أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 27th January,2001 العدد:10348الطبعةالاولـي السبت 2 ,ذو القعدة 1421

محليــات

لما هو آتٍ
من سيقف للأحمر مع المسؤول؟
د, خيرية إبراهيم السقاف
ظاهرة الجريمة التي أخذت الصحف تسلط الأضواء عليها,,,، بمثل ما يتصدى لها المسؤول,,,، تدعو كلَّ ذي عقل لأن يُعمِلَ فكره بحثاً عن الأسباب ,,,، لماذا,,؟,, ولِمَ؟,,,، وكيف؟,,,، ومن قبلُ: هل؟,,, لماذا انتشرت ظاهرة الجريمة على مستوى القتل، والاعتداء بألوان مختلفة منه الحرق، والسطو، والضرب، والتشويه، و,,, والمكيدة,,, ،,,, وآخرها الانتحار!!,,.
و,,, لِمَ انتشرت؟
و,,, كيف انتشرت؟
و,,, من قبلُ، ومن بعدُ، هل كانت بمثل ما هي عليه الآن ظاهرة لسلوك المجتمع ولم تكن معلنة؟ يعاني منها المسؤول فقط، ويجهد وحده في مكافحتها؟,,.
وهل في الإعلان عنها الآن بالكتابة عنها ما يساعد على حلِّها بالتعريف بها من جهة، وبإلقاء جزء من مسؤولية محاربتها على أفراد المجتمع كلٍّ حسب دوره، وقدراته؟,,,، ومن ثمَّ بردع فاعليها، وبتنبيه من يمكن أن تقع عليه لاتِّقائها؟,,.
إن الجريمة سلوك ينجم عن عوامل وأسباب، ولها دوافعها، فهي ناتج تركيبة من هذه العوامل والأسباب، تنعكس دوافعها في سلوكٍ يؤديه الإنسان وهو يقع تحت سطوة هذه الدوافع عندما تتجه انفعالاته نحو تنفيذها، وتتفاوت، وتختلف، بناءً على نمطية، وأنواع، وأحجام مسبباتها، وتأثيرها في هذا الإنسان الذي يُقدم عليها,,.
وهي بلا شك حيث يكون الإنسان,,.
إنها حصادٌ في أيِّ مجتمع بشري لأي عوامل دافعة ومكونة لها، فالمجتمع البشري، لا يخلو من وجود فئات من الناس يُقدمون على ارتكاب الخطأ مع تفاوته، وتغاير أسبابه، لكن لكل فعل ما يوجب البحث عن دوافعه,,,، فهل دوافع الجريمة في مجتمعنا هي ذاتها دوافعها في أي مجتمع بشري آخر؟,,.
وهل هي دوافع معاشية بمعنى أن تكون الوظيفة، أو الراتب، أو السكن، أو تكاليف الحياة هي وراء الجريمة؟,,,، أم هي دوافع تربوية بمعنى أن يكون الإنسان لم يكن يتلقى ما يجب من التوجيه، والإرشاد، وتحقيق الاستقرار الوجداني والنفسي له؟، أم هي دوافع اجتماعية من وجود الطبقية الاجتماعية علميَّاً وماديَّاً وبيئة وعصبية؟,,, أم هي دوافع أخلاقية لم يجد الإنسان من ينشِّئه تنشئةً تؤسس فيه ولديه قواعد الخلق القويم, وبناء القيم الأصيلة، وتكوين المبادىء السليمة على أسس من الإيمان وخلق الإيمان بحيث يسلك في ضوء ذلك،,,, هل شظف العيش، وعدم توفر الحياة اليسيرة، ونزول المتغيرات العامة في المجتمع، وحلول قيم جديدة، ودخول مفاهيم طارئة، وضيافة ما لم يكن يُستضاف من أطباق المعلومات، الملونة والمصورة والصوتية، هي دوافع ومحفِّزات تقابل فراغاً فكرياً ووجدانياً ونفسياً لدى الإنسان فتأخذه مع ريحها، وتزجُّه في بحورها، وتشكِّل منه هذا القادم على النِّزال في معركة مع نفسه ضد نفسه؟,,, وهل الإنسان يعود في زمن العلم ، وقيم التعامل ، إلى مجتمع الغاب، فيأخذ حقه بذراعه ويتنصَّل من تحت مظلة القوانين والتشريعات الاجتماعية المنظمة على الأقل في لحظة إجرامه ؟.
ثم ما هي أنواع العقوبات التي يخضع لها مرتكبو هذه الجرائم؟ إذا كان ثمة رعاية للجانحين قد وُضعت لها الخطط ونُفذت لها المواقع، ورُصدت لها العناصر البشرية، وخُصصت لها الميزانية؟,,, وإذا كان ثمة من حرص على مكافحة الجريمة بالتوجيه؟ وبالاحتضان، وبالمواجهة في تفسير نقائض العمل وردَّته، أو الإقلاع عنه ومكافحته,,, كما هو معروف من برامج تضعها وزارة الداخلية، بل يشرف عليها مسؤولون لهم اهتمامهم في أمر مكافحة الصغير من هذه الظواهر بمثل ما هو للكبير منها؟,,.
لكن,,, طالما فتح باب المكاشفة بين ما يحدث في المجتمع ونافذة الاعلام,,, فإن دور المفكرين هو تقديم الآراء حول محاصرة ومكافحة هذه السلبيات في ثوابت المجتمع,,, يخلُّ بالوفاء بها كلُّ من يُقدم على ارتكاب خطأ مهما كان حجمه أو تغيَّر نوعه، أو تفاوتت العناصر الواقع منها والواقع عليها,,.
ذلك لأن السؤال الذي يقدِّم نفسه بعد أن تضافر الناس في أمر التصدِّي للجريمة في المجتمع هو: هل تقع العقوبات في أدنى صورها وفي أعلاها دون إخضاع الدوافع وراء هذا الذي يحدث للتحليل ولمعرفة الأسباب، ومن ثم وضع الحلول، وإخضاعهم لما تقترحه من علاج,,.
كما أن السؤال الآخر هو هل لو اتُّضِحت الاسباب، واقتُرحِت الحلول يكون اللُّجوء الأول إلى هذه الحلول قبل إيقاع العقاب عليهم!,,.
ثم ما هي المتوقعات الآتية لما يمكن أن يُفاجأ به الناس من ألوان الجرائم التي بدأت تطفو على السطح؟!,,, مما لم يكن يحدث في هذا المجتمع بدءاً بالموظف الذي يُعتدى عليه في مكتبه، والأسرة التي تجتثُّها رصاصات قريبها، والزوج الأب الذي يُقتل ويُقطَّع إرباً على أيدي زوجه وابنته، والقريب الذي يذهب لحضور فرح أقربائه فيترصدونه بالقتل ويطفئونه في الخفاء، والآمن الذي يفاجأ بماء النار يكتسح سلامة وجهه فيشوهها,,,، ومن يشارك في الفرح فيتحول الفرح له وبه مأتماً، ومن يسعى لتقديم الشهادة فتجره اليد التي امتدت يده لها بالمصافحة كي تزجُّه في مقبرته، ومن يرمي بنفسه من شاهقٍ، أو يأخذ بابنه إلى السجن، ومن يقتل فرحة زوجه باعتداء، ومن يحطِّم مستقبل مرؤوسه بأنانية الكيد والاعتداء، وأخيراً من يقتل نفسه شنقاً أو حرقاً أو إغراقاً!!
والمسؤولون يسهرون,,.
ولا على المفكِّرين سوى مؤازرتهم,,, وبخاصةٍ والإعلام يفتح ملفَّاته وصفحاته لمزيدٍ من بسط الحبر الأحمر فوق مساحات الورق الأبيض كي يقول: من سوف يتصدى لهذا الخطر الزاحف إلى مسام المجتمع كي يساعد كلُّ مسؤول مجتهد لاجتثاث هذا الطارىء من الجذور لا إلى القدور,,,، وعلى وجه التحديد تقديراً لمساحة المشاركة التي فتح المسؤول في سُدَّة الأمن أبوابها لكم, فهلمُّوا للدراسة، وللتحليل، ولوضع برامج مكافحة الجريمة على أيدي المفكِّرين والكتَّاب,,,،

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved