أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th February,2001 العدد:10363الطبعةالاولـي الأحد 17 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

شدو
هل لديك فكرة؟!
د, فارس محمد الغزي
هل لديك فكرة بنّاءة تريد أن تطبقها غير انك متردد خشية مما قد تثيره من ردات فعل عكسية؟,, حسناً، دعنا نفترض - بالنيابة عنك! - أن فكرتك هذه تتلخص في التالي: هناك منطقة معزولة تشتهر باعتماد أفرادها على الطب الشعبي ورفض الطب الحديث رفضا قاطعا,, فكيف من الممكن إقناعهم بخطأ اعتقادهم في أن المرض النفسي هو (مس من الجن!) وبالتالي تبيان خطورة لجوئهم الى جلد المريض بالاكتئاب الى حد إغمائه (هو ومن تلبسه من الجن أيضا!!)، بل كيف نقنعهم بأن (المطرق على العترا!) لا يغني المريض بالسُّكّر عن الأنسولين؟,, ما هي خطوات النجاح في إحلال الطب الحديث في هذه القرية، فالحد من خزعبلات الطب الشعبي عن طريق اقامة مشفى حديث بهذه البيئة البدائية؟!
بادىء ذي بدء عليك ان تصطحب معك في رحلتك الشاقة هذه كافة (مستلزمات) التعامل مع بيئة معزولة عن كافة المؤثرات الحضارية متذكرا أنك سوف تتعامل مع مجتمع منعزل أفراده ينقسمون الى فئتين: فئة قليلة مؤيدة للتغيير الأجدى وفئة كثيرة رافضة له، بل إن ثمة من يقف بين هؤلاء وأولئك ممن هو رافض للتغيير (من أجل الرفض فقط!) غير مدرك لحيثيات ما يدور على أرض واقعه, إن وضعاً كهذا قمين بإمدادك بحقيقة تباين وتشابك معالم وأبعاد الدوافع والمواقف والسلوكات وذلك حينما يجد البشر أنفسهم وجها لوجه مع ما هو جديد على بيئتهم مصداقا للقول: الناس أعداء ما جهلوا، ولذا فعليك استكناه المزيد عن هذا الواقع عامدا الي تصنيف هؤلاء الأفراد حسب ما لديهم من مواقف وسلوكات تجاه (فكرتك)، باذلاً في الوقت نفسه غاية جهدك لفهم طرائق تفكيرهم وعاداتهم والقوى الفاعلة في أوساطهم,, وصولا الى ما يعرف علميا (بالثقافة المقنعة): ألا وهي ما هنالك من قيم وعادات تؤثر في أفكار وسلوكات أفراد المجتمع غير انها خارج إدراك هؤلاء الأفراد وذلك لكونها تعمل (خلف الستار) بطريقة غير مباشرة أو محسوسة، بل لا أحد - في الحقيقة - يعترف بوجودها لفظا أو كتابة رغم ما لها من تأثير بالغ, فعلى سبيل المثال، فمن خلال الثقافة المقنعة هذه ستتمكن من فهم أسرار سلوك (فئات!) بعينها ممن يتقبلون الفكرة ليلا وهم مفرغون إلى أنفسهم، ليبادروا فيعلنوا رفضها نهارا بمجرد أن يكونوا بين جماعتهم! ,, عليك بالتذكر كذلك أنه لا مناص لك من انتهاج سياسة (الاحتواء) في مثل هذه المواقف وبغض النظر عن مشاعرك الحقيقية وقتها، مستشرفا المزيد من القناعات، والمبادئ والمواقف، وردات الفعل حتى تصل الى الدوافع الحقيقية وراء (الرفض) سواء أكانت دوافع اقتصادية، قيمية ,,, الخ، مما يضعك الآن أمام مرحلة ما يعرف علميا بمرحلة (التحرك) نحو التطبيق العملي (للفكرة): فعلى افتراض انك الآن قد استطعت تَبيّن الدوافع الحقيقية للرفض - ولتكن على سبيل المثال دوافع اقتصادية - فلا تتردد عن صياغة فكرتك هذه وصبغها (باللون الاقتصادي) متذكرا أن (الحاجة) بمفهومها العلمي والنفسي والمادي تتجاوز حدود الاستهلاك المجرد الى مفاهيم أكثر عمقا كالأمان النفسي، ومشاعر العضوية، والانتماء الى المجموع، والاشباع بكل ما تحويه هذه الكلمة من حيثيات, الآن عليك امتشاق سلاح (التفريغ القيمي) اقتصاديا لما أنت بصدد تغييره، فتأكيد جدوى فكرتك عن طريق تجريبها تدريجيا متذكرا أن حقيقة انهاكك في (تشييد) شيء ما، لا ينفي حقيقة استغراقك في (تفكيك) شيء آخر,, هنا وقد شارفت جهودك نهاياتها، بادر بمنح من لا يزالون يعارضون الفكرة مهلة للتفكير,, متيحاً للمشاعر فرص الرضا، والألفة، والتقبل,, حتى القناعة عن قناعة,,!
للتواصل: ص,ب: 454 رمز 11351 الرياض.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved