيس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض الشيخ عبدالرحمن الفريان فإلى نص المحاضرة:
الداء الواحد
قال فضيلته في بداية المحاضرة: تعلمون الحاجة الماسة إلى تربية القلوب وتغذيتها وتنوير البصائر كحاجة الإنسان إلى تغذية الجسد بالغذاء من أكل وشرب، ومكافحة ما يعتري هذا الجسد من الضرر كالبرد والحر مما يدفعه إلى التدفئة والتبريد للحد من أن يعرض حياته إلى أي عارض ما وكل ذلك جائز، كما قال عليه الصلاة والسلام: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله إلا داء واحد ليس له دواء قالوا: وما هو يا رسول الله قال: السام يعني الموت وفي لفظ آخر إلا داء واحد وهو الهرم .
فهذان الأمران ليس لهما دواء، أما ما يعتري الإنسان من مرض أو مصيبة في الدين أو الدنيا أو جهل فله دواء وعلاج.
وأوضح أن القرآن والسنة هما العلاج والشفاء ودواء لكثير من الأمراض والمصائب وعلاج كل بلاء في الدين والدنيا حتى الجهل، فقد قال الله سبحانه وتعالى :فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون , وقال سبحانه: يا أيها الناس لقد جاءكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين فهذا من لطفه وإحسانه بالمؤمنين، فالمنكرات التي تقع؛ علاجها هو تغييرها وإزالتها ومنعها كما أرشد إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
وعلى ذلك يبدأ الإنسان بنفسه في امتثال أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فيتخلص من كل ما هو منكر ومحرم من إسبال للثوب وحلق للحية وشرب للدخان وسماع للأغاني وقول الغيبة والنميمة وغيره من المنكرات المنهي عنها والمحرمة في شرع الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
ومن الأحاديث الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في امره لصحابته ولعموم المسلمين قوله صلى الله عليه وسلم : من لم يأخذ من شاربه فليس منا , وقوله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المجوس قصوا الشوارب ووفروا اللحى أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
العلاج تغييرها
وأكد فضيلة الشيخ الفريان أن المنكرات الواقعة في كل زمان ومكان علاجها التغيير فإن الله عز وجل جعل التغيير من علامة الإيمان فقال سبحانه عز من قائل :كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .
مضيفاً أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المؤمنين وشعيرة من الشعائر المميزة لهذه الأمة ومن أبرز سمات هذه الأمة الموصوفة بالخيرية، وتلك الآية فيها بشارة للقائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء للموظفين الرسميين الذين تمنحهم الدولة رواتب شهرية أو كانوا متطوعين لهذا العمل الصالح، وهؤلاء هم أفضل.
كما أن الله عز وجل أرسل الرسل ليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وكل رسول يقول :لا أسألكم عليه أجراً,, ولكن يجوز للمسلم أن يأخذ من بيت المسلمين مالاً وراتباً شهرياً ليستعين به على الطاعة، وولاة الأمر وفقهم الله لما رأوا الناس تكاسلوا عن هذه الشعيرة الهامة قاموا بتأسيس رئاسة خاصة بهذا العمل وما يتبعها من فروع ومراكز.
الإنكار الجماعي
وبين فضيلته أن الحرص الشديد في الماضي على الخير وإنكار المنكر والأمر بالمعروف كان شائعاً في المجتمع، فقد كان الناس في الماضي يعيشون على عقيدة سليمة وخالية من الجهر بالمعاصي والمنكرات، فإذا رأوا رجلاً منهم حليق اللحية أو تنبعث منه رائحة دخان استنكروا هذا الأمر منه وأنكروا عليه ونصحوه للخير, وذلك إنكار بالإجماع وهو ما له أبلغ الاثر على النفس المرتكبة للمنكر فلو أفطر رجل في نهار رمضان في الطريق أمام الناس لوجدنا أن كل من رآه أنكر عليه ونصحه بالصوم مخافة الله وذلك تصرف مسؤول فماذا لو استمر إنكار المنكر في جميع الأحوال والأوقات على كل من يرتكب المنكر أو المعصية؟ ماذا لو أنكر على كل من ترك الصلاة وشرب الدخان وارتكب المحرم؟ إن الأمر لو كان كذلك لكانت الحياة بخير وتفشى الصلاح وعمت البركات وعاش الناس بخير.
ولكن للأسف الشيطان والذنوب هي التي منعت وحدّت من انتشار ذلك الخير كما قال الله تعالى فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير .
كما ورد في الحديث ان الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقابه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم وفي الحديث الآخر: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا .
الركن السادس
وشدد فضيلته على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمره عظيم وفضله جسيم ذلك أن بعض العلماء عده ركنا من أركان الإسلام لأن الله عز وجل يأمر به فلماذا المسلم يتقاعس عنه؟ وقد قال عنه الله عز وجل: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فذلك فضل عظيم أن نكون من أهل الفلاح، إذ ان الدولة أدام الله عزها ووفقها لما رأت أن الناس تقاعسوا عن الإنكار الجماعي للمنكر رأت أهمية تأسيس رئاسة للهيئة وجعلوا في كل حي مركزاً وفي كل منطقة فرعاً للهيئة حتى لا تضيع هذه العبادة العظيمة لأنه لو تركت وأهملت لنزلت العقوبة وعم البلاء في المجتمع كما ذكر عن قوم نوح الذين غرقوا وكيف نجا المؤمنون منهم فقد قال الله عنهم : وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه* وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين* قال سآوي إلى جبل يعصمني من المال قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم* وحال بينهما الموج فكان من المغرقين .
العذاب والنقمة
وأشار إلى أن البلاء والشدة والمصيبة لا تزول إلا بفضل الله وبعزته سبحانه وعلى ذلك فإن المسلمين إذا تهاونوا في تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حل عليهم العذاب والنقمة من الله، وقد يرفع ذلك البلاء وتنزع تلك المصيبة بسبب دعاء الخيرين من هذه الأمة أو بسبب الدعاة إلى الله أو بسبب قيام البعض من المحتسبين بتلك الشعيرة العظيمة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه .
وقد تمنع إجابة الدعاء بسبب التهاون والإهمال في أمر تلك الشعيرة الهامة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم ولم يسمع دعاؤهم , وأيضاً حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم قد حفزه شيء عرفت ذلك في وجهه فخرج ثم دخل ثم خرج ثم صعد المنبر فنادى بأعلى صوته: أيها الناس، حتى اجتمعوا حوله، إن ربكم الله عز وجل يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم، وتسألوني فلا أعطيكم , مؤكداً خطورة ذلك على المسلمين بالعقوبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز ممن يعملها ثم لم يغيروا إلا عمهم الله بعقابه .
فالمقصود من تلك الأحاديث أنها تدل على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعظمته وأنه من الجوانب المهمة في الدين الإسلامي الحنيف.
ثم عرج فضيلة الشيخ الفريان على درجات إنكار المنكر وقسمها إلى ثلاث درجات أو مراتب:
1 إنكار باليد.
2 إنكار باللسان.
3 إنكار بالقلب.
ودلالة ذلك من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع أمته في قوله عليه الصلاة والسلام:من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
فيبدأ المسلم بنفسه بالتخلص من كل ما هو منكر ثم ينظر في أسرته وأهل بيته ويعالج ويتخلص من كل ما هو منكر ومحرم فيربي أبناءه على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيأمرهم بالصلاة وينهاهم عن سماع الأغاني ويحذرهم من آلات اللهو والحرام ومن القنوات الفضائية والمجلات الماجنة المخلة بالأخلاق ويأمرهم ببر الوالدين وتقديرهما وحثهم على اصطحاب الصحبة الصالحة وزيارة الأقارب كما قال عليه الصلاة والسلام : كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته .
كما يحيطهم علماً بأن المسلمين مستهدفون من الغرب عبر القنوات الفضائية وغيرها فلذا توجب الحذر والحيطة من أعداء الإسلام، ومما دل على ذلك قوله سبحانه وتعالى:ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا .
الحكمة والبصيرة
كما أكد على أن تغيير المنكر وإنكاره يتطلب حكمة وبصيرة وعلماً وتريثاً وعدم ارتجالية وتسرع بما سيقوم به من الاحتساب حتى لا يكون في موقف خاطئ أو على جهالة فالله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها قال سبحانه :ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن .
ويؤكد فضيلته على وجوب إنكار المنكر وتغييره لأن السكوت عن الحق إثم ومعصية الساكت عن الحق شيطان أخرس والمتكلم بالباطل شيطان ناطق كما في حديث أبي ذر قل الحق ولو كان مراً ومما لا شك فيه أن طريق الاحتساب طريق شائك وصعب ومحفوف بالمقت والتحبيط من الآخرين ولكن لا بد من الصبر والاحتساب على ذلك وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ان السكوت والتهاون في إنكار المنكر حتى بالقلب كثالث مراتب الإنكار قد يؤدي بالمسلم إلى نوع من أنواع الردة إذ قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم واصفاً المؤمنين والمؤمنات: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم .

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved