أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 9th March,2001 العدد:10389الطبعةالاولـي الجمعة 14 ,ذو الحجة 1421

أفاق اسلامية

نبض المداد
ماذا بعد أدائك لفريضة الحج؟!
أحمد بن محمد الجردان
ها هو الستار يسدل معلناً نهاية موسم حج بيت الله الحرام، وها هم الحجاج قد عادوا إلى أهليهم وذويهم بوجوه غير التي ذهبوا بها وبقلوب غير التي ذهبوا بها أيضاً، لقد عادوا بوجوه كلها نور وضياء، وبقلوب متعلقة بالله رب الأرض والسماء ورب كل شيء ومليكه، عاد كل واحد منهم يحدوه الأمل بأن يكون ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه: )من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه( متفق عليه.
عادوا والعود أحمد ولله الحمد والمنة ولكن ياليت شعري ماذا بعد هذه العودة؟! فثمة أسئلة عديدة جدير بكل حاج أن يطرحها على نفسه منها: ما هي حالي بعد عودتي من الحج؟! يا ترى هل أقلع عن ذنوبي التي كنت مصراً عليها قبل الحج؟! وذلك لكي أواصل المسير في ركب الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، ذلك الركب المبارك الذي عشت في عالمه المفعم بالايمان وطاعة الرحمن ليالي وأياماً معدودات، فقد كنت ممن لا تفوته تكبيرة الاحرام خلف الإمام، وقد كنت أجلس في مجالس تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة ويذكر الله الجالسين فيها فيمن عنده جل وعلا، وقد كنت أقضي جل وقتي تالياً للقرآن ومتدبراً له ذاكراً لله وحده ومصلياً على رسوله صلى الله عليه وسلم، حريصاً على أذكار الصباح والمساء بعيداً كل البعد عن الزور المسموع والمرئي منه والمقروء، فلا أسمع غيبة ولا نميمة ولا غناء ولا طبلاً ولا زمراً، كما أني لا أرى النساء المتبرجات ولا تكسر المغنين والمغنيات الأحياء منهم والأموات، ولا أرى ولا أسمع ما يحرك مشاعري ويؤجج أحاسيسي!!، هل أواصل تلك السيرة الحميدة أم يا ترى آعود على ما كنت عليه قبل أدائي لفريضة الحج؟!!
إنها أسئلة صريحة جداً جدير بك أيها القادم من أداء فريضة الحج للتو ألا تطرحها على نفسك إلا عندما تخلو بها وتكون صافي الذهن مطمئن النفس لتكون صادقاً مع ذاتك وما أجمل الصدق مع الذات فكم نحن بحاجة ماسة إليه!! فإن كنت ترى من نفسك عزماً على مواصلة تلك السيرة الحميدة ودافعاً قوياً على فعل الخيرات وترك المنكرات فبشراك بشراك أيها الحبيب فذلك وربي هو الميلاد الجديد ذلك الميلاد الذي لا يعرف معناه إلا السعداء الذين يجد الواحد منهم في نفسه حلاوة الايمان تلك الحلاوة التي لا توازي لذاتها أي حلاوة ولذة فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار» رواه البخاري وذلك الميلاد الحقيقي له شهادة كما هي الحال لأي ميلاد، عنوان تلك الشهادة التوبة النصوح ولا تمنح هذه الشهادة إلا لمن أقلع عن ذنوبه الحاضرة وندم على ذنوبه الماضية وعزم عزماً صادقاً لا شك فيه على عدم اتيانها في مستقبل أيامه، والبراءة من حق صاحبه إذا كان الذنب يتعلق بحق آدمي، هذا كله إذا كنت ترى في نفسك بعد أدائك لفريضة الحج عزماً على مواصلة تلك السيرة الحميدة ودافعاً قوياً على فعل الخيرات وترك المنكرات، أما إذا كنت ترى في نفسك بعد أدائك لتلك الفريضة ميلاً لاقتراف المعاصي وعزماً على الامعان فيها والاصرار عليها فلتعد عاجلاً غير آجل إلى رشدك ولتتذكر قوله تعالى: )ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً( )92 النحل(، لتواصل سيرتك الحميدة في الحج بقية عمرك قبل أن يدركك الموت وأنت مقيم ومصر على معاصيك، وكن أيها الحبيب من التوابين دائماً وابداً ولا تنس قوله تعالى: ) وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى( )82 طه(.
لذا فالزم التوبة تكن أسعد السعداء، واعلم علم اليقين أن عبادة الله وطاعته ليس لها موسم معلوم وليس لها أيضاً موعد معلوم تتوقف فيه بل هي مستمرة معك أيها الحبيب ما استمر عقلك، لذا فليكن شعارك قولاً وعملاً في سرك قبل جهرك: )قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين( )162 - 163 الأنعام(.
أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved