أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th February,2001 العدد:10363الطبعةالاولـي الأحد 17 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

نوافذ
المهرجان
أميمة الخميس
لعل من ابرز مظاهر العولمة التي تحيط بنا وتطوقنا باصرار ودأب مهرجانات التسوق,,!! سواء على مستوى البلدان أو المدن أو الأسواق، هي تلك المهرجانات التي تحضر من خلال أسراب جرادية عارمة فتفد الينا عن طريق جميع القنوات الاعلامية وتستحث الغرائز البشرية البدائية حول امتلاك الاكبر والارخص والاكثر بريقا وخلال مدة زمنية محدودة وقصيرة والا فإن حلم الاقتناء الذهبي الجميل سيتبدد في أي لحظة ولن يدخل بيوتنا ومستودعاتنا منه شيء.
والمد الاستهلاكي العالمي الذي تمتطي صهوته العولمة بات معروفا ومتداولا بشكل واسع على مستوى التنظير، وصفارات الانذار التي تطلق بإلحاح بين الفينة والأخرى وحالة الرعب التي تتملك البعض عن عنقاء (تدعى العولمة) ستنقض على رؤوسنا في اي لحظة!! .
بينما هي بين اصابعنا ومقاعدنا وآنية طعامنا منذ مدد بعيدة ولا أعتقد ان المزيد من الكلام حول هذا الموضوع سيرفع البلاء او يزيل الغمة كما نعتقد، ولكن اعتقد اننا ما برحنا نملك الحق في رفع الاسئلة وعلامات التعجب.
فمهرجانات التسوق كما نعرف تحمل طابعاً استهلاكيا صرفا تتنحى فيه القيمة الانسانية للبشر ويحل بدلا منها السلعة كمنتج قابل للتداول والمقايضة، عندها تسخر جميع الوسائل والاساليب في خدمة ذلك المنتج الاستهلاكي والطريقة الامثل لتسويقه، ويصبح الفن (مع الاسف) مندرجا ضمن تلك الوسائل التي تفرقع في الكرنفال الكبير، والجميع يعرف ان الفنون بجميع اشكالها هي قيمة انسانية نبيلة وسامية، وتقدم ارفع ما توصلت اليه البشرية على مستوى النشاط الوجداني والفكري، ولكن ما يحدث في هذه المهرجانات ان هناك معجوناً اسمنتياً صلباً يصب على الفنون، وتصبح خامة صلبة وبلا ملامح، وتخدم القيم الاستهلاكية التي تروج للمثير والسطحي والساذج، الذي لا يرتقي بالأذواق أو العقول أو يتحداها أو يفجر مكامن طاقاتها، بل يلجأ الى استثارة الجانب الغرائزي وتجيره بغرض خدمة المستهلك.
فلو تأملنا الأنشطة الفنية التي تقام في مهرجانات التسوق على مستوى المدن العربية كمثال فإننا نصل إلى ان الحيز الذي تحتله هو هامشي وضئيل اضافة إلى عدم تبني المشرفين على تلك المهرجانات في خططهم الترويجية توجها يسعى إلى تقديم الفن الراقي المبدع الذي يحمل بين طياته قيما جمالية عالية، بل ينحصر جل اهتمام المنظمين على استقطاب الفنون التي تجلب العامة وتثيرهم دون ان تصنع شيئاً لأدمغتهم وأرواحهم فتستبدل كل هذا بأن تملأ خواءهم الداخلي بالمزيد من السلع والمقتنيات التي تزيدهم بعدا عن مراكزهم الروحية وعلاقتهم بالعالم من حولهم!!
مهرجانات التسوق هي إحدى (صراعات) العولمة وسواء شئنا أم أبينا فالعواصم العربية تتعاقبها بدأت واصرار عبر المسالك الترويجية المعهودة، وهناك الكثير من الذين يلتقمون الطعم بل يتهالكون عليه، ويعودون بمقتنياتهم وأعين شرهة جشعة تبحث عن عاصمة اخرى ومهرجان قادم!!
e-mail:omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved