أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th March,2001 العدد:10396الطبعةالاولـي الجمعة 21 ,ذو الحجة 1421

شرفات

الشاعر الفلسطيني فاروق مواسى
أغلب الأدباء يرون أنفسهم فوق مستوى النقد
ما جدوى الكتابة اذا بقينا بجوار السياج نتغنى؟!
القدس في الشعر الحديث قراءة لقصيدة المكان!
د. فاروق مواسى شاعر وناقد فلسطيني رغم اعوامه الستين لم يزل قادراً على ان يعطي ويشاكس ويبحث عن الجديد.. مبدع مرهف الحواس للمعنى، ومتمرد على اشكال الكتابة.. درج ان يهرب من المقال الى القصيدة او فضاء النص. وباستمرار ثمة جناحان يحركان جذوة الابداع بداخله هما: الالم السياسي والهم الاجتماعي التقينا به في القاهرة في زيارة سريعة لها وكان هذا الحوار:
شعر الكلمات المفقودة
* اذا قلنا انك شاعر اولاً وناقد ثانيا.. يلاحظ انك كتبت عن شعراء كثيرين ومع ذلك هناك ندرة فيما كتب عنك كشاعر؟
احس انني غمطت وتجوهلت اذا صح التعبير، ولكني على يقين ان نهاية المطاف لن تكون الا لمن ترسخ قدمه، وبصراحة كتب عن الكثير، ولكن اكثره دون ما يشفى غليلي.. ثم الا توافقني ان النقد لدينا مصاب ب)الانيميا( والمسألة ليست مقصورة على الكتابة عن شعري فحسب.
* كتبت كثيراً من القصائد عن القدس والشهداء وضياع الاندلس.. وبدا صدق الانفعال قويا لدرجة قد تسم القصيدة بالمباشرة..فماذا تعني لك القصيدة؟
القصيدة كالفراشة التي تقترب من اللهب،هكذا احب ان انصهر مع التجربة، و ان ابوح بما يعتمل في نفسي. ولاعيب في ان يكون الصدق هو العمود الفقري الذي تبنى عليه قصيدتي..فالقصيدة لدي تتكىء على الايقاع والترنم وتتغذى بايماضة فكرة، وتنام على سرير الانفعال، وتنهض على التواصل، انها فرحة دونها اية فرحة اخرى، ان يجد الشاعر قصيدته..اما الشعر المعمى والغامض فلا استسيغه واسميه بالشعر الدخاني او التكلف لانه يعتمد على كلمات مفقودة لا بريق لها ولا معنى يستشف منها.
* تنعكس في شعرك شخصيات ومواقف تاريخية واسماء مدن مثل مالقة وابن زيدون وغير ذلك..فلماذا الحرص على التناص مع الشعر القديم تحديداً؟
بالطبع، ثمة تناص هنا وهناك في كثير من قصائدي، وقد يعتبر البعض ذلك امراً ايجابيا وربما العكس..واظن ان الاعتدال في التناص امر جيد، لان الانساق اللغوية والبنى المأثورة يجب ان تكون ذات فعالية، والاصالة ضرورية اذا انتقينا من تراثنا ما يحقق التواصل ولا يقطع الخيط بيننا وبين من سبقونا.
بعيداً عن الرواية
* يلاحظ المتابع لمسيرتك الابداعية انك عالجت كافة الاشكال الادبية فيما عدا الرواية..فلماذا ابتعدت عنها؟
وانا على مشارف الخمسين تقريبا كتبت رواية بعنوان )الحب البعيد» عام 1990م ولنقل انها محاولة، لانني بعد ان كتبتها قطعت عهداً على نفسي ان ابعد الشقة بيني وبينها لا اقل من عشر سنين حتى انسى خيوطها، وربما اعود اليها لأقرأها قراءة محايدة.. ورغم انني الآن على مشارف الستين لكن مازال غير متحمس لان ترى رواية الاولى النور!!
* يتضح من انتاجك ان الشعر هو اكثر اشكال الابداع قرباً الى نفسك.. فطوال هذا المشوار لم تنشر سوى مجموعة قصص واحدة هي امام المرآة فلماذا .!
القصة لدي تعتمد على لغة السرد الذاتي، او الاوتوبيوجرافي وتحتشد عناصرها فيما يشبه القصيدة..فاذا ادت القصيدة المعنى الذي بداخلي لا ألجأ الى القصة.. لذلك ما عجزت عنه شعراً ابحث له عن تنفس من خلال القصة..ولذلك عندما استشهد غسان كنفاني لم استطع ان اكتب القصيدة وعبرت عن صدمتي من خلال قصة امام المرآة..وبعد ان نشرت مجموعة من القصص تحت هذا العنوان اضفت اليها بعض القصص الجديدة واعدت نشرها من جديد كأنني ارغب في الانتهاء من القصة بشكل نهائي وفي كتاب واحد..
مقال اجتأدبي
* قدمت منذ فترة عدداً من المقالات الاجتأدبية على حد تعبيرك فماذا تعنى بهذا المصطلح.. وهل من الضروري ان تجمع هذه المقالات في كتاب، كما تفعل مع القصائد والقصص .. ؟
الاجتأدبية نحت من لفظتين الاجتماعية والادبية فالمقالات جميعها تهدف الى اصلاح المجتمع، وفيها نقد مرير لواقع مؤلم، وارمي من واء المقالات الى التغيير، فما جدوى كتابتنا اذا بقينا جوار السياج نتغنى؟ لماذا لا نعبر عن مواقف يومية في الحقل بلغة راقية وبفكر نير؟ فالوطنية الحقة تتبدى في المعاملة، وازدواجية السلوك خطر محدق، وقتل الافكار قمع لوجودنا، والحديث عن اصحاب المهن ومماطلاتهم وعن الاغنية الجماعية، وحفظ التراث..كلها مسائل نعاني من تصرفات خاطئة فيها ولا يمكن فصل الجانب الاجتماعي من الجانب الادبي عند الكتابة عنها اما بالنسبة لجمع هذه المقالات في كتاب فهذا ليس امراً حتميا بالضرورة فلابد من اعادة فحص المادة عميقا، فاذا ارتأى المرء ضرورة حفظها وتكرارها فله ذلك، لان الكتاب يحفظ بينما المقال في الصحيفة يضيع هدراً.
الاسم المستعار
* رغم انك تعتبر المقال قولة حق وشجاعة الا انك كتبت عدداً من المقالات النقدية عن شعراء كبار مثل سميح القاسم تحت اسم مستعار.. الا يتعارض الاسم المستعار مع شجاعة المقال ..؟
كنت اكتب هذه المقالات باسم احمد منير ورغم انه ليس اسم الشهرة الخاص بي لكنه اسمي الاول في شهادة ميلادي التي صدرت في طولكرم، ولذا عندما اقسمت انه اسمي الحقيقي عمقت التنكر وكنت اترقب الاستفسارات الكثيرة لصحيفة الاتحاد حول صاحب الاسم وازعم انني بهذا الاسم استطعت ان اثير مناقشات ساخنة اكثر مما كنت افعل باسمي الصريح.. لقد اردت ان اكاشف ادباءنا بصراحة من غير حساسيات العلاقات القائمة بيننا..ولكن سيل الهجوم على صاحب الاسم، والسخرية المتجنية وما اثاره مقالي «جرد حساب الادباء» كل هذا كان يدل على ضيق الافق في الساحة الادبية.. فأغلبية الادباء يعتبرون انفسهم في مستوى ادبي لا يصح ابداً ان تعاتبه او حتى تداعبه واضطرت الصحيفة ان تطالبني باظهار اسمي الحقيقي والتوقف عن استخدام الاسم المستعار، ولذا فضلت ان اتوقف كلية.
* هل هذه التجربة جعلتك تعزف عن الكتابة الصحفية في الآونة الاخيرة.
للاسف احيانا ارسل مادة للنشر لكن احس بعدم التقدير للمادة، فهي اما ان تنشر بحرف غير ملائم او في ذيول المادة الادبية كأنك لا في العير ولا في النفير.. ولهذا افضل في الاونة الاخيرة كتابة الدراسات المستقلة.. وارجو الا تصل بي الحال الى ما وصلت اليه لدى الجرجاني حيث قال ااشقى به غرساً واجنيه ذلة؟!
القدس في الشعر
*بمناسبة الدراسات المستقلة.. قدمت منذ فترة دراسة هامة عن القدس في الشعر الفلسطيني الحديث فما هي اهم ملامح هذه الدراسة؟
تطرقت اولاً الى ندرة قصيدة المكان وان القصيدة الحديثة هي التي توقفت على الجزيئات والتفريعات..كما تحدثت عن القدس باعتبارها موتيفة..البعض يتفاءل بها ويبحث عن الخلاص فيها والبعض ينظر اليها بتشاؤم وكأنها مدينة تنذر بخطر محدق..كما تحدثت عن الرموز الدينية واستلهام التاريخ الكنعاني للتأكيد على الحق الفلسطيني في المدينة ورغم ان عشرات الشعراء كتبوا عن القدس الا انني اثرت الانتقاء فليس كل من كتب بضعة ابيات هنا او هناك يمكن ان اتناوله في الدراسة وان كان هذا الكلام يغضب البعض..كما انه ليس كل من كتب عن القدس اهلاً لان نأخذه مأخذ الجدية في التناول الشعري.
عرب الداخل وثقافة الآخر
* ثمة سؤال محير ولا مناص منه.. كيف تتعايش كمثقف عربي من عرب الداخل مع ثقافة اخرى؟!
العلاقة بيني وبين الثقافة الاخرى هي علاقة لغة، فأنا اقرأ العبرية كما اقرأ الانجليزية، واتعامل مع نصوص الادب العبري كأي ادب آخر..وليس هناك مشكلة في ذلك، اما القصيدة او القصة التي تطرح على نحو استعماري او استعلائي او تنطوي على نوع من الاحتقار للآخر.. فهذا مرفوض ونحن كعرب نرفع اصواتنا دائما ضد هذه الكتابات السيئة والتي ليست ذات قيمة في ميدان الادب.
* في وقت من الاوقات حاولت ان تدعم ورشة ادبية للشباب بمباركة جامعة حيفا..فلماذا توقف النشاط؟
نفذت فكرة الورشةالادبية في بلدتي «باقة الغربية» ودعوت الادباء الشبان للمشاركة وقراءة انتاجهم الادبي والاستماع الى ملاحظات احد الادباء الكبار الذين تتم استضافتهم في الورشة ولاشك ان تداول النصوص يحقق ثراء وتواصلاً، كما ان الورشة تتجدد بتجدد دماء المشاركين فيها مع الوقت..
ولكن بكل اسف توقف النشاط لان بعض الادباء اخذوا يتطاولون او يدعون، فكأني اردت باطلا من حيث اردت الحق.. علاوة على ان عنصر التضحية بالوقت اخذت تقارعه الهموم اليومية والانشغال بالذات..ومن يدري فقد تعود الورشة بلباس آخر وبهمة اكبر.
أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved