أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st March,2001 العدد:10381الطبعةالاولـي الخميس 6 ,ذو الحجة 1421

الثقافية

على ضفاف الواقع
غادة عبد الله الخضير
النسيان هو الحرية)22(
من ذاكرية ملتهبة.. إلى ذاكرة أكثر التهابا!!!
أكثر توهجا!!
أكثر حمما!!
اغلق .. كتابي..
وها انذا مرة أخرى.. أنزل من درج متواضع لأمارس الحياة.. حياتهم كيفما كانت .. مثلما يريدون باختصار شديد..
)على مزاجهم(..
مرة أخرى.. تصرخ أمي في وجهي )بعد كل الجهد الذي بذلته لإرضائها(!!
أغلقت الكتاب..
ونزلت الدرج..
وقررت ان )أريح دماغي وأفعل ما يريدون(!
تصرخ في وجهي بقوة..
)كل واحد منكم في جهة لا غذاكم واحد.. ولا نومتكم واحدة ولا جلستكم واحدة.. والله عيال(..
تتركني وتذهب..
وأنا.. افكر في أمر واحد.. لقد أرضيتها.. فلماذا تذهب؟!!
.. اصعد الدرج مرة أخرى.. أني اصعد إلى ذاكرتي!! اصعد.. وأنا أكرر.. ما قالته أمي..
لو تعلمين أمي أن مشاعري منذ زمن بعيد.. اصبحت فارة.. هاربة مذعورة.. لكل منها شأن يغنيها.. لكل منها واد تهيم فيه .. مشاعر فقدت منذ زمن.. كل ما يربطها بالعالم.. وسكنت قالبا من الثلج!!
لكني الآن أمي..
أعود إليك.. أعود إليك وأنا أحمل.. جنينا صغيرا لمشاعر جميلة أحس بها.. ولا أعرفها لو تعلمين أمي.. أني أضع ذلك الجنين الصغير في رحم بسيط.. موطنه قاع أوردتي.. أخاف عليه أمي.. من... أن يفسدوه أو يبعثروا توحده.. ان تنتقل إليه عدوى الانفصال!! أخاف عليه أمي.. فلقد فشلت مشاعري في أكثر من اختبار.. للتوهج.. للغد.. للحياة.. للحرية.. ولا أريد لجنيني الصغير اجهاضة مبكرة من عمر الحياة!!!
دعواتك أمي أن لا يدخل شعوري هذا زمرة )عيال..( فيشوهوا معالمة ويصبح ذلك الشعور رمزا.. لانكسارات ثابتة.. ومزارا )تتسكع فيه الذاكرة بلا رحمة( !!
لا أريد أن احفر في ذاكرتي نفقا جديدا ينتهي بغرفة مظلمة.. تمتلىء بالصور التي تؤخذ لأحلامنا فيشمت فيها لحزن بعد ذلك لأفراح محنطة تحولت لمشاريع فاشلة للفرح!!
منذ وصولي وأنا أحاول إلهاء الذاكرة عن كل ما يثير التهابها.. ما يفسد عليها تأمل جنينها الصغير.. اكرر لنفسي ما قاله جبران خليل جبران:النسيان هو الحرية..
النسيان هو الحرية..
النسيان هو الحرية..
أصبحت عباراته نشيدي اليومي.. وقوتي الذي التهمه لتتخم قناعاتي به
أن تكون لك.. ذاكرة شامخة كالنخيل..
واسعة كالنفود..
راسية.. كالجبال..
متدفقة كشلال
غائرة.. كجرح في منتصف الروح..
عندما تمتلك ذاكرة كتلك!
يارب.. هل على رؤوسنا السلام!!.. ومن أين سيأتي السلام!!
الآن!!
هنا!!
أتمنى أن تدفن ذاكرتي في )الأرض السابعة( اشم رائحة احتراقاتها.. فأبتسم.. ابتسم لأنني أتذكر .. فقط.. فقط.. أن تلك التي تحترق ذاكرتي!!.
*****************
اليوم .. كان عيداً الأصدق حسب التقويم ما زال يوم عيد!! قررت أن أكافئ نفسي بشيء ما، رأس اطلقه للريح تبعثر منه ما تشاء.. وتبقي إن أرادت ما تشاء..
نظرت.. إلى نفسي في المرآة.. )كل عام.. وأنت بخير( .. خطت تلك العبارة على ورقة.. علقت على المرآة.. بدون.. اسم..بدون.. توقيع..وربما.. بدون نفس!!
أزحت الورقة.. تأملت تلك التي ظهرت على صفحة المرآة.. لم أرها منذ زمن.. لكنني سألتها..
)أكل عام.. وأنا بخير!!( ..
لم انتظر كلماتها الاجابة لقد كان كل الكلمات لدي.. دون هدف.. أو معنى!!
كل الأسئلة.. لم تعد تنتهي بعلامات الاستفهام .. لتتقنها أن.. لا اجابة شافية.. لرأس يناقس الأرض في دورانها حول.. نفسها.. حول لا شيء!!
تركت تلك التي في المرآة .. ولا أعرفها.. عدت إلى ذلك... الشعور الجميل الذي سكن رحما صغيرا.. في قاع أوردتي.. ذهبت إليه..
وشوشته.. كل عام.. وأنت تكبر بسلام..
ابتسم لي.. فبكيت.. أراد أن يقول شيئا.. لكنه آثر الصمت اهداني طوقاً من الورد.. تذكرت اني أهديت مثله )لفرحي( يوم كان الزمن جميلا.. وها هو اليوم يقدمه لي.. لأقدمه.. )لفرحي( ترحما عليه!!أغراني.. كي أبعثر أوراقه في الذاكرة.. أغراني أن أنشىء أول مقبرة في ذاكرتي..
اضع فيها خيطاً وإبرة.. وجرح فشلا في رتقه!! ثم اردمها. انشر عليها وريقات الورد.. تلك التي وضعها جنين المشاعر بين كفيّ
.. وأمضي للنسيان!!
للحرية!!
لحريتي!!

أعلـىالصفحةرجوع






















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved