أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 3rd March,2001 العدد:10383الطبعةالاولـي السبت 8 ,ذو الحجة 1421

الركن الخامس

ذكريات الحج
د. زيد بن محمد الرماني *
إذا كانت الصلاة والزكاة والصيام مراتع خصبة شرعها الله عز وجل ليتزوّد منها المسلم بالمثل الاخلاقية التي عليها صلاح دينه ودنياه.
إذ في اتحاد المؤمنين في هيئة الصلاة أقوالها وأفعالها، وقيامها وركوعها وسجودها، وأوقاتها ومساجدها واتجاهها.
وإذ في الصيام وحدة شهره، ووقت الإمساك فيه من فجره الى غروبه، ومراقبة الصائم لجميع جوارحه وتزكيتها وتطهيرها.
وإذ في الزكاة قضاء على الأنانية المادية وتدريب على البذل والعطاء ، لتقوى آصرة الاخوة الاسلامية بين المسلمين.
اذا كان في هذه الاركان الثلاثة ما به يتطهر الفكر البشري من الانعزالية والانانية وما به يتشبع بروح التواصي والتعاطف، ففي الحج ايضا من هذه المعاني ما يزيد هذه الوحدة والمساواة بين المؤمنين قوة ورسوخا .
يقول الاستاذ الحاج احمد الحبابي في كتابه «مرونة الاسلام» في مكة وحول الكعبة في الطواف وفي السعي بين الصفا والمروة وفي عرفة وفي المزدلفة وفي المشعر الحرام وفي منى وفي رمي الجمرات يجتمع المؤمنون على صعيد واحد وفي نظام ولباس واحد وتلبية موحّدة.
وفي شعور المؤمنين بأن مكة بلد الله الحرام هي للمسلمين جميعهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم كل هذا وغيره يحقق للمؤمنين في موسم الحج وحده المظهر وعن ذلك تنشأ الوحدة الروحية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية.
وفي لباس الإحرام المتحد الخالي عن التجمل والتباهي وفي التشعث والتغبر يقضي المؤمن على أنانيته والتفاخر والتعالي.
وفي ذلك تذكّر بموقف الناس بين يدي الله عز وجل حفاة عراة من كل شيء يوم العرض والحساب يقول سبحانه )يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية( الحاقة/18.
ان المقصود الاعظم من أداء فريضة الحج هو امتثال امر الله تعالى كما امتثله خليل الله أبو الانبياء إبراهيم عليه السلام حيث امره تعالى بإقامة هذا الموسم العظيم وبأن يؤذن في الناس بالحج يقول عز وجل: «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات( الحج/28.
ومن المعلوم، ان مشروعية الحج قديمة في هذه الامة الاسلامية قدم الصلاة والزكاة والصيام منذ رسالات الانبياء عليهم السلام يقول سبحانه )ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام( الحج/34.
ان أهم ما ينبغي ان يتذكره المؤمن وهو يؤدي فريضة الحج هو تلك العقيدة الصافية النقية من كل الشوائب عقيدة التوحيد التي امر الله عز وجل بها خليله إبراهيم عليه السلام بعد ما بوأه مكان البيت وارشده الى قواعد الحج ومناسكه يقول تعالى )وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا( الحج ./ 26.
وفي الاماكن المقدسة والبقاع المباركة يتذكر المؤمن إبراهيم الخليل عليه السلام وهو يدعو ربه في ضراعة وخشوع )ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا( البقرة/128.
ويتذكر أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام برفع القواعد قواعد البيت الحرام وامتثاله أمر ربه يقول سبحانه )وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم( البقرة/127.
وفي تلك المواطن الطاهرة يتذكر المؤمن ذلك الابتلاء العظيم حيث امر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام بذبح ولده إسماعيل )فلما بلغ معه السعي قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى( الصافات/102.
فيستسلم إسماعيل لأمر الله وقضائه ويقول: )يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين( الصافات/102.
ثم تكون عاقبة صبرهما وامتثالهما أن فداه الله تعالى بذبح عظيم وأن شرف خليله بندائه )أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين( الصافات/105.
ويتذكّر المؤمن وثوق إبراهيم عليه السلام بربه وضراعته حينما انزل ولده وزوجته قرب الكعبة على غير زاد )ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم( إبراهيم/ 37.
ويتذكر هاجر وابنها عندما نفد الزاد القليل والطعام والماء اذ قامت تسعى بين الصفا والمروة لعلها تجد ما تسد به رمقها وولدها حتى استكملت سبعة اشواط.
كما يتذكر الحاج في تلك المواطن الطاهرة نزول القرآن على خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم وما عانى من كيد وأذى ومؤامرات من اجل نشر الاسلام ومحو آثار الشرك.
وباختصار فشعائر الحج ومواطنه كلها عبر وحكم وذكريات.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الاسلامي عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية عضو جمعية الاقتصاد السعودية

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved