أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 26th March,2001 العدد:10406الطبعةالاولـي الأثنين 1 ,محرم 1422

مقـالات

(622م).. والحدث الأكبر
إبراهيم بن سعد الماجد*
(1)
.. في هذا العام كانت البشرية على موعد مع نقلةهامة في كافة شؤون حياتها ومعادها.. كانت البشرية على موعد قلب موازين كثيرة، وتصحيح معادلات كانت جائره.. في هذا العام كانت الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. يوم خرج وصاحبه مساء الثالث عشر من شهر سبتمبر 622م قاصدين المدينة المنورة بعد الإذن من المولى سبحانه وتعالى لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بالهجرة.بعد أن بلغ الأذى أشده برسول الله عليه السلام، ومن أسلم وصدق برسالته، ولم يكن أمر خروجه من مكة بالأمر السهل ولا بالحدث الهين، بل إنه كان أمرامفزعا لقريش وهي التي سبق وأن قررت الخلاص منه بقتله بسيوف فتيان من العرب تفريقا لدمه وكان هذا رأي كبير مجرمي «مكة» أبو جهل عمرو بن هشام. إن المتمعن في «السيرة النبوية» منذ بداياتها وحتى اللحظة الأخيرة من حياة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام ليري العبر ويتعلم الدروس في كافة شؤون الحياة فكتاب الله وسنة رسوله وسيرته العظيمة مهما قرأ الإنسان فيها لا يزال بحاجة الى القراءة مرات ومرات حتى آخر يوم في حياته.من خلال ما تقرأ لكثير من علماء هذه الأمة أنهم لا يزالون يكتشفون أشياء وأشياء كلما ازدادوا قراءة . وهذا مما يدل على ان خير الدنيا والآخرة جمع في كتاب الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم.
(2)
إن الدروس المستفادة من الهجرة النبوية بحد ذاتها لعظيمة لو قدرت الأمة على استكشاف هذا المكنون من تلك الدروس. ولكن للأسف لقد تحولت هذه الذكرى العظيمة في كثير من بلاد الإسلام الى موعد لاحياء البدع والضلالات حتى صارت كثير من المنابر بدلا من ان تقدم الدروس المستفادة من هذا الحدث. صارت تحذر مما يحدث في هذه الذكرى العطرة من بدع وضلالات. جعلت شريحة ليست بالهينة من أبناء أمتنا تتعلق بترهات رأي من يعتقد فيهم هؤلاء الخير والصلاح أنها السبيل الى جلب المال والجاه لهم فنادوا إليها وصدقهم جهال وضعفاء الأمة لاعتقادهم ان هؤلاء لا يمكن ان يدلوهم إلا على ما فيه الخير والصلاح.
(3)
منذ عقود من الزمن وهذه المناسبة تحل على أمتنا وهي في حال يسوء مرة بعد أخرى.. وهي في وضع لا يبشر بخير إذا كان التعلق بالأشياء المادية، ولكن نحن أمة مؤمنة بأن كل هذه الدنيا بما فيها من تقنية متطورة وأموال مكدسة وسياسات مخططة.. وأعداء ماكرين.. كل هذه الأمور وغيرها مما يبهر العقول لا يساوي شيئا أمام قدرة الحي القيوم الذي إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون.. نحن نؤمن إيمانا كاملا بأن النصر لنا والعزة لديننا إذا عملنا بالأسباب وهذا أمر الأمة بإذن الله موقنة به وعليه فمقدمة وطلائع النصر بدت تظهر بعودة الناس الى شرع الله ونبذ ما سواه. وهذا مشاهد من خلال هذه المراكز وهؤلاء الدعاة وتلك الجموع التي تدخل في دين الله أفواجا.
(4)
ويهل عام جديد والأقصى يرزح تحت وطأة وظلم ونجاسة اليهود الحاقدين الغاصبين..وأمتي ناسية أو متناسية أن هؤلاء القوم لا ذمة لهم ولا ميثاق..وكأنها لم تقرأ التاريخ ولم تعرف ماذا عمل «كعب بن أسد» سيد بني قريظة الذي نكث العهد الموثق بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غزوة الخندق يوم قالوا للسعدين عندما بعثهما رسول الله عليه السلام لاستجلاء ما سمع من نقضهم العهد قالوا: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد، ولا عقد. قالوا: ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنهم على أموالهم وأعراضهم.
واليوم أمة الإسلام مستضعفة والأعداء أمة متكاتفة في حرب الإسلام وأهله، ومنا من يصدق بأن هناك عهدا وذمة لدى هؤلاء القوم الخونة.. سلام نسعى إليه وهو في حقيقة الأمر استسلام لم يقبل على علاته ونكوث لاتفاقيات جائرة في حق أمتنا.. فسبحان الله.
(5)
1421 عاما مضت على أول يوم غادر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب البقاع اليه متوجها الى مكان لم يألفه، ولم يعرفه بعد دون حرس ولا صحب إلا واحداً طلب الصحبة فكانت له.. 1421 من السنوات التي مرت كانت فيها القوة والعزة والمنعة ثم كان فيها الضعف والخور والخنوع.. هل نقف نتذكر أمجاداً مضت..؟ أم نقف نذكر بمصائب حلت..؟
يا له من تاريخ عظيم ويا لها من ليال حالكات السواد.. ويالها من أمة عظيمة.. عظيمة لو تمسكت بأسباب القوة.. وعلمت أنها «ماديا» أقوى بمرات ومرات من جيش عمر ومن عسكر صلاح وقوة المظفر.. إذا ..إنه الإيمان.
(6)
وتحل الهجرة ونحن نرى العجب العجاب.. حجر يكسر تقوم له قيامة الشرق والغرب.. وإنسان يقتل مسألة فيها نظر!! ولكن هذا قدر تلك الأمة التي سعت الى طلب العزة والتمكين ولكنها أخطأت السبيل ونسيت قول الحق ومن أصدق من الله قيلا: «إن تنصروا الله ينصركم».
(7)
بضع عشرة سنة مكثها عليه السلام في مكة ناصحا داعيا مجاهدا صابرا كما قال قيس بن صرمة:


ثوى في قريش بضع عشرة حجة
يذكر لو يلقى حبيبا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه
فلم ير من يؤدي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقر به النوى
وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم
بعيد ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا
وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
فعادى الذي عادى من الناس كلهم
جميعا وإن كان الحبيب المصافيا

رضي الله عن الأنصار الناصرين لنبيه يوم خذله أهله وعشيرته وآذوه.تلك هي الهجرة. بداية قيام دولتنا العظمى دولة السيادة والريادة.. دولة كرامة الإنسان وعزته.. دولة نصرة المظلوم وإيواء المعدوم.. دولة الكرامة والعزة والقوة..
فهل يا ترى يكون في حلول ذكراها رفع لمعنويات الأمة..؟ وهل يا ترى في ذكراها دفع لعزائم خارت..؟
أمان.. ولكنها ستكون يوما حقيقة.. ولكن متى..؟
ذلك ما ننتظره..
الرياض: 11421ص.ب: 858

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved