أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th February,2001 العدد:10357الطبعةالاولـي الأثنين 11 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

دقات الثواني
لأمريكا وجهان حضاري ورمادي:
عائض الردادي
الولايات المتحدة خليط من الشعوب والأعراق لا يجمعها إلا التراب الذي خلقت منه وتعيش عليه، فالأرض الوطن هي الرابط الوحيد بين الأمريكيين وما عدا ذلك كل يصنف حسب البلاد الأصلية التي عاش فيها أجداده، وكل منهم ظل محتفظاً بدينه، وبتوارث عادات أصوله، وبخاصة في الأسماء، وقليل منهم احتفظ بلغته وبعاداته كالصينيين، ومع كل ذلك فكل أمريكي مخلص لأمريكا عدا اليهود الذين يرون ولاءهم الأول لإسرائيل حتى لو لم يذهبوا إليها.
هذه الشعوب المختلفة الأصول نجحت في أنها استطاعت ان تعيش عيشة حضارية حتى أولئك حديثي العهد بدول العالم المتخلف، وقد وضح الوجه الحضاري المشرق في الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي بقي الخلاف حول نتائجها شهراً في حوار حضاري لم نسمع خلاله عن صفع وجه ولا تشابك بالأيدي، فضلاً عن امتلاء الشوارع بالمدافع والرشاشات، وكان قمة ذلك التعامل الحضاري حين أعلن الخاسر في سباق الرياسة إلجور فوز منافسه برياسة أمريكا بعد أن صوت كبار الناخبين لجورج بوش، فأين هذا مما عهدناه في العالم الثالث من مبادرة المهزوم إلى الطعن في النتائج وادعاء تزييف الأصوات؟ وأين هذا مما نراه في العالم الثالث من اصطفاف الجنود لرد المصوتين للمنافس عن صناديق الاقتراع؟ بل أين هذا من إطلاق الجنود للنار على الناخبين؟ وأين هذا من التحام الناخبين في معارك كلامية بل دموية؟ وأين هذا مما رأيناه في بعض برلمانات العالم الثالث من تقاذف بالكراسي إثر الاختلاف على موضوع؟ وأين هذا من صفير وصراخ أحد برلمانات الدول الإسلامية كما يفعل الجمهور المشاغب في ملاعب الكرة إثر دخول برلمانية منتخبة شعبياً ليس بقنبلة بل بغطاء لخصلات شعرها؟
هذا هو وجه أمريكا الحضاري الذي أتمنى أن ترعى منظمات حقوق الإنسان تصديره للعالم الثالث بدلاً من الدفاع عن المجرمين وسفاكي الدماء، أما الوجه الرمادي لأمريكا فهو انها لم تصدر هذا الوجه الحضاري للعالم بل مقياسها في هذا العالم التعيس هو المصالح الأمريكية، فكل ما يحقق المصالح الأمريكية مقبول، ولو بلغ انتهاك حقوق الإنسان في تلك البلدان ما بلغ، فأمريكا تعرف ان نسبة 99,9% كلها كذب، ومع ذلك لا تبدي موقفاً من انتهاك حقوق الإنسان، وهي ترى اليهود كيف يذبحون الأطفال على مرأى من العالم ومع ذلك تدعم الظالم ضد المظلوم، وهي تعمل بازدواجية المقاييس فالتعامل الحضاري في الانتخابات الأمريكية له حرمة لا يمكن مسّها، اما ما يحدث في العالم الثالث من كذب وخداع وظلم فيسكت عنه ما دامت المصالح الأمريكية لن تتأثر منه.
أعيش فكراً خيالياً فأطرح على نفسي السؤال الآتي: كيف سيكون العالم لو تمت الانتخابات فيه كما تتم في أمريكا؟ هل ستحقق المدينة الفاضلة فيعيش العالم في أمن وسلام وتنتهي الحروب والظلم؟ إنها فكرة خالية إلا في أمريكا.
للتواصل
ص ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved