أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th February,2001 العدد:10363الطبعةالاولـي الأحد 17 ,ذو القعدة 1421

محليــات

خاطرة الأحد
خواطر حول قضايانا المعاصرة
أحمد بن حمد اليحيى
ثالثا: الوظيفة والأجر
غني عن القول: إن الأمة التي تسعى الى تبوؤ مركز مستقبلي في هذا الكون لتكون شريكة فاعلة في صنعه من أجل تحقيق الازدهار والرقي لبنيها هي تلك الأمة التي تتعلم وتعمل وتفكر, ولقد تناولنا الثروة البترولية، ذات الطبيعة الناضبة, ثم في حلقة أخرى تناولنا الماء شحيح المصادر, ونستعرض الآن قضية الوظيفة التي تؤرق ليس الشباب فحسب بل الأمة جميعها.
القارئ الفاضل: الأمة التي ليس فيها وظائف يعني أنه ليس لها وجود, والدولة الغنية القوية هي التي جميع أهلها الذين في سن العمل مشغولون بوظائف بدءا من القيادة الى أصغر مواطن بما في ذلك النساء في منازلهن, فالمرأة في منزلها لا شك تؤدي وظيفة مهمة لو خرجت منه الى عمل آخر فستحتاج الى معاون لكامل الوقت أو جزء منه لتغطية بعض أعمال المنزل والاشراف على الصغار.
وميزانية الدول المتقدمة والقوية اقتصاديا عادة ما تشكل أجور ورواتب موظفي مختلف القطاعات فيها القدر الأكبر في بنود الإنفاق.
فعلى سبيل المثال تشكل نسبة الأجور والرواتب في ميزانية أمريكا أكثر من 70% فيما تشكل في بلد آسيوي مثل إندونيسيا وبنفس عدد السكان تقريبا نصف هذه النسبه, والتعليل في حالة أمريكا أن غالبية الشعب الأمريكي مشغولون بالانتاج, فالإنتاج هو الذي يحرك الاقتصاد وهو الذي يحقق هامش الربح ويدور رأس المال وبالتالي يوجد الوظائف برواتبها وأجورها, بل ونزيد على ذلك ونقول: كلما زاد عطاء السواعد الوطنية في قطاعات الانتاج في بلدهم زاد رخاؤهم ورخاء بلادهم, فعلى سبيل المثال القدرة الانتاجية للفرد في سويسرا تبلغ 35 ألف دولار في العام وفي الولايات المتحدة 31 ألف دولار، أما في مصر 1200دولار.
ومن العجيب أن بلدين أخوين متجاورين هما الكوريتان فإن فارق القدرة الانتاجية للفرد بينهما كبير فكوريا الشمالية ذات النظام الاشتراكي يبلغ فيها 430 دولاراً فيما كوريا الجنوبية ذات الاقتصاد الحر يبلغ فيها 6965 دولار.
في بلادنا لا نتحدث عن بطالة اقتصادية أي أن عدد الوظائف أقل من عدد طالبي العمل بدليل أنه يتواجد على أرضها اكثر من ستة ملايين عامل وافد.
وهذه من المنظور الوطني والانتاجي فرص عمل متدرجة للمؤهلين لها من طالبي العمل من المواطنين, أما من هو عاطل برغبته وشروطه فهو خارج إطار التقويم، هذا إذا لم يكن عبئا على الاقتصاد وهو الاحتمال الأكبر.
أما أن يبقى الشباب عاطلاً عن العمل فوق بحر من الفرص الوظيفية في بلاده فهذا وجه الغرابة, بل إن وجه الغرابة الاكثر ان نسمع بعض الشباب طالبي وظائف القطاع الخاص (يدندن) ببيت الشعر المصري الشعبي (أدام عيني وبعيد عليّ - مكتوب لغيري وهو ليَّ) ومن يسمع ذلك يتخيل إليه أن ثمة خللاً ما قد أصاب عملية التوظيف في بلادنا.
حتى نكون منصفين نقول: ان طالب العمل سيكون معذورا إذا حبست عنه الوظيفة وكان جادا في طلبها, ولكنه في نفس الوقت لن يكون معذورا إذا لم يسلح نفسه بالتأهيل العلمي أو التدريبي المناسب لتلك الوظائف معتقدا انه سينضم الى قائمة المشمولين بالضمان الاجتماعي, أما ملاك الوظائف أي أرباب العمل فإنهم لن يكونوا معذورين في حجب الفرصة عن المواطن المؤهل طالب العمل في حين اطلاقها للوافد.
أما الجهات الحكومية المختصة فإنها لن تكون معذورة أيضا لو أنها لم تهيئ الأنظمة وتسن التعليمات من أجل حفظ حق الأولوية للمواطن طالب العمل، ولكنها ستكون معذورة في حجب التسهيلات عن مالك الوظيفة الذي لا يتجاوب مع هذه التعليمات بل ومعاقبة من يخالف.
القارئ الفاضل: ندرك جميعا ان قضية الوظيفة ليست قضيتنا لوحدنا أو أنها قضية فريدة في بلد واحد وانما هي قضية شعوب العالم أجمع, كما ان وجود بطالة في بلد عندما يكون بمعدلات معقولة انما هو ظاهرة طبيعية تتولد من حركتين: الأولى: تدوير الاقتصاد,, والثانية:
تدوير قوة العمل, بيد ان الوضع الشاذ هو ان تظل السواعد والعقول الوطنية الشابة لا تقدم انتاجا لوطنها لأسباب مزاجية, كما ان الوضع الشاذ في قضية الوظيفة ان يظل ملاك الوظائف يركضون وراء الأجور المنخفضة ليضعوها في قائمة عناصر المفاضلة بين طالب العمل المواطن وطالب العمل المستقدم دون مراعاة تقديم الأجر الكافي للمواطن الذي يعيش على أرض وطنه ويستهلك دخله فيه متناسين حق أولوية المواطن ومتناسين مقدار التكاليف الاضافية على الأجر من رسوم ومصاريف التي تترتب على استخدام العامل الوافد بما في ذلك تكاليف التأمين الصحي قادم التطبيق.
يجب ان ندرك بأن احتلال مئات الألوف من الوافدين لوظائف في قطاعات الانتاج والخدمات في بلادنا انما هو وضع طبيعي من زاوية الحاجة، ولكنه في نفس الوقت لا يخيف لأنه مؤقت, فعملية توطين الوظائف (السعودة) قادمة تلقائيا بسبب دفع سوق العمل, ولكن المؤرق هو عدم مسارعة الشباب في الدخول الى سوق العمل والبقاء مترقبين خارجه في انتظار الأجر المطلوب, هذا الوضع يدل على تواجد قوة انتاجية وطنية معطلة لا تؤدي عملا فيما هي تتمتع بالخدمات التي تحصل عليها في بلادها,, في تقديرنا ان هذا خلل يستوجب سرعة إصلاحه.
لا يجهلنا جهود الحكومة المشكورة في دفع عملية توطين الوظائف (السعودة) إلا أن تدني معدلات الأجر لدخول كل وظيفة يظل عقبة أمام انسياب هذه العملية إذا لم يدرك أرباب العمل أن الأجر الذي يهربون منه انما سيدفعونه آجلا أو عاجلا حتى تصل كفايته الى مستوى تحقيق العيش الكريم للمواطن على أرض بلاده.
قضية التوظيف ليس من الحكمة اغراقها بالتعليمات الحكومية التي يخشى من فرط كثرتها إرباك العملية بكامل رمتها ومن ثم تأخيرها,, في رأينا ان مفتاح حلها في أكثره يقع بين طرفين,, الأول: صاحب العمل بأن يقدم الأجر الكافي ويمكنه الاسترشاد بكوادر أجور موظفي وعمال الحكومة بشكل تقريبي,, والثاني: طالب العمل بأن يؤهل نفسه تدريبيا ليناسب الوظيفة ومراكز التدريب العامة والخاصة متوفرة بحمد الله في بلادنا,.
لعل هذه في رأينا هي ميكانيكية التوظيف في كل بقاع الأرض حتى لوظيفة العتال والحمال التي لا تحتاج الى مهارات عقلية, ولو كانت الجهات الحكومية المختصة مقصرة في إيجاد الأنظمة واللوائح المنظمة للمناها ولكن قد يلحقها لوم فيما لو قصرت في معاقبة المخالف, والله من وراء القصد

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved