أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 31th January,2001 العدد:10352الطبعةالاولـي الاربعاء 6 ,ذو القعدة 1421

محليــات

لما هو آت
ذرات الوعي
د, خيرية إبراهيم السقاف
عندما تجد الآخرين من حولك يضعون فوق رأسك أرتالاً من الرَّمل,,,، ماذا تفعل؟! هل تترك الرمل كي يثني من عزيمتك، ويعطِّل قدرتك على المشي، ويضرُّ عمودك الفقري، ويسقط على جبهتك فيحجب عن عينيك الرؤية؟,,.
أم إنك سوف تمنعهم من أن يقتربوا منك، ولا تدع لهم مجالاً كي يلمسوا رأسك أو يضعوا فوقه التراب,,,، وتبذل لذلك كافَّة طاقتك، وتُعمِلُ ذهنك كي تتخلص من ذلك,,,؟!
ثم لماذا لا تبدأ بدرء التراب منذ أن يكون فكرة في أذهانهم؟!,,, ولكن كيف؟ وهل جلست إلى نفسك مرة أو مرات تسألها عن الدوافع التي تكمن خلف فكرة وضع التراب فوق رأسك عند الآخرين؟!,,, ثم لماذا هو التراب ولم يكن سواه؟!
كانت الهرة تتمطى فوق جدار في شارع زرع بشتى المتناقضات: الإنسان، والبيوت، والدكاكين ، والحمير، والبغال، والديكة، والدجاج، وفأر ضخم كأنه الأرنب البري,,, يقف بحذر بجوار عتبة بيت قديم تهالك وتداعى,,,، وعلى بُعدٍ، كان منه مجموعة من الزواحف، والدواب، والحشرات، ورؤوس بشرية، و,,, و,,, أشكال تتفاوت من مخاليق الله ,,, وهم يحاولون أن يغمروه بالتراب,,, فجلست القطة، وركزت حواسها وشنَّفت أذنيها، وسلَّطت عينيها إلى الفأر,,, لم تجده يتحرك كعادته، ولا رأته يقفز مبتعداً كما يسلك دوماً، ولم يفعل شيئاً,,,، تلقى الرمل، بسط أذنيه، حنى رأسه، عقف قدميه تحته واستسلم,,,، تحفزت القطة فرصتي كي انقض عليه فألتهمه ,,.
أرسل الفأر إليها نظرة هادئة,,,، لم يكن يبدي أية ردود فعلية لما يحدث له,,,، و, ,، تحركت القطة مناهضة، شنّفت أذنيها، حركت رأسها في كل اتجاه,,, تابعت حركة ازدحام المكان,,.
الفأر يقف يتلقى التراب فوق رأسه,,.
أُثقل كاهله، تدلى رأسه، خارت قواه,,.
أقبل كلُّ الذين وضعوا الرَّمل فوق رأسه إليه,,.
حاولت القطة أن تنقض عليه، لكنها في مهابة الموقف,,.
وعندما اقترب الجميع من الفأر,,, قفز بقوة، فرَّ مسرعاً من تحت التراب، تطاير الرمل في وجوههم، غطَّى على أعينهم,,, تعثرت أقدامهم في المكان الذي كان يقف الفأر عنده,,, كانت ثمة ثغرة ما لبثت أن انفرجت عن حفرة اتسعت لكل من هرول يشاهد مذبح الفأر كي تتحول إلى مقبرة استقطبتهم,,.
وقفت القطة متسمرة فوق الجدار,,.
نظرت يمنة ويسرة, ، لم تجد في الشارع المتعرج إلا الفأر,,, وهي,,.
فكرت قليلاً هل أنقض عليه فألتهمه؟ سرعان ما عادت تمطت على الجدار أغمضت عينيها، ابتسمت: أخشى أن يكون مآلي إلى ما آل إليه أصحاب التراب !!
وعاد الشارع سيرته الأولى,,.
بينما الفأر عاد كي يسد الثغرة التي ابتلعت بما تحتها كل الأيدي التي كانت تحمل الرمل تذرُّ التراب فوق رأسه.
***
هذه القصة من وحي فكر طفلة لم تتجاوز السادسة من العمر,,.
جلستُ إليها في الطائرة,,.
كانت تمسك بقطة من القطن، وبفأر من البلاستيك,,, سألتها عن قصة القطة والفأر,,, حسبت أنها سوف تقص إلي بجدلية ما بينهما من الثأر الأبدي,,, لكنها أخذت تحدثني بشيء آخر,,, بحكاية من الخيال,,, لكنه الخيال الذي يؤكد كيف تراكمت ذرات الوعي كي يأتي جيل في طور جديد، ليقول قصصاً جديدة,,, ويغيِّر في سردية الحياة.
***
وللقاصة الطفلة ليان
دعوة بإشراقة قادمة في قطار الآتي,,.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved