أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 31th January,2001 العدد:10352الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

سلوك التعامل الإنساني مع المرأة
مندل بن عبدالله القباع
إن للقانون الإلهي قوة عاملة يعتصم بها المؤمنون في سلوكات الأداء والإنجاز، وهو قوة تدفع الى إمكانات التقدم والنماء ويعين على الثبات في الحق ومقاومة الباطل، ويبعث على الأمل في الحياة وعلى الفكر الثاقب والعمل الواثق، والسعي الهادي للاستقرار والباعث على الثقة والاطمئنان.
فما دام هذا القانون كذلك فلا مشقة للإنسان ولا جور بالآخرين ولا عثار في السلوك، المهم ان نعرف وأن نفهم مبادىء وقواعد هذا القانون.
ولقد نظم هذا القانون قواعد معاملة المرأة, وقبل أن نستطرد في عرضنا لهذه القواعد نحيل القارىء الكريم لقراءة الآيتين 34 و35 من سورة النساء.
في الآية 34 ذكر ضرب المرأة (واضربوهن) ويعني هذا في رأي ابن عباس بأن الضرب المعني هو ضرب غير مبرح ولا شائن ولا مهين ومصداق ذلك في قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (واضربوهن إذا عصينكم في المعروف، ضربا غير مبرح) فأنى بنا هذا مما يحدث من الغوغاء الذين ينهالون على أهلهم أو زوجاتهم بالضرب المفضي الى الموت أحيانا، والنيل منها واحتقار شخصيتها بتمزيق وجهها ونتف شعر رأسها، وتمزيق صدرها,, وإشاعة الخوف والهلع في نفسها، حتى تكره نفسها وتكره عيشتها، كل هذا امام الأبناء فينشأون صرعى الخوف والهلع أو اكتساب العدوانية في المسلكيات أو الانتقام من الوالد أو الهرب من المنزل أو المدرسة وحالات تصل للمرض النفسي كالتبول اللا ارادي او الاكتئاب او الصرع, لماذا؟ لأننا لا نرحم المرأة كإنسان له حقوق وواجبات نظمها الإسلام، لأننا نجهل قواعد الاسلام ومبادىء القانون الإلهي الذي أمر الرجل بأن يبدأ المرأة بالموعظة أولا فإذ لم يكن فالهجران فإذ لم يكن هذا ولا ذاك فالضرب فإنه هو الذي يصلحها له ويضطرها على الوفاء بحقه شريطة ان يكون هذا الضرب بالأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر لها عظماً، ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها نظرا لأن المعني به هو صلاح حال المرأة ولا غير, فلا يفضي الى الهلاك والضياع على أن يكون الضرب في مثل هذه الحالة كضرب المؤدب غلامه لتعليم القرآن والأدب,, وفي صحيح مسلم: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألاّ يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح), ويقول ابن عباس إن الضرب غير المبرح يكون بالسواك ونحوه، وليس بالعقال أو السوط أو العصا أو الحذيان كما يفعل الجهلة والغوغاء وأولو الدوافع الخربة.
إن نسبة كبيرة من رواد دور الملاحظة والتوجيه من أرباب الانحرافات السلوكية نتاج هذه المعاملة السيئة والعشرة الخربة القائمة بين الأدب والأم, فلمَ لا نتعظ بكتاب الله ونستن بسنة رسولنا الكريم صلاة الله وسلامه عليه، ألم يقل: (اضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضربا غير مبرح)؟ فضلا عن مبدأ قرآني يحض على عدم البغي عليهن بقول أو فعل وفي هذا نهي عن ظلمهن, فإن علت أيديكم عليهن بالضرب الموجع فاعلموا أن قدرة الله عليكم أكبر لا بل وأعظم من قدرتكم معشر البشر عليهن، فانتبهوا وتجنبوا البغي والظلم واعلموا (إن الله كان علياً كبيراً) علو في الشأن وكبرياء في السلطان، فاعفوا واصفحوا.
والضرب غير المبرح يعني أنه غير مؤثر, وأعرف نساء قد اصبن بعاهة نتيجة لضرب زوج غير مسؤول وقد كسر لها عظما أو قطع لها لحما وهو أمر منهي عنه، حيث إنه لا يتفق مع خلق الإنسان في شيء الذي علمه إياه القرآن الكريم، ولا يتفق مع قيم الإسلام وحضارته, ويقول بعض الفقهاء: على الزوج أن يتجنب ضرب زوجته عامة فإن كان فيتجنب الضرب على الوجه وأن يكون بمنديل ملفوف.
هكذا نحن مأمورون بالرفق بالنساء، واجتناب الظلم، والإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.
نعم إن الرجل الحر الكريم يتجافى طبعه أن يهين امرأته كما وأنها عبدة فتكون منه كالشاة من الذئب, فهل يمكن أن تستمر حياة هذا شأنها؟ وهن في العلاقات، واضطراب في التفاعل، وتقويض للأواصر، وانعدامية للعاطفة والحب، وانهيار للبناء، وضعف في التماسك, وكم لهذا من أثر في درجة الولاء للعشرة والمنزل وكم له من أثر على الأبناء في تحصيلهم العلمي، وفي نظرتهم للحياة، وفي اتجاهاتهم نحو الزواج، وفي قيمهم الاجتماعية، وفي توافقهم مع ذواتهم ومع الآخرين.
ولذا نقول إن الاخيار لا يضربون نساءهم حتى ولو أبيح لهم ذلك للضرورة، وعليهم حينئذ أن يتبعوا نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملة زوجاتهم، فعليك ايها الزوج (أن تطعمها اذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر الا في البيت) واجتنب ظلمها حيث إنها إن ضعفت عن دفع ظلمك، وعجزت عن الانتصاف منك فالله سبحانه كبير قاهر، قادر، ينتقم من الظالم والباغي, وأهيب بك أخي المسلم ألا تكون كذلك عسى ان تكون زوجتك من الصالحات ومن الممتازات في الدين والدنيا، وممن يكتسبن شمائل الفضائل والأخلاق.
والأخلاق في الجماعات الإنسانية ضرورة لا ينهض المجتمع ويقوى بنيانه بدونها, على أي حال من الأحوال ومن حميد هذه الاخلاق العطف والوفاء والود والحب والحنان والوئام والإخلاص والتفاني,, وكل ما وافق الآداب واستجاب لوازع الفكر والضمير.
فالأخلاق يسمو بها افراد المجتمع تساهم في شيوع الصحة النفسية وتبعث على التوافق الاجتماعي والنفسي، وتقيم مجتمعاً عفياً قوياً.
والإنسان بطبعه كائن أخلاقي متميز عن الكائنات الحيوانية الأخرى وهكذا تكون المفاضلة بين الحسن والقبيح، وبين ما يليق وما لا يليق، وما هو أعلى مرتبة وما هو أدنى، وما هو مسؤول وما هو غير مسؤول، وما ينبغي ومالا ينبغي، وما هو إرادي وما هو آلي من فضائل الفهم والإرادة, فإذ لم يكن ذلك كذلك كان تحدياً لشرعة الله وللعرف والتعليم والآداب والمطاوعة الاجتماعية, فالاخلاق في المجتمع المسلم هي أسمى فضائل الإنسان يقبل عليها بدافع شديد من وحي الفطرة ومن وحي الضمير.
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved