أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 20th March,2001 العدد:10400الطبعةالاولـي الثلاثاء 25 ,ذو الحجة 1421

الاقتصادية

شئ من المنطق
نحو برنامج وطني لدعم الصناعة الإيجابية
الدكتور مفرج الحقباني *
استعرض المؤتمر الصحفي الذي عقد في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض يوم الاثنين الموافق 17/12/1421ه المعوقات التي تعترض استراتيجيات التنمية الصناعية في المملكة والتي من الممكن ان تكون سبباً في خروج المستثمر السعودي الى خارج البلاد بحثاً عن فرص استثمارية ذات مردود أعلى وذات تكاليف تشغيلية أقل. ونظراً لكون المشاركين من فئة الصناعيين فقد ركزوا على إبراز المزايا التي تمنح للصناعيين في بعض الدول المجاورة كوسيلة للتحذير من تزايد النازحين الى خارج الحدود وكوسيلة للضغط على المسؤولين في هذه البلاد لعمل ما يمكن لتشجيع الاستثمار في الصناعة المحلية، وإذا كنا جميعا نتفق على ان الصناعة تعتبر المحرك الرئيس لعملية التنمية الشاملة لقدرتها على التعامل مع تحويل الموارد الاقتصادية الى موارد ذات نفع استهلاكي وإنتاجي مباشر ولقدرتها على تفعيل دور عناصر الإنتاج المختلفة في العملية التنموية، فإننا ننادي كما ينادي أصحاب الصناعة بضرورة تهيئة البيئة المناسبة واللازمة لتشجيع النشاط الصناعي حتى نستطيع تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردنا المتاحة. ولكن هذه المناداة تظل في كل الأحوال مشروطة بتحقيق الصناعة لأهدافها العامة التي تسعى الخطط التنموية لتحقيقها. ولعل من أهم الأهداف التنموية التي يتطلع المخطط لتحقيقها من خلال قطاع الصناعة زيادة مشاركة عناصر الإنتاج المحلية في العملية الإنتاجية، زيادة القيمة المضافة للعملية الصناعية المحلية، استغلال أكبر قدر ممكن من الموارد الاقتصادية المتاحة، القدرة على خدمة أغراض الميزان التجاري من خلال الحد من الاستيراد أو زيادة التصدير، القدرة على نقل وتوطين التقنية المناسبة، والتركيز على الصناعات التي تتمتع فيها المملكة بميزة نسبية. ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن في هذا الخصوص هو هل استطاع قطاع الصناعة تحقيق هذه الأهداف العامة؟ في اعتقادي اننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن لمس مثل هذه الأهداف نتيجة لعدم وجود استراتيجية صناعية وطنية فاعلة تهتم بضبط وتوجيه النشاط الصناعي تجاه الأهداف الوطنية المشار إليها بعاليه. وهذا بطبيعة الحال أدى إلى اتجاه بعض المستثمرين السعوديين الى اختيار المجال الذي يحقق أهدافهم كمستثمرين بغض النظر عما تقتضيه المصلحة العامة. فلو نظرنا إلى واقع الكثير من مصانعنا المحلية لوجدنا أنه يمكن وصفها بمصانع أجنبية ذات تمويل سعودي على أرض سعودية. فالعمالة المستخدمة في العملية الإنتاجية في معظمها عمالة أجنبية، والإدارة في غالب الأحيان وفي كثير من المصانع أجنبية، والسلع الإنتاجية مستوردة من الخارج، ومن يتولى عملية التسويق عمالة أجنبية، فماذا بقي بعد من وطنية هذه الصناعة؟ لقد عجزت هذه الصناعة عن تقديم أقل ما يمكن تقديمه للوطن من خلال رفضها المستمر لتوطين فرص العمل، ولقد عجزت هذه الصناعة عن توطين التقنية المناسبة لاعتمادها شبه الكلي على العمالة الأجنبية التي ساهمت في نقل التقنية الى أوطانها بدلا من تعليمها لأبناء الوطن، كما عجزت هذه الصناعة عن خدمة الميزان التجاري لاعتمادها شبه الكلي على استيراد السلع الإنتاجية من الخارج ولعدم قدرتها على منافسة السلع الأجنبية في الأسواق الأجنبية، وأخيرا لقد عجزت هذه الصناعة عن تقديم برامج تدريبية ذاتية لتعليم أبناء الوطن فنون العمل الإنتاجي وأسرار المهنة. فهل يمكن بعد هذا كله أن نقول بأن من مصلحة الوطنية دعم هذا النوع من الصناعة؟ الجواب قطعاً بالنفي ولكن يجب ان نقول بأنه ليس كل صناعاتنا من هذا النوع السلبي فهنالك صناعات متميزة ساهمت مساهمة فاعلة في تحقيق الأهداف الوطنية العامة وحققت نجاحاً باهراً على مستوى المنافسة والأسواق الدولية. وهذه الأخيرة تستحق منا كل دعم وتقدير حتى تستطيع مواصلة المشوار وحتى تستطيع خلق المحرك الرئيس للعملية التنموية الشاملة. ولكن هل نمتلك الآلية الفاعلة التي تميز بين الصناعة الايجابية والصناعة السلبية حتى نستطيع خص الصناعة الإيجابية بالدعم والمؤازرة؟ ثم هل توجد لدينا الرغبة أصلا في التفريق بين الصناعات الوطنية.. عفوا المحلية وفقا لدورها في خدمة الأهداف العامة؟ أعتقد أننا مطالبون بتقديم التسهيلات والمعونات للصناعات الإيجابية فقط ومطالبون بالمحافظة على هذا النوع من الصناعات فقط أما ما سواها فقد يكون من المصلحة العامة التخلص منها وتركها لشأنها.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved