أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 3rd March,2001 العدد:10383الطبعةالاولـي السبت 8 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

حول تفعيل النموذج التنموي في المملكة
مندل بن عبدالله القباع
إن المملكة العربية السعودية تنتج نموذجا إسلاميا للتنمية الشاملة والمستدامة، سبق ان عرضنا له مرارا، فهو نموذج ينأى بمعطياته عن تلك النماذج التي تنتمي لأيديولوجيات مختلفة لا تخرج عن كونها نظرية أو أكاديمية لم تضع التطبيق والتجربة في أوليات تشكلها قدر استنادها لأفكار فلسفية، ومناحٍ سياسية وآراء نظرية بحتة وما أكثرها انتشارا في دول الشرق والغرب المتقدم ودول العالم النامي.
أما غاية التنمية في مجتمعنا المسلم فهو الاشباع، ونعني به اشباع فئات المجتمع المختلفة لحاجاتهم الأساسية. والكل أمام هذا الاشباع سواء لا فرق بين فئة وأخرى أو مستوى وآخر.
وهذا يعني التأكيد على كينونة الإنسان كون انه إنسان.
وترتكز العملية التنموية في المنظور الإسلامي على عدة اعتبارات نذكر منها: أنها عبارة عن سلسلة متعاقبة من العمليات التي يتحول المجتمع من جرائها من مجرد مجتمع بسيط الي مجتمع معقد في مكوناته البنائية، وعملياته التطبيقية، ويتم ذلك التحول في ضوء معايير المجتمع وقيمه الأخلاقية، وجميعها تدور حول التغيرات النفس اجتماعية ومن هذه المعايير أنها توجيهية لإمكانية تطوير الأداء وترشيد سلوك الانجاز وصولا لهدف التنمية الأصيل وهو الاشباع، وأنها نشاط فاعل يتضمن مجموعة من الاجراءات الهادفة المعنية ببلوغ الهدف. وأنها تخطيطية تهتم بالربط بين اهتمامات مواطني المملكة ودرجة وثوقهم في المخططات التنموية، وعملهم من أجل إحقاقها وتلقيهم لنتائجها فهي منهم ولهم.
بهذا الشكل تكون التنمية عبارة عن تحول وضبط وتنظيم اجتماعي في الأساس قبل أن تكون توجها اقتصاديا حيث تعتمد على المعتقد الوطني وارتباط المواطنين الوجداني في كونها عملية تستهدف الاصلاح والتقدم القائم على النسق القيمي المعاييري الذي ترفع لواءه المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي النائب الأول وصاحب السمو النائب الثاني وحكومتنا الرشيدة.
والجدير بالذكر انه منذ بدء الخطط التنموية في المملكة وهي تضع في حسبانها البعد الجغرافي والايكولوجي والديموجرافي مصاحبا للبعد القيمي المعاييري.
وإزاء ذلك ندعو المسؤولين عن وضع الخطط التنفيذية المباشرة تفعيل هذا النموذج من خلال: أولا: السعي نحو الاتساع الأفقي بإثراء شبكة الخدمات التي تتكون من التعليم والصحة والنقل والإسكان.. وغيره من خدمات لتكون مواكبة للاتساع الرأسي في الزراعة والنفط وصناعة البتروكيماويات وحديد التسليح والبلاستيك وغيرها من صناعات وتطوير التكنولوجيا البسيطة والرقي بها لمستوى التكنولوجيا العالية. ثانيا: العمل على تفعيل دور الوحدات القائمة للخدمات المباشرة في الأنساق الخدمية ومنها الخدمات التأمينية والصحية والتعليمية والارشادية والشبابية والرعائية المختلفة التي توليها حكومتنا الرشيدة اهتماما متزايدا وبخاصة أنه يفرد لها جانب كبير من ميزانية الدولة، والعمل على رفع كفايتها الانتاجية بالقدر الذي يخدم قطاعات جمهورها من المواطنين المستفيدين منها. ثالثا القيام بالعمليات القياسية المستمرة لقياس الحاجات الاجتماعية الملحة في مجتمع المملكة وحصر الامكانات المتاحة في البيئة المجتمعية وتوجيهها لسد الحاجات التنموية المهنية، وتشكيل اللجان الفنية المختصة بكل قطاع من قطاعات الخدمات وتزويده بالبيانات والمعلومات والحقائق التي تفيد في وضع هذه الخطط التنفيذية وعملياتها المباشرة، والاشراف والمتابعة لقياس المردود الفعلي منها.
رابعا: الاهتمام المكثف بتفعيل شبكة المواصلات الجوية والبحرية والبرية لتكون مناسبة لسرعة التنقل، وربط مدن المملكة الشاسعة بأقل جهد، وبأزهد تكلفة مع الاهتمام بادخال شركات جديدة متخصصة في مجال النقل والمواصلات لرفع كفاءة الأداء وتميزه، ورصف المزيد من الطرق وصيانتها وإقامة الوحدات الخدمية اللازمة عليها، ونقاط الاسعاف والاتصالات المباشرة والمرافق لتأمين وسلامة الحركة عليها.
خامسا: الارتقاء المحسوب علميا وانتاجيا بشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية وإنشاء المزيد من مراكز الاقمار الصناعية وإدخال شركات تنافسية للارتقاء بالخدمة في مستواها الأدائي والانجازي ومردودها الاجتماعي لخدمة مستخدميها من المواطنين وغيرهم في الداخل والخارج. سادسا: الاهتمام بوسائل الانتاج الحديثة والعمل على إدارتها ادارة حديثة وبكفاءة تدعو لمزيد من مؤسسات الإعداد والتأهيل لتخريج الكوادر القادرة على تفعيل آلياتها وحسن تشغيلها. سابعا: الاهتمام كذلك بإنشاء المزيد من الكليات الفنية والمعاهد المهنية، والمراكز المتخصصة لتخريج قوى بشرية يمكنها نقل المملكة من واقعها الآني الى طور صناعي تكنولوجي يتناسب مع ما هو قائم لدى تلك الدول التي سبقتنا في مضمار التقدم خصوصاً تلك الدول التي نهضت على الصناعة التحويلية أو التقليدية والمنتجات الاستهلاكية جنبا الى جنب مع الصناعات الدقيقة والرفيعة، ويتوجب على خبرائنا ان يدلوا بدلوهم في هذا الميدان الذي نتطلع اليه لأنه مرغوب فيه.
وأخيرا نقول إن قضية التنمية في مجتمعنا تفرض نفسها على كافة الاختصاصيين في الاجتماع والخدمة الاجتماعية، وعلماء الاقتصاد والصناعة والانثروبولوجيا لوضع اسهامهم في جعل النموذج الإسلامي التنموي دافعا للتوافق مع معطيات مرحلة جديدة في عالم جديد لألفية جديدة، عالم العولمة لما له من اعتبارات عديدة جديرة بوضعها في الحسبان.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved