أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 9th February,2001 العدد:10361الطبعةالاولـي الجمعة 15 ,ذو القعدة 1421

الاقتصادية

أضواء على نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية B.O.T
المستشار أحمد منير فهمي
1 كان الاسلوب السائد في الدول النامية في الخمسينات والستينات للقيام بالتنمية الاقتصادية هو ان تقترض الحكومة من الدول الاجنبية او من البنوك الدولية اموالا لانشاء مشروعات البنية التحتية اللازمة للتنمية وتشييد المصانع ومحطات الطاقة حتى تعوض عقود الاستثمار الطويلة التي كانت المستعمرات خلالها تعتبر مزارع ومصدر المواد الخام للدول الاستعمارية التي بنت ثرواتها من نزف موارد المستعمرات ثم تصنيعها وبيعها للمستعمرات بأثمان غالية بعد ان اشترتها بأثمان متدنية.
2 ولما نالت المستعمرات الاستقلال في الخمسينات بعد الحرب العالمية الثانية وجدت حكوماتها انها قد تخلفت عن الدول المتقدمة عشرات السنين وبالتالي لجأت الى الاقتراض على نطاق واسع لتحاول اللحاق بالدول المتقدمة حتى بلغت ديون معظم الدول النامية مئات الملايين من الدولارات في المتوسط، واحيانا آلاف الملايين للدولة الواحدة.
3 وترتب على ذلك ارهاق ميزانيات الدول النامية نتيجة سداد اقساط القروض والفوائد السنوية بدرجة ان بعض الدول اضطرت الى تخصيص 30% من الدخل القومي لخدمة الديون الخارجية.
4 ونظرا لهذا الارهاق المالي الشديد الذي يؤثر على الخدمات الواجب تقديمها لمواطني الدول النامية فقد بدأت الدول النامية في التفكير في حلول اخرى يمكن بها القيام بالتنمية وانشاء المشروعات دون قروض دولية، ودون ان تتحمل ميزانية الحكومة اعباء جسيمة,وقد شجع على هذا الاتجاه انتشار اقتصاد السوق الحرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور نظرية العولمة.
5 ومن وسائل التنمية بالاعتماد على القطاع الخاص نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية Build Operate and Transfer المعروف بالاختصار B.O.T الذي يتولى فيه القطاع الخاص بناء المشروع بامتياز تمنحه له الحكومة ثم يقوم بتشغيله لمدة زمنية محدودة طويلة نسبيا 20 أو 30 عاما ثم بعد ذلك يقوم بنقل ملكيته للحكومة عقب انتهاء مدة الامتياز والدولة تستفيد فائدة مزدوجة من هذا النظام فهي تحصل في مقابل الامتياز على نسبة متفق عليها ولا تتحمل عبئا على ميزانيتها ثم تتسلم المشروع كاملا وسليما بعد انتهاء الامتياز.
6 وقد وضعت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي Uncitral اطارا كاملا لنظام BOT.
ولأهمية هذا النظام للدول العربية عموما فاننا نسلط الضوء عليه لفهم تفاصيله وعرض جوانبه المختلفة وبعض المشاكل التي تعترض تنفيذه بهدف استفادة السلطات والقطاع الخاص منه الفائدة المستهدفة.
خصائص نظام BOT
7 بموجب هذا النظام لا تضمن حكومة البلد المضيف تسديد اية قروض لتنفيذ المشروع وانما يتوقف امر سداد هذه القروض على العوائد التي يدرها المشروع وبالتالي تحول مخاطر المشروع الى القطاع الخاص ولذلك يتعين على شركة المشروع تنظيم التمويل والتحقق من ربحيته وهذان العاملان يؤديان الى مفاوضات طويلة ومعقدة حيث يواجه التمويل المشاكل من افتقار الضمانات السياسية كما يجب ايجاد الوسائل لتغطية المخاطر التي تواجه شركة المشروع والمقرضين عن طريق التأمين وغير ذلك من الضمانات.
8 وكون التمويل يتم من القطاع الخاص فانه ينجم عن ذلك تحويل مخاطر المشروع من الناحيتين المالية والصناعية الى القطاع الخاص مع استفادة الحكومة من الخبرة الفنية المتوافرة لدى هذا القطاع في تشغيل المشروع وادارته ادارة اقتصادية سليمة بحيث يكون من شأن المشروع ان يكون مربحا.
9 ومن خصائص نظام BOT وجود عدد كبير من الأطراف المتعاقدة فيه فتوجد الحكومة وشركة المشروع والمقرضون وشركة البناء، وموردو المعدات، ومستثمرو رأس المال الخاص بالحصص او الأسهم، والجهات المشترية لمنتجات المشروع، ومستخدمو تلك المنتجات, وعادة ما يتجمع نوع من الاتحاد Consortium، تتضامن فيه شركة البناء وموردو المعدات الهندسية والمستثمرون وجهة تشغيل المشروع.
ويتعين على الحكومة المضيفة ان تضع قاعدة سياسية مستقرة وتهيىء مناخا قانونيا مواتيا لقيام القطاع الخاص باستثمارات كبيرة على المدى الطويل ويتمثل ذلك المناخ في اصدار الموافقات والتصاريح الادارية المطلوبة بسهولة ويسر بعيدا عن البيروقراطية، مع توخي العدالة والموضوعية.
المشاكل القانونية التي تواجه تنفيذ مشاريع BOT:
10 قد تنشأ عقبات قانونية بسبب عدم وجود اطار قانوني وتنظيمي ملائم يجتذب القطاع الخاص للاستثمار على المدى الطويل في مشاريع BOT وحيث يتحمل المستثمرون والممولون من القطاع الخاص الجانب الأكبر من المخاطر المقترنة بأداء المشروع، فانهم يولون اهتماما بالغا لتوافر بنية قانونية تتيح لهم الحصول على عوائد مناسبة من استثماراتهم وتكفل تنفيذ الالتزامات التعاقدية المبرمة بين مختلف الأطراف.
11 وفي المشاريع التقليدية تطلب الحكومة العطاءات على أساس مشروع واضح المعالم ضمن مواصفات محددة مسبقا,على ان العطاءات في مشروعات BOT قد تكون سابقة على جميع أعمال التصميم واذا كان هناك افتقار الى مبادئ واضحة يمكن الاستناد اليها في تقييم العطاءات التي يرجح اشتمالها على حلول متباينة للمشاكل فان عملية المزايدة تكون طويلة ومكلفة, ويتعين على الحكومة ان تحدد بوضوح كيفية التعامل مع الاقتراحات التلقائية التي تقدم اليها.
12 ومن العراقيل الاخرى التي قد تعرقل تنفيذ مشاريع BOT الخبرة المحدودة للحكومة في التفاوض في وقت واحد مع اطراف متعددة يرتبط الكثير منها بعقود فيما بينها حيث من الواجب وضع اطار واحد لهذه العقود جميعا حتى لا تتضارب مع بعضها البعض مما يمكن ان يؤثر على نجاح المشروع ويؤدي الى النزاع.
13 وتستمد الاموال التي تستخدم في مشاريع BOT من الاقتراض من البنوك التجارية ومؤسسات التمويل، على ان تسديد الاموال المقترضة وحصول المستثمرين المساهمين على عوائد مجزية عن اموالهم يمتد على فترة طويلة من الزمن.
وبناء على ذلك فان مقرضي المشروع والمستثمرين المساهمين في راس المال يتوقعون من الحكومة المضيفة ان تبين بوضوح نيتها في تشجيع الاستثمار الخاص في الاجل الطويل وفي حماية الاستثمارات من المصادرة والتأميم.
14 وبالتالي فقد رأى الخبراء انه يجب على الحكومات المضيفة وضع اطارات قانونية سليمة تشجع الاستثمارات الخاصة وتكفل الحصول على عوائد مناسبة وذلك باصدار تشريعات تنظم الاستثمارات وان وضع هذه التشريعات لا يقتصر اثره على بعث الثقة في نفوس مستثمري القطاع الخاص الراغبين في المشاركة في مشاريع BOT، بل يسهل كذلك عمليات التفاوض بشأن هذه المشاريع لأنه في حالة عدم وجود هذه التشريعات فان اطراف كل عقد من عقود المشروع سوف يطلبون التفاوض بشأن عديد من الضمانات فيها مما سيزيد من تعقيد عملية التفاوض.
بحث : العمل المحتمل مستقبلا في مشاريع BOT: لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي: UNCITRAL مؤتمر قواعد وقوانين مناقصات البضائع والانشاءات والخدمات، ووسائل حل منازعاتها فندق شيراتون بالقاهرة في الفترة 9 10/12/1995م ص2 الى ص 6).
15 وبناء على ما تقدم فان الدول البيروقراطية وتلك التي تنتشر فيها الانقلابات العسكرية والنظم الشمولية يصعب القيام فيها بمشاريع BOT حيث تتغير القوانين لمجرد مشيئة الحاكم او الفريق الحاكم، مما يعرض المستثمرين ومقرضي المشروع وكافة الاطراف لمخاطر غير محسوبة، وهو ما يسبب ذعر رأس المال ولذلك يفضل هؤلاء اقامة هذه المشاريع في الدول الديمقراطية التي تكون الكلمة الاولى والاخيرة فيها للبرلمان.
16 وأشد عوائق تنفيذ مشاريع BOT التعقيد الاداري وتعدد الهيئات والجهات المختصة باصدار القرارات وكذلك ان يكون بالدولة المضيفة نظام لرقابة النقد مما يجعل تحويل العوائد للخارج عملية شاقة ومن المشاكل التي تعرقل انشاء هذه المشاريع سيطرة العصابات المنظمة على دوائر الحكومة والمرافق الاقتصادية في الدولة المضيفة وانتشار الفساد في موظفي الحكومة مما يجعل اطراف مشروع BOT تحت رحمة كل جهات الانحراف ولذلك يفضل هؤلاء دائما الدول التي يسود فيها حكم القانون وحسن أداء الموظفين الحكوميين لواجباتهم.
17 ومن التشريعات الواجبة في هذا النوع من المشاريع القوانين الخاصة بالملكية الخاصة للأرض وغيرها من الأصول الثابتة وتحويل الارباح وقابلية العملة للتحويل فضلا عن القوانين العامة والخاصة بتأسيس الشركات وقوانين العقود التجارية وقوانين المرافعات ووجود هذه التشريعات من شأنه ان يزود المشاركين في مشروع BOT بأسس قانونية سليمة وواضحة للقيام باستثماراتهم بسهولة واطمئنان والى التقليل من مخاطر الاستثمار وتخفيض تكاليف المشروع.
18 ورأى الخبراء انه من الافضل اصدار قانون عام ينظم اقامة مشاريع BOT يتضمن قواعد عامة بدلا من اصدار قانون خاص بقطاع معين حتى لا تضطر الحكومة الى اصدار قوانين جديدة بمناسبة تنفيذ هذه المشاريع في قطاعات جديدة اخرى.
الجوانب المتعلقة بالتوريد:
19 تعتبر الوسائل التي يتم بها التوريد بالغة الأهمية حتى يكون المشروع مجديا اقتصاديا ونوعيا وان يتم انجازه بتكلفة معقولة.
وبسبب الحجم الكبير لمعظم مشاريع BOT فان اجراءات المناقصات والمزايدات الخاصة بها تكون صعبة وباهظة, وبالتالي فان المشاركين فيها يفضلون عدم الاشتراك في عمليات التوريد الا ان كانوا واثقين تماما من نزاهة العملية وشفافيتها وغالبا لا تستطيع الحكومة المضيفة صياغة مجموعة كاملة من المواصفات كأساس لتقييم العطاءات فيضطر مقدمو العطاءات الى عرض حلول تكنولوجية بديلة للحلول التي تهدف لها الحكومة.
20 وقد تحل الحكومة المضيفة المفاوضات كبديل للتنافس وقد يترتب على ذلك اجراء مفاوضات مطولة تشترك فيها اطراف متعددة في نفس الوقت مما قد يزيد من احتمالات التعسف والانحراف.
لذلك فمن الضروري ان تضع الحكومة مبادئ توجيهية عامة واضحة وشفافة قائمة على أسس توريد موضوعية وتتجنب المفاوضات غير المحكمة من حيث الاطار والشروط.
ويجب ان يكون للجهة التي تقوم بالتوريد نظام واضح كذلك حتى تستند اليه في فهم طريقة تقديم العطاء حيث تختلف ظروف العطاءات اختلافا كبيرا في تصميمها ومواصفاتها التكنولوجية.
21 وتمثل الصياغة الصحيحة للصفقة المالية للمشروع اصعب واهم جانب في مشروع BOT لأن الجهات التي تقدم القروض للمشروع تحتاج الى ضمانات بوجود مصدر دخل مضمون لتغطية الديون وتكاليف تشغيل المشروع ثم توفير عائد مناسب للمستثمرين ولذلك تكون آليات الضمان الخاصة بتغطية مخاطر المشروع جزءا من الصفقة المالية.
المرجع السابق ص 9، 9، 10 .
التعقيد في عملية التفاوض:
22 تتميز مشاريع BOT بوجود عدد كبير من الاطراف المشتركة في تنفيذ المشروع مع وجود علاقات عقدية فيما بينها,ومعظم هذه العقود تمتد فترة طويلة من الزمن ويتضمن ذلك:
الاتفاقية الخاصة بالمشروع وانشاء تجمع الشركات Consortium وعقد الانشاءات وعقد الامداد بالمعدات وعقد التشغيل والصيانة وعقود التمويل وعقود التأمين والضمانات المالية وبالتالي فان المفاوضات لجمع عناصر الصفقة التعاقدية تكون معقدة ومضيعة للوقت مما يزيد في تكاليف المشروع.
23 والعقد الرئيس في مشروع BOT هو اتفاق الامتياز وبمقتضاه تمنح الحكومة الامتياز لشركة المشروع وينص على شروط الامتياز والمقابل المالي المستحق للحكومة ومدة التنفيذ وطريقة الدفع وشروط تشغيل المرفق وصيانة وقواعد نقل ملكيته الى الحكومة المضيفة في نهاية مدة الامتياز.
ومع ان الاتفاق يتم بين الحكومة وشركة المشروع فان بعض الاطراف الاخرى المشتركة في المشروع تكون مهتمة بشروط العقد ولذلك يهتم الممولون وشركة التشغيل بمدة الامتياز وشروط التشغيل حيث ان هذه الامور لها اثر في عمليات تسديد القروض وفي شروط التشغيل.
24 ولما كانت الحكومة المضيفة لا تسأل في حالة فشل المشروع فان جهة التمويل تتعرض الى المخاطر وبالتالي تدور المفاوضات حول توزيع المخاطر بين الاطراف حيث تسعى الجهات المقرضة الى تعهدات من شركة المشروع ومن الحكومة المضيفة بأن يكون المشروع مجديا اقتصاديا في المدى الطويل بعد تسديد الاموال المقترضة.
25 ويكون هدف جهات الاقراض نفسها هو التفاوض على مجموعة متكاملة من الضمانات تكفل ضمان تسديد القروض والاولوية على سائر دائني المشروع في اقتضاء قيمة القروض وقد ينص على حق جهات الاقراض في وضع اليد على المشروع في حالة وقوع تخلف عن السداد,ويهدف الممولون الى البحث عن ضمانات ضد المخاطر السياسية ومخاطر التضخم واحتمالات تحقيق قيمة العملة وذلك بالاتفاق مع هيئات ضمان الصادرات وتشترك في هذه العمليات عدة هيئات منها البنك الدولي والبنوك الاقليمية وبنوك ضمان الاستثمار.
المرجع السابق ص 12، 13 .
* مجلس الغرف السعودية.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved