أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th March,2001 العدد:10385الطبعةالاولـي الأثنين 10 ,ذو الحجة 1421

الاقتصادية

إدارة عشوائية.. وليست بيروقراطية
حمد بن سليمان البدراني
تواجه الادارة في القطاعين الحكومي والخاص مجموعة من التحديات متمثلة في انخفاض مستوى الانتاجية ونقص في الموارد المالية في الوقت الذي تزيد فيه تكاليف التشغيل، وتستخدم اساليب غير فعالة، ويتدنى مستوى الرضا لدى العاملين في المنظمة والمتعاملين معها. ولما يترتب على تجاهل هذه التحديات من انهيار المنظمة فإنه لابد من التصدي لها للمحافظة على البقاء وبعدها يمكن التفكير في امر المنافسة لتكون اعادة بناء الادارة وفق مراحل نمو متدرجة، ومؤسسة بطرق سليمة ومعالجة بوصفات ادارية مجربة بنجاح.
يرى الشاذلي ان المملكة العربية السعودية قد حققت انجازات تنموية كبرى خلال فترة زمنية قصيرة ربما كانت تحتاج الى عشرات السنين في اي مجتمع آخر تتوفر له نفس الامكانيات. ويمكن القول بان التجربة السعودية تجاوزت المراحل التي ضمنها المتهمون بدراسات التنمية فحرقت عدداً من مراحل النمو لتقفز الى واقع جديد. اما الهيتي فيرى انه، خلال ربع قرن من التنمية كان التركيز منصبا على اقتناء الجانب المادي من التكنولوجيا المتمثل بالمعدات والآلات بوصفها الركيزة الاساسية للتقدم الاقتصادي، ادى ذلك الى إهمال الجانب المعرفي الذي يمثل التعليم والتدريب الركيزة الأساسية له، فكانت النتيجة مزيداً من التبعية التكنولوجية. لذا فان حرق المراحل واختصارها نظرا لوفرة المال مرحلة الطفرة ، قلل من امكانية معالجة مضامين التغذية العكسية حول التنمية، فكان تصحيح الاخطاء والانحرافات في العمل او الخطط يتم بموجب دفع تكاليف جديدة بدلا من محاسبة العاملين على ادائهم وتحميلهم مسؤولية الاخطاء التي يقعون فيها، وبالتالي لم تتضمن تلك المراحل سوى القليل من آليات التعلم، كما وإن عدم توفر الغطاء المعرفي الذي يسند الكم التقني، ادى لمزيد من التبعية والارتباط بالدول المنتجة للمدخلات التقنية.وبالرغم من الانجازات التي حققتها ادارة القطاع العام )الحكومي( في الكثير من مجالات التنمية بالمملكة العربية السعودية، فإن قدرته على مسايرة احتياجات المنتفعين المتجددة والمتزايدة الى خدماته لم تكن على الوجه المطلوب، نظرا للجمود والسيطرة البيروقراطية التي تهيمن على الاجهزة الحكومية وتجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات المواطن بالجودة المطلوبة، لأن النموذج الاداري السائد هو البيروقراطي ويكتنف تطبيق مبادئه العلمية والعقلانية قصور لذا فهو يعطي نتائج عكسية للمتوقع منه والمأمول فيه.
عندما قدم عالم الاجتماع الالماني ماكس ويبر نظرية البيروقراطية في الادارة وضع لتطبيقها اربع عشر مبدأ من بينها توزيع العمل على اساس تخصص العاملين. ومع ان الدول غير المتقدمة لم تطبق المبادئ البيروقراطية، الا أنها اسبغت على نفسها تجاوزا الصفة البيروقراطية.
ويمكن ملاحظة القصور في تطبيق المبادىء عند اسناد المهام الادارية لأشخاص ليس لهم علاقة بالتخصص الذي يمكن أن يؤطر المهمة. ومن ذلك اسناد ادارة شؤون الموظفين لمن لا يملكون مؤهلا علمياً في ادارة الموارد البشرية، ولا في ادارة شؤون الموظفين، كذلك لا توجد خبرة ملموسة في ذات التخصص. وهؤلا يتحكمون في ادارة قاصرة لخدمات الموظفين من ترقية وتنقلات وغيرها.ومن مظاهر التطبيق القاصر لمبدأ التخصص اسناد مهام الادارة القانونية ومهام الاستشارات فيها لاشخاص لا يملكون مؤهلا في القانون وما يتعلق به وأيضا لا يملكون خبرة ملموسة فيه. ومع ذلك يفسرون القانون ويقدمون الاستشارات التي غالبا تكون سالبة للحقوق. ولايصرفون المفتاح الذهبي ).. الا اذا( الا لمن يرتبطون معهم بوشائج المودة والصداقة والمصالح المتبادلة.. ومن الممارسات العملية في هذا السياق ان وزارة الخدمة المدنية تقدم خدماتها الاستشارية بأكثر من وسيلة من بينها مجلة الخدمة المدنية وأيضا عن طريق المكاتبات الرسمية مع الوزارات الاخرى وهذا جهد تشكر عليه، لكن الامر الملفت للانتباه هو تعارض مضمون الاستشارة المنشورة في المجلة مع مضمون الاستشارة بالمكاتبات الرسمية، حيث حجبت في الاخيرة الشطر الآخر من النظام )القانون( وبذلك صدر قرار اداري تطبيقي لازم التنفيذ يسلب حق موظف رغم مشروعية ذلك الحق قانونيا.وخلاصة القول فان الادارة الممارسة حاليا في كثير من جوانبها ادارة عشوائية توجهها في غالب الاحيان مصالح شخصية واقحمت البيروقراطية قسرا فيها دون ان يكون لمعظم مبادئها حظ من التطبيق.. لذا فهي المتهم البريء الذي لم يستطع الدفاع عن نفسه؟.. ومن ثم فان الحل المناسب اما تصحيح النموذج العشوائي بتطبيق المزيد من المبادئ البيروقراطية المهملة بطريقة سليمة.. او التحول الى نماذج ادارية اخرى.. فلا يوجد ماهو غير ممكن طالما توفرت الادارة الصادقة والسلطة الداعمة للافكار البناءة.

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved