أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 3rd February,2001 العدد:10355الطبعةالاولـي السبت 9 ,ذو القعدة 1421

عزيزتـي الجزيرة

الفراغ والانحراف: مشاكل وحلول
دعونا نقف قليلاً عند هذا العنوان والذي يحمل في مضمونه شقين أساسيين هما الفراغ ونعني به الوقت الذي يقضيه المرء دون استغلال أمثل أو بمعنى آخر الوقت الذي يقضيه المرء بعيداً عن ارتباطاته والتزاماته الشخصية والاجتماعية.
وأما الشق الآخر الذي يحمله هذا العنوان فهو الانحراف الذي يأتي كنتيجة حتمية سلبية لكل من يقتل الوقت ويضيعه دون ترشيد أو حسن تدبير.
علينا أن ندرك ونعي تماماً مدى العلاقة الوطيدة التي تربط الإنسان بالوقت وذلك بان نتفهم أهمية الوقت وثمنه فالوقت سلاح ذو حدين اما ان يستغل استغلالاً أمثل فيعود بالنفع والعكس بالعكس.
لقد حث ديننا الحنيف على ضرورة استغلال الوقت واستثماره ويتضح ذلك جلياً في قول النبي صلى الله عليه وسلم (اغتنم خمساً قبل خمس,,) ومنها فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك كدليل على أهمية الوقت وعظم شأنه.
وقد يتساءل البعض لم الشباب بالتحديد أوليس الوقت عاملاً مؤثراً في الطفل والشاب والشيخ على حد سواء نقول نعم ولكن الطفل قد يجد من ينظم ويجدول وقته في الاتجاه الصحيح سواء من والديه في البيت أو معلميه في المدرسة أما الرجل البالغ الراشد فقد تعدى مرحلة التوجيه وأصبح مسؤولاً وواعياً لكل تصرفاته.
أما الشباب فنجدهم في أمس الحاجة لمن يأخذ بأيديهم ويوجههم توجيهاً سليماً يقودهم في النهاية إلى بر الأمان.
إنني أكاد أجزم بأن الوسائل المتوفرة لشباب اليوم لم تتوفر لنا في الماضي ولا حتى طرف منها.
لقد ساعد التطور السريع والمتلاحق الذي يعيشه مجتمعنا السعودي على توفير العديد من عناصر استغلال الوقت والاستفادة القصوى من كل دقيقة تمر على شبابنا.
فهناك الأندية الأدبية والرياضية وهناك الجمعيات الخيرية التطوعية وهناك المعاهد المهنية التي تقدم دورات بشكل مستمر في مختلف المجالات المهنية واليدوية، أضف إلى ذلك حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي تزخر بها مساجدنا ولله الحمد, كذلك الحاسب الآلي وما ينسحب تحته من مجالات واسعة كالانترنت والبريد الالكتروني,,,الخ.
أما إذا أردنا الحديث عن المدرسة كمؤسسة تربوية فلاشك أن المدرسة تضطلع بدور بارز في حياة أبنائنا وشبابنا وذلك من خلال ما تقدمه لهم من مناهج وبرامج مدروسة ومبنية على أسس تربوية سليمة من شأنها تخريج لبنات صالحة في المجتمع قادرة على خدمة وطنها وأمتها ونفس الكلام يقال عن الأنشطة الطلابية والتي تشرف عليها وزارة المعارف ممثلة في مختلف مدارس التعليم العام ومعاهد التعليم الخاص, فنجد أن وزارة المعارف قد اعطت مجال الأنشطة الطلابية جل اهتمامها ومنحته كثيراً من وقتها.
ولكن لنتحدث مع أنفسنا بقليل من الموضوعية والصراحة ولنطرح سؤالاً هاماً الا وهو ما مدى استفادة أبنائنا وشبابنا من هذه الأنشطة وأود ان أوجه حديثي هنا إلى كل القائمين على هذه الأنشطة وأقول يجب علينا أن نجعل أنشطتنا جذابة ومشوقة لكل طالب,, ما الذي يريده التلميذ من النشاط إذا كان سيعيده إلى نمط اليوم الدراسي؟, هنا سيبدأ الطالب في البحث عن طريق آخر يبعده عن التقليدية المدرسية إن صح التعبير، فيبدأ بالتوجه إلى الشارع فيتلقفه رفاق السوء ومن هنا تبدأ مرحلة الانهيار، انهيار القيم والأخلاق، فما تغرسه المدرسة يقلعه الشارع.
وفي حالة رضى الطالب الالتحاق بالنشاط المدرسي فعلينا عدم إجباره على مجال معين بل نترك له حرية اختيار مايريده من أنشطة بعد اعطائه نبذة مختصرة عن كل مجال، ويقع دور كبير على أولياء الأمور لمساعدة فلذات أكبادهم على حب النشاط الطلابي وانه ليس بالضرورة ان يكون صورة كربونية لما يتلقونه خلال اليوم الدراسي.
لقد فتحت الثورة الصناعية والتكنولوجية مجالات عديدة لشبابنا علينا الا نحرمهم منها حتى لايكونوا في معزل عن عالمهم بل يجب توجيههم إليها توجيهاً سليماً مثل الانترنت,, ما المانع من اعطاء شبابنا فرصة الابحار في عالمها تحت إشراف مباشر ومتفق من أولياء الأمور؟! مع تحفظي الشديد على مقاهي الانترنت التي بدأت تنتشر في مجتمعنا دون توجيه وللأسف فإن غالبية القائمين عليها هم ممن يسعون وراء الكسب المادي في الدرجة الأولى.
إن المجتمع الغربي لا تحكمه قيم أو مبادئ ووصل إلى درجة كبيرة من الانحطاط, ولكن ذلك لايمنع من وجود بعض الجوانب الايجابية في مجتمعهم يمكننا الأخذ منها ولكن بعد تنقيتها وإعادة صياغتها حتى تتسم بصغيتنا الإسلامية وهويتنا العربية.
لقد نجح المجتمع الغربي على صعيد الماديات فهو المجتمع الذي صدر للعالم مفهوم العولمة الاقتصادية والفكرية ولكنه سقط على الصعيد الإنساني صعيد القيم والمبادئ، وهم يتعاملون مع الوقت على أنه جزء مادي من حياتهم وضياعه يؤدي إلى ضياع اقتصادهم وثرواتهم القومية نلاحظ أن الشاب عندهم على سبيل المثال يحاول بعد انهاء دوامه المدرسي أن يلتحق بعمل يشغل به وقته من جهة ويدر عليه المال من جهة أخرى, في الوقت الذي نجد فيه شبابنا يتذمر من مجرد الحديث في هذا الموضوع بعد نهاية الدوام المدرسي متعللين بأتفه الأسباب وهو عدم توفر الوقت مع أنه هو نفس الوقت الذي يضيعه الشاب أمام القنوات الفضائية أو فيما لايسمن ولايغني من جوع.
مع أنني أتذكر أننا كنا في الماضي نشارك الآباء في أعمالهم بعد نهاية يومنا المدرسي دون أن يؤثر ذلك على مستوى تحصيلنا العلمي.
إن أعداءنا يشنون علينا حربا فكرية وعقدية مسلطة على شبابنا بالتحديد لذلك علينا أن نتصدى لهذا الغزو بكل الوسائل الممكنة وفي مقدمتها تفعيل مصادر الثقافة الإسلامية وتعزيز دورها وعلى رأسها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما يقع على عاتق وسائل الإعلام في وطننا الإسلامي في دور كبير تجاه التحكم بكل مايعرض أمام شبابنا من مواد تلفازية أو إذاعية أو صحفية مع مراعاة الجانب الأخلاقي للشباب وعدم إفساده كما هو ملاحظ اليوم في غالبية القنوات الفضائية.
ويتبع ذلك زيادة مشاعر الغيرة الوطنية لدى الشباب حتى يحاربوا كل ما يمس فكرهم وذلك بجعل عقولهم تلفظ كل مايصدره لهم الآخرون من فكر هدام.
الدكتور /علي بن يحيى العريش
مدير عام التعليم بمنطقة جازان

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved