أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th February,2001 العدد:10363الطبعةالاولـي الأحد 17 ,ذو القعدة 1421

عزيزتـي الجزيرة

مَن الصديق؟
وصفة جديدة تجيب عن السؤال الكبير
قال الأحنف بن قيس لابنه: يا بني إذا اردت أن تؤاخي رجلاً فأغضبه، فإن أنصفك وإلا فاحذره .
وقالت العرب: إن الأحنف أحكمها، فهو أحكمهم، وفي نصيحته لابنه ما ينم عن مقياس ما في العلاقات الإنسانية، خصوصا في الصداقة .
ومبدأ أن تصنّف الناس بردود أفعالهم مبدأ صالح، دعك من الانطباع الأولي فقد يصدق وكثيرا ما يخطئ، ولكن نحن نمر في حياتنا بعلاقات عديدة وبخاصة على مستوى الاصدقاء، لأنهم بمحض الإرادة، فهناك علاقات من نوع آخر ربما تفرض عليك، ولكن الاصدقاء يختلف أمرهم، أعرف أحدهم يعرف عشرات الأصدقاء، ففي كل استراحة في الرياض له شلة وكلهم يطلق عليهم اصدقاء، وفي العمل مجموعة أخرى ويطلق عليهم أصدقاء,, ولكن من ذا الذي منهم سينصفك إذا أغضبته، لا أحد، وهنا تتضح الفروق بين العلاقات المتشابكة، فالأخ، والأب، والصديق، والأم، والزوجة، و,,,, إلخ,, من العلاقات المتفرقة جميعها علاقات ولكنها تخضع لتصنيف محدد في عقولنا.
ثم هل الصديق هو الحكيم، أم ذاك الذي تنفتح أساريرك عندما تقابله (حتى لو كان بينه وبين الحكمة ما بين المشرق والمغرب) لأنه ينقلك من أجوائك المملة التي تكالبت عليها غيوم الحياة ونمطيتها إلى أجواء من المرح ومن النقاش حول مواضيع الساعة أو حول الكرة (الأرض) أو حتى تلك التي تسجل أهدافاً وترفع أقواماً وتصرع آخرين, وحول سيرة الناس والعياذ بالله من الغيبة والنميمة حتى تنقضي ساعات النهار وساعات من الليل طويلة.
فمن هو الصديق؟ هل هو الذي يقولون عنه يأتي وقت الضيق؟ إذاً فالمقياس هنا على أساس المصالح المشتركة، فالصديق هنا هو الذي تلجأ إليه عندما لا تجد غيره في أي شيء يشغلك حسب ما يشغلك، هناك من يشغلهم المال، وآخرون لديهم المال غير أنهم يحتاجون الآخرين في أمور شتى ليس المال من بينها، ولا يأتي بها المال وحده.
إن الصديق الحكيم بحسب مقياس الأحنف بن قيس ربما لا يروق لكثير منا، تصور أن لك صديقا حكيما، كم سينتقدك، وكم من مجلس سيأخذك منه بحكم أن عقليات الناس فيه متدنية ونقاشهم يدور حول أشياء تافهة، وإذا خرجت معه من المجلس واشتكيت إليه ضغط شبكة الجوال سيعطيك محاضرة أخرى عن تفاهة المواضيع التي تدور في مكالمات الجوال، وإذا عنّ لك الخروج معه في جولة بشوارع الرياض وجّهك إلى أن ليس من العقل ان تستهلك الوقود وأن تشغل الشوارع باللف والدوران دون جدوى,, لذا سوف تمل منه وترى أن الحكمة في الصديق شر من الوقود بلا رصاص, وسترى أن الصديق من صدّقك ولف ودار معك لا من صَدَقَك.
ولأرى الصديق سوف أتجرد من كل المواصفات ومن كل المقاييس وأنظر له بعين سحرية تلك العين المتجردة إنها عيون العاطفة، فكل إنسان بصفته وشخصه يصلح له صديق من الناس بصفته وشخصه، فمقياسي للصديق هو ذاك الذي إذا كان لديك حدث سار سارعت إليه ليعلم فترى الحدث في كلامه وفي ابتسامته وفي فرحه، وهو نفسه من إذا وقعت فيما يكدر صفوك ثم رأيت الدنيا أمامك كلها تشير إلى الحزن ورأيت الأبواب موصدة نفسياً تذهب إليه لا ليحل مشكلة معينة، لأنك لم تشكُ من شيء بعينه وإنما تراكمات بسيطة فوق بعضها جعلتك ترى الظلام في هذا الكون الواسع ولا تستطيع تحديد سبب الظلام، وما أكثر ما نمر بهذه الحالة فنتمنى أنها مشكلة ونحلها ولكن المصيبة انك لا تراها فتخرج مكتئبا، فإذا لجأت أو تذكرت أحداً في حالتك تلك فهو بالتأكيد نفسه الذي لجأت إليه عندما لم تسعك الدنيا من الفرحة، إذا اتفق الشخص عينه فذاك هو الصديق.
أما إن تذكرت نفسك في كلا الحالتين وخرجت تهيم في الشوارع فرحا أو حزنا فأنت لا تحتاج إلى الأصدقاء، فهنيئا لك بنفسك، وما أقساك عليها.
عبدالعزيز يوسف المزيني
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved