أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 14th March,2001 العدد:10394الطبعةالاولـي الاربعاء 19 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

مداد العقل
عامة زماننا
د. سليمان الرحيلي
لكل عصر ومجتمع عامته في كل زمان ومكان ولكن الذي يختلف بين العصور والمجتمعات هو نوع تلك العامية ومستواها ودرجة تأثيرها، وفي مجتمعات مثل اليابان كانت تسعى منذ الربع الأخير من القرن الماضي الى أن تقضي على أمية الحاسب الآلي وأن تقلل من العامة فيه حتى نجحت أو تكاد، وفي مجتمعنا كنا منذ نصف قرن تقريباً نسعى جاهدين للقضاء على الأمية أمية القراءة والكتابة ونجحنا في ذلك وكل يوم يتضاءل العدد وأصبح اليوم الذي سوف نحتفل فيه بالقضاء على الأمية غير بعيد.
ولكن يبدو ان الأمية في المجتمعات تتخذ أشكالا فمن أمية في القراءة والكتابة الى أمية في الاقتصاد إلى أمية في الحاسب والتقنية وحتى إلى أمية في المفاهيم والآداب والنظم العامة التي ترعى حياة الناس وتنظم علاقاتهم ومصالحهم، وأن آثارا كبيرة تظل راسخة ومتجذرة في حياة هذا المجتمع وتوجيه سلوكياته لهذه الأمة أو تلك ومن ثم قد تنتهي تلك الأمية حساً أو إجراء ولكن أداءها وآثارها تظل تفصح عن نفسها وتصبغ الفعل الجمعي والفردي في شؤون حياة وبيئة مجتمعها. بمعنى ان التعلم بمفهومه العام شيء والوعي والنضج شيء آخر على ما بينهما من سبب ونتيجة وعلاقة تلازم، لكن تحتاج الى وقت طويل حتى تتأكد. ومن ثم فإن هناك فرقا بين الأميين والعوام. وإذا كان الأميون أناسا طيبين يسهل توجيههم وتدبيرهم ويأتون بخير حسبما يطلب ويحدد لهم فهم آليون إن صح التعبير تصرفهم إشارة موظف الصادر والوارد وتحرمهم كلمة مراقب الضمان الاجتماعي فإن العامة في زماننا يختلفون فهم قد تعلموا وتولوا الكثير من الأعمال الإدارية وغيرها من مجالات الحياة في المجتمع وأصبح بعضهم مديرا أو رئيسا بحكم الوقت والخدمة يديرونها بمفهوم أنصاف المتعلمين ويرزحون تحت وطأة مفاهيم عصور الجهل وبيئات الفقر وآثاره المدمرة، فالهم الإداري عند أحدهم هو المصالح والمنافع المادية والمعنوية التي تعود عليه أو على أقربائه أو أبناء مدينته أو قريته أو اقليمه أو من تربطه به مصلحة متبادلة في هذه أو تلك دون أي اعتبار لمفهوم الصالح العام للمجتمع بأسره وتوازن متطلبات وحاجات بيئاته المختلفة وماتقتضية مهنية العمل وشرف القيام به وحتمية التفاني فيه وأدائه على أكمل وجه وإثراء المجتمع وبيئاته بذلك كله دون تحديد أو صرف للصالح الخاص ومن هنا تكمن خطورة أمثال هؤلاء الموظفين سواء أكانوا مديرين أو رؤساء أو موظفين عاديين في أنهم كلما حازوه من تغيير هو أن طبيعة الأعمال هي التي تغيرت والمواقع هي التي تعددت أما شاغلوها فهم مغرقون في العامية والتخلف في مفاهيم الإدارة والصالح العام، تسيطر عليهم روح الاقليم والضيعة والعشيرة أو نفع الفرد والجماعة، وهو وضع يلخص مدى التشابه بين عصور خلت غلبت عليها تلك المفاهيم وعصورحديثة أفرغت من مفاهيم الصياغة والتطور والرقي كما ينبغي ولعل هذا ما يفسر الخلل الإداري في كثير من المجتمعات في العالم الثالث والفيروس الخفي الذي تعاني منه والبطء والتأخر النهضوي في إداراتها ومرافقها العامة على الرغم من طول عمرها الحديث وحجم ما ينفق عليها في عدة مجتمعات منها وأحسب من الأولويات هو مواجهة المشكلة ووضع حد لصلاحيات وآراء الموظفين العامة من هذا القبيل والتعجيل بوضع لوائح وتوصيف دقيق لكل عمل في كل إدارة من قبل خبراء متميزين وتعهده بالتقويم والتطوير كل حين وإشراف رقابي كفء لمن يخالف تلك اللوائح والتوصيفات عن مقتضى عمومها أو يصرفها لهوى أو غرض أو مجال في نفسه بشكل مباشر أو غير مباشر مستغلا في ذلك عمومية الأنظمة واللوائح أحيانا أو موقعه منها في أحيان أخرى وما خطر العامة من هذا النوع بهيّن على المجتمع وإهدار موارده وتنميته في نفس الوقت.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved