أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 31th January,2001 العدد:10352الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

ما بين الحياة ودارة العرب
الشبيلي ونقولات خاطئة عن الحالة الفكرية في الحجاز
محمد بن ناصر الياسر الأسمري
عبدالرحمن بن صالح الشبيلي رائد من رواد الإعلام المنهجي في السعودية, فهو حسب علمي ومعرفتي أول دارس سعودي للإعلام دراسة أكاديمية بخلاف ممارسته المهنية الاحترافية في بدايات الاعلام المرئي منذ حوالي ثلث قرن عند بدء الإرسال, وهو من المتميزين في نقل صور لبرامج مماثلة مما كان يعرض في الولايات المتحدة الأمركية كبرنامج المؤتمر الصحفي وفي مواجهة الصحافة ان لم تخني الذاكرة, وقد مارس الرجل التدريس في الجامعة ولهذا فهو علم رائد في الإعلام السعودي القائم على الدراسة الأكاديمية والتخصص, وله إسهامات تطويرية فكرية وان غلبت عليها النزعة التقليدية في الكتابة الوصفية دون البحث العلمي القائم على الفرضيات والأسئلة والاستبيانات, ولقد سعدت كثيرا بالمتابعة والإعجاب بطروحاته الجميلة والرصينة ومعالجاته, وكان أن كتب مقدمة كتابي اسهامات وسائل الاعلام في تغيير مفاهيم ودوافع وتوجهات الامريكيين تجاه العرب والاسلام وكان له فضل عليّ بما أسدى من نصائح وإرشادات ساعدت في التنوير والتوضيح والارشاد أسأل الله أن يجزيه الجزاء الحسن, وإسهامات الرجل مقدرة على الساحة الفكرية ضمن أعمال الرواد من الأجيال السابقة لنا وله من الذين حفروا ابداعاتهم في المجال الاعلامي دراية ورواية وممارسة في ظل مقامات وإمكانات جد متواضعة في الكم والكيف سياسيا واجتماعيا وفكريا حسب لغة العصر ووسائله؛ ومسافة القبول الاجتماعي للمستجد من الأفكار والدراسات.
الاعلامي الدارس عليه مسؤولية كبيرة أكثر من الاعلامي الممارس, فهو يتعامل مع الوسيلة الاعلامية وما يبث منها تعاملا ترفده المعرفة الفكرية في شأن المحتوى والمضمون والتحليل للمتلقين للرسالة تحليلا شموليا عن المستويات والمعلومات الديموغرافية والفكرية, فهو قائد تغيير وناشر للمستجدات بأسلوب علمي قائم على البحوث العلمية والدلالات الاحصائية, وقبل هذا وذاك هو أو هي شخص يرسم ويخطط لتفعيل المعلومة لإحداث التأثير في المتلقي للقبول أو الانصراف عن الهدف/ التوجه المراد.
لقد نشر أخونا الشبيلي مقالا في الحياة عن الشاعر الكويتي محمود شوقي الأيوبي رحمه الله مبعوث إعلامي للملك عبدالعزيز في إندونيسيا ضمن سلسلة له تحت عنوان صفحات مطوية من تاريخ الإعلام وقد سبق النشرَ للمقال القاؤه في الندوة الأسبوعية في ضحوية دارة العرب التي حرص على استمرارها نخبة من المنتدين في تلك الدارة التي أسسها الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله, وكان ذلك في آخر يوم من شهر شوال من العام 1421ه.
والمحاضرة/ المقال هي في الاصل قراءة مراجعة لما قام به الدكتورمحمد بن عبدالرحمن الربيع من تعليقات وتحقيق لديوان الشاعر الأيوبي المخطوط وقامت بنشره دارة الملك عبدالعزيز في احتفال بلادنا بالذكرى المئوية لقيام الكيان السياسي للمملكة العربية السعودية, وقد أفاد الشبيلي في إعلامه عن الكتاب والشاعر, فقد اضاف ذكر مصادر تحدثت عن الشاعر زيادة على ما قام به الدكتور الربيع كالدكتورة نورية الرومي وعبدالله النوري وعبدالله زكريا الأنصاري ومحمد موافي وخالد مسعود الزيد وعلي عبدالمنعم عبدالحميد وأحمد الشرباصي ومحمد عبدالمنعم خفاجي, وقد كانت لي مداخلة مع الموضوع استدراكا لبعض النقولات والرؤى لتصحيح بعض المصطلحات التي ربما استقرت في أذهان أناس كثر بناء على معلومات مضللة والخوف من استمرار القول بها أو العمل بها وما قد يخلقه ذلك من تشويش وتدليس على فكر ومعتقد الناس من الأجيال المتلاحقة.
لقد أشارت الورقة بالنص التالي وقد صدرت عن سيرة الأيوبي وشعره عدة دراسات وتراجم، كما سيأتي ذكره، لكن الهدف من هذا المقال هو تسليط الضوء على الجهد الذي بذله هذا الأديب الكويتي في مجال الدعوة والإعلام، لخدمة أهداف الملك عبدالعزيز التوحيدية، في وقت كان يندر أن تجد في الجزيرة العربية مثقفين بالعدد الذي تتطلبه مسيرة التأسيس في هذه البلاد .
والحقيقة ان قبول هذا النص من أستاذ أكاديمي في قامة ومقام أستاذنا الشبيلي سيكون فيه غضاضة ومضاضة, فشبه الجزيرة العربية لم تكن خلواً، أو أنه قد وصل الحال فيها الى وصفها بالندرة في وجود مثقفين؛ فتاريخ كتابة القصائد التي ضمها الديوان المخطوط الذي يظهر أن الشاعر قد أهداه للملك عبدالعزيز هو عام 1371ه وهذا التاريخ قبل وفاة الملك رحمه الله بثلاثة أعوام!! وهو تاريخ قد تجاوز مرحلة التأسيس التي سبقت ذلك بمراحل وقبل إعلان اتحاد أغلب بلدان شبه الجزيرة العربية في كيان سياسي هو المملكة العربية السعودية عام 1351ه, في هذا التاريخ كانت أغلب المؤسسات الدستورية للدولة قائمة فقد بقي الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة وجدة والطائف طيلة عمره بعد دخول الحجاز في الاتحاد الوطني الذي قاده رحمه الله مع طلائع من المؤمنين بالوحدة ضد التفرق والشتات, وانصرف جل وقت الملك مع المؤسسات الدستورية القائمة لتنظيم أمور الدولة الموحدة الأرجاء من خلال الاستقطاب للمثقفين في بلاد الحرمين وقادة الرأي والفكر في البلدان العربية الذين وجدوا ان جذوة الحماس التي كانت سائدة بسبب الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك قد وجدت في أبهى وأحسن حال في كون الملك عبدالعزيز قائدا عربيا داعيا ومطبقا للوحدة العربية ومثالها توحيد المملكة العربية السعودية وهذا مما أتاح لكثير من العرب العمل في ادارة الملك عبدالعزيز حتى في الأمور العسكرية والسياسة الخارجية, ولهذا فقد كانت العاصمة المقدسة مكة المكرمة ومعها المدينة المنورة والعاصمة الصيفية الطائف منذ دخول الملك الحجاز عواصم تنوير ومراكز علمية حيث جلب الملك بثاقب بصيرته الأطفال الى المدارس من المناطق المنعزلة لكي يتعلموا وأصبحت الادارة السعودية موقع الاستقطاب للمثقفين العرب من كافة أقطار العالم العربي, ولقد ظلت أرض الحرمين على مر العصور مراكز نور وهداية وإشعاع لأمة الاسلام ولا يليق أن يقال عنها تحت أي ظرف من الظروف وفي أي زمن انه كان يندر وجود مثقفين فيها وبالذات في الفترة الزمنية التي سبقت وفاة الملك الموحد رحمه الله وأحسن إليه.
أشار الدكتور الشبيلي حفظه الله أنه قد أشار في كتابه الإعلام في المملكة العربية السعودية: دراسة وثائقية وصفية تاريخية أن أسباب الحملة الدعائية التي أشيعت في بلاد الملايو بلاد جاوه وشوهت التوجهات المذهبية للدولة السعودية الجديدة وتسببت في انحسار حجاج الجاوه إلى أقل من الربع، وذلك منذ دخلت الحجاز في الدولة السعودية عام 1925م وبلغ ذروته في حدود عام 1930م وقد اهتم الملك عبدالعزيز بمعالجة انعكاساتها السلبية السياسية والإعلامية والاقتصادية، مبتدئا بإرسال الإعلاميين والدعاة الى شبه القارة الهندية والى بلاد الملايو حيث يشكل الحجاج الهنود والجاوة أكثر شرائح الحجاج في تلك الأعوام، وذلك لتصحيح المفاهيم الخاطئة عندهم عن تطبيق الشريعة الاسلامية.
كما ان ما ورد في مقالة محاضرة الدكتور الشبيلي نقلا عن كتاب الدكتور يعقوب يوسف الحجي عن سيرة الشيخ عبدالعزيز الرشيد ما يلي :
كان الشاعر محمود الأيوبي قد بدأ في نظم القصائد في مدح الملك عبدالعزيز آل سعود، منذ كان مدرسا في المدرسة الأحمدية عام 1929م,,, وفي سبتمبر 1929م غادر الشاعر الأيوبي الكويت الى البحرين، ومنها الى الأحساء فالرياض، حيث قابل الملك عبدالعزيز هناك، ومن الرياض اتجه الى مكة حيث حل ضيفا على الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وفي مكة المكرمة رشحته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكون داعية للمذهب السلفي في إندونيسيا، وداعية للملك عبدالعزيز فيها، وقد سافر بعد الحج 1348ه على إحدى بواخر الحجاج .
والواقع أن الأيوبي رحمه الله قد سافر الى بلاد الجاوة ليدعو غير المسلمين للاسلام, ولكن جل وقته وإقامته كان للتعليم ونشر اللغة العربية وقد أسهم بجهد عظيم الشأن وعلم أناساً كثيرين رجالاً ونساء في أماكن متعددة من إندونيسيا وتحمل ألوانا من الحاجة والفقر.
هذه الملاحظات لأخي عبدالرحمن الشبيلي هي للاستدراك على مثل هذه النقولات والتقريرات التي في السكوت عليها ضرر بالغ على الخطاب الفكري لبلادنا على الساحة الفكرية والمنهج القيادي لبلادنا القبلة والاستقبال ومهبط الوحي.
ولله الأمر من قبل ومن بعد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved