أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 13th February,2001 العدد:10365الطبعةالاولـي الثلاثاء 19 ,ذو القعدة 1421

منوعـات

الرئة الثالثة
البيّن والمتشَابهُ,, في حرية التعبير!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
تحدثت قبل حين، عبر أحد اللقاءات الفكرية، حول حرية الكاتب في التعبير,, وتساءلتُ عما إذا كانت منحةً تُعطى أم حقاً يؤخذ، واين يبدأ وينتهي هامش التعبير لدى الكاتب، وهل يمكن اخضاع هذا الهامش للتقنين، ومن لدن من؟ وكيف؟!
***
تلك طائفة من التساؤلات تراكمت في خاطري زمناً طويلاً تابعت خلاله الطرح المكتوب وغير المكتوب حولها، فلم أقرأ ولم اسمع سوى نماذج من وجهات النظر تباينت طرحاً ومصدراً ومضموناً، ونتيجة لذلك لم يرس قارب فضولي الفكري الى يقين يعصمني من فتنة الشك!
***
من جهة أخرى، يمكنني القول، بقدر من اليقين، أن بين طرفي النقيض مما يباح ولا يباح من حرية التعبير أموراً متشابهات ما برح الخلق يسهر جراها ويختصم!.
* فهناك عقلاء يجزمون أنه لا توجد حرية تعبير مطلقة، مثلما لا يوجد حجب مطلق لها!
* وهي ليست مطلباً مطلقاً للحرّ المكلف العاقل لانه يجزم ايضاً أنها متى أطلق عنانها بلا نصاب ولا قيد تحولت الى معول هدم لا بِنَاء!.
* وهناك من يرى ضرورة وجود خطوط حمراء وشبه حمراء تحدّ من حرية الكاتب، وهذا أمر مشهود في أكثر من مكان وزمان.
* وهناك من يرى أن الأمر نسبي القياس، بمعنى أن حرية التعبير تخضع لثوابت ومتغيرات الاجتهاد الذي تمارسه هذه الجهة او تلك، سواء كانت تلك الجهة كاتباً او قارئاً او رئيس تحرير أو مسؤولاً عن الرقابة الرسمية او المجتمع بفئاته وتنظيماته وافراده!
***
* إذن لابد أن تكون حرية التعبير مقننة تقنيناً عقلانياً يتيح هامشاً كبيراً من التعبير، ويردع العبث به، فعلاً وفاعلاً ومتلقياً، ويكون ذلك عبر سلطة الدولة, وسلطة المجتمع، وسلطة القيم والأعراف والاخلاق، وفوق هذا وقبل هذا كله، سلطة المعتقد!
***
ومن ثم فإن أي مفهوم آخر لحرية التعبير يناقض هذا التصور هو في تقديري المتواضع، دعوة مفتوحة لمصادرة الحرية نفسها، وسحب البساط من تحت المتفيئين بظلها، ومن ثم حرمان المجتمع من قطوف الإبداع الذي تفرزه، لأن الحرية المطلقة تثمر شقاقاً بين اغراض وغايات يتعذر التوفيق بينها، وقد لا يحسم الخلاف بسببها إلا بالقوة المجردة، وتكون الحرية أول الشهداء !.
***
وحرية التعبير عندي مثل السلطة الإدارية، تؤخذ في الغالب ولا تُعطى، تحت سقف معين من الحيثيات والمواقف والمسوغات تتأتى في المجتمع الرشيد نتيجة مساجلات فكرية وحضارية سويّة دون أن يراق على حوضها دم الفرقة او تضرم في احشائها نار الخصام!.
***
* ولرئيس التحرير سلطة ظاهرة ومستترة في تقنين حرية التعبير في مطبوعته، فإما همّش مساحة التعبير مُسيّراً بهاجس القلق، أو وسّع ذلك الهامش مهتدياً بذكاء المهنة ومهارة القيادة لينعكس هذا ايجابياً على مطبوعته، وتطرح ما ينفع الناس ولا يضرها!.
***
* وهنا، يصح القول بأن مصدر الرقابة الصحفية ليس دائماً السلطة الرسمية، بل يمارسها رئيس التحرير او شخص او اشخاص متنفذون داخل غرفة القيادة في هذه المطبوعة او تلك، وقد يمارس الكاتب الرقابة على نفسه حين يغلو في توجس الحذر فيما يكتب، خشية الزلل، فيحرم نفسه فرصة الإبداع، ويحرم قراءه فرحة الاستمتاع بذلك!
***
وبعد,.
* فإن كل عاقل، مسؤولاً كان أو كاتباً أو قارئاً، يرحب بالنقد السويّ والموثق لهموم البلاد والعباد، ولكن بأسلوب حضاري يقوم على معادلة الصدق اولاً، والرغبة في الاصلاح ثانياً، وتقصي الحقائق من مصادرها ثالثاً ثم تفسيرها دون غلوّ في التأويل، ولا تهويل في الاستنتاج يفسد المعنى!
***
ولنتذكر في الختام أمرين:
الأول: أن أهمية الكتابة وفاعليتها، وما يترتب عليها من ردود فعل، سلباً أو ايجاباً، ليست دائماً فيما يطرحه الكاتب، بل في الكيفية التي يعبّر بها عنه!
الثاني: أن النقد البنّاء والدعوة للإصلاح حقّ مشاع لمن استطاع إليه سبيلاً.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved