أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 21st March,2001 العدد:10401الطبعةالاولـي الاربعاء 26 ,ذو الحجة 1421

الثقافية

مواسم الحب
متناثرة !
عبير عبدالرحمن البكر
كرسي متحرك وآمال عظيمة !! وفتاة عشرينية تدور مع عجلات هذا الكرسي في رحى سنين ظلم الأهل ... وقسوة زوج ..
هذه جدتي لأمي حبيسة لكرسي متحرك وكل أحلامي وآمالي تدور مع حركة هذا الكرسي ...!
كرسي متحرك وفتاة عشرينية مطلقة لزوج غاب عنه الدين وتملكته الغواية فجزعت عصافير عمري من أعشاش الحياة معه وجفت مياه الصبر من مستنقعات رذيلته النتنة ..!
كرسي متحرك وفتاة عشرينية كل ما تذكر من طفولتها ... أم ناحلة .. وتقاطيع حزينة وأب يسافر شرقاً ويهتدي جنوباً ولا تقوده بوصلته إلى اتفاق أبيض مع هذه الأم المملوءة طيبة ... لا تدله قسوته وصلابة طبعه إلى راية مرفوفة بالسلام لاحتضان ثلاثة أولاد ذكور وفتاتين إحداهن أنا، تلك التي رمتها الأقدار قبل سنواتها العشرين إلى زوج سكير !!!
كرسي متحرك تبدأ بي عجلات العمر متسارعة تلبس ثياب الاكتشاف الملونة بألوان باهتة بأني عرضت للبيع بأتفه ثمن في مزاد اختلاف أب وأم لم يتفقا على أنني مسكينة إلى آخر معنى من الضعف والركون حتى قاسيت الضرب والتعذيب كلما تفوهتُ برأي أو اعترضت بحديث بارد كالثلج أمام إنسان متجمد لا يذوب مع حرارة الوعظ والإرشاد ...
كرسي متحرك وفتاة عشرينية ترعى آهات أمها المكلومة بانفصال تكبدت أوجاعه وذاقت مرارته وهي تحاول البحث عن ملجأ ولا ملجأ ...
أب يعيش حياة أخرى مع أخرى .. وأم تعيش بيتاً يملؤه الخراب والسكون. ثلاثة أولاد وفتاة وأنا متزوجة مع وقف التنفيذ.
فتاة عشرينية ترجو هذا الزوج الظالم أن يرحمها بعد خمس سنوات مرارة وعذاب.
ويأبى أن يفك قيدها !!!
فتاة عشرينية تهرب إلى رأفة الأب وترفض زوجته ...
إلى انفجار آخر بزواج أمي وزوجها يرفض وجودي ..
احتياج وعوز إلى جدي وجدتي لأبي .. جد مشلول الحركة وجدة كفيفة النظر مبصرة بالحنان .. يلحق بي الصغار فراراً من المراقبة الصارمة الكارهة من زوج أمي لهم..
ويتلاحق عمري .. يموت الاثنان، جدي ابتداء أول الشهر وانتهاء آخره جدتي .. أين المأوى. أحمل جثث قلوبنا واخوتي الصغار وكل الأبواب موصدة. أمي تدفع وتدافع وتضم الأبناء معها من جديد وزوجي يناضل حتى يستردني مرغمة ..
كرسي متحرك وفتاة عشرينية تفزع إلى ذاك الخال الرحوم، يناضل ويقاوم ليطلق قيدي من زوجي ..
فتاة عشرينية مطلقة وكرسي متحرك معقودة به، تجلس به جدتي لأمي وبيت واسع شاسع يعيش فيه خالي وزوجته بلا أطفال، زادت بهم سنوات العمر اشتعالا واحتراقا حتى ترمدت سنوات عشر بلا أطفال ...
التصقت في هذه الجدة، أعطيتها كل ما يمكن أن أعطيه لأم ووهبتني كل ما يمكن أن تعطيه أم حين تكون أم .. أم .. أم ..
التصقنا، بل توحدنا. نمت معها في غرفتها التي كنا نحلم بالدخول إليها يوم أن كنا صغارا .. رعيتُ شؤونها الصغيرة .. وبالغتُ في الاهتمام بأحوالها الكبيرة ..
سلمتني مقاليد الحب وألبستني رداء العطاء. كانت أمي .. !!
بكرسي متحرك وحنان لا يهبها إلاّ هي، كرسي متحرك لم يكن ليعوق من تكامل العطاء الذي خصتني به. لم يكن لينقص هذا الولاء الذي أخصها به وكانت التي اكتملت بها حباً وعطاءً ..
كانت هي التي رعت يتمي المبكر وحرماني المتواصل وطلاقي الفاجعة. كانت كل شيء ... حتى دب المرض بأنحاء ذاك الجسم الناحل واستشرى ..!!
رعيت عجزها وتواكف دمعها ..
كرسي متحرك، ونظرتها الأخيرة. جدلت شعرها. نشرت عطرها. ألبستها زاهي الحلل. إطلالة ابتسامة وكرسي متحرك و .............. وفارقت الحياة فتاة عشرينية ومصير مجهول ..
فتاة عشرينية وأحلام م....ت...ن..ا.....ث..رة......!!!!!!
abeeralbaker@maktoob.Com.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved