أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 26th March,2001 العدد:10406الطبعةالاولـي الأثنين 1 ,محرم 1422

مقـالات

في علاقة المواطن بالمسؤول
التكليف والتشريف.. ثنائية الصدى والأداء
د. علي بن شويل القرني
نظام الحياة في المملكة بدأ يدخل مرحلة التعقيد، والتعقيد هنا يجب أن لا يفهم بالمعنى الشائع في اللغة العامة، ولكن بمعنى التعقيد العصري للحياة sophistication فلم تعد الحياة عادية جداً، مألوفة جداً، وطبيعية جداً.. بل تغيرت أوجه الحياة ونمت وأصبحت تحمل معها ابعاداً جديدة وملامح مستحدثة في بنية التفكير المحلي.. واليوم لست بصدد الكتابة عن هذه التغييرات التي طرأت على المجتمع والانسان.. ولكني فقط أريد أن أدخل الى جانب ذي علاقة بهذه المسألة.. وهو ما يحدث من تطوير في العلاقة بين المواطن والمسؤول.
خلال العقود الزمنية الماضية تطورت المؤسسات التنفيذية بحكم المهام والمسؤوليات الجديدة، وبحكم تراكم الخبرات وتنامي المعارف المتخصصة، ولطبيعة الاحتكاك بثقافات ومؤسسات تنفيذية في دول لها تاريخها وخبراتها الكبيرة.. والملاحظ ان مشروع التنمية السعودي الذي بدأ منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، وتحديد ما تم من منجزات كبيرة خلال العقود الثلاثة الماضية (السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات) عكست ملامح جديدة على خارطة العمل الرسمي وتطويراً نوعياً للوعي العام والادراك المستنير للمواطن وعلاقته بمسؤوليات التنفيذ.
وأعتقد أن الساحة الحقيقية لتطور العلاقة بين المسؤول والمواطن لا نجدها في احاديث المجالس أو أروقة الوزارات والادارات والهيئات الرسمية فحسب، بل هي كذلك مجسدة على صفحات الاعلام المختلفة.. وتحديداً صفحات المواطن والمسؤول التي تزخر بها صحفنا والحمد لله.. وتعكس هذه الصفحات علاقات حميمية احياناً وحيادية احياناً أخرى ولكن متوترة في احيان كثيرة.. وعلاقة التوتر التي تشهدها هذه العلاقة أنظر اليها على انها صحية وتنم عن وضع مميز ومطلوب في مرحلة البناء المستمرة التي تتواصل في مختلف الانشاءات التنموية السعودية.. وعلاقة المواطن بالمسؤول باتت جزءاً من منظومة الادارة السعودية الحديثة، والمتابعة اللصيقة للأداء التخصصي للادارات والهيئات الحكومية والخاصة. ودور المواطن الذي تعكسه كتاباته المباشرة أو الكتابات غير المباشرة من خلال أعمدة الرأي والمقال الصحافي تصب في اطار الاحساس بالمسؤولية وادراك بالوعي الذي هو أهم مخرجات التنمية التعليمية والثقافية والاجتماعية.. والمتتبع لحركة الكتابة المواطنية يشعر بأن المواطن هو لصيق المسؤول وهو حريص على مصالحه ومصالح الدولة والمجتمع في نفس الوقت.. وهذا الاحساس والشعور هو في ذاته يشكل متابعة دقيقة لما يتم اتخاذه من قرارات وتجسيده من أعمال وتنفيذه من منجزات ونشاطات وفعاليات على مستوى التطور والحركة التنموية الشاملة في المملكة.
المسؤوليات التنفيذية لمختلف القطاعات الانتاجية والخدمية باتت تشعر بأهمية الصحافة والاعلام في استشعار الرأي العام واتجاهات المواطنين نحو الأداء والكفاءة والمسؤولية المناطة بهم.. ولم تعد كتابات المواطن مجرد كلام جرائد كما كان يشاع في الماضي وغير ذي جدوى.. بل ان كل ما يكتب في أي صحيفة يجد الصدى سواء أكان هذا الصدى بحكم الدفاعية الذاتية أو بحكم الخشية في المتابعات العليا التي يخشاها المسؤولون التنفيذيون.. ولدينا تجارب كثيرة في متابعة القيادة السعودية العليا لما يجري في صحافتنا من قضايا وهموم ومشاكل.. وما يحدث فعلاً هو ان القيادة العليا تتابع ما يجري على صفحات الجرائد والمجلات، وتكون المتابعة بالاستفسار عن مشاكل المواطنين وهمومهم وقضاياهم.. واحياناً لا نشعر بها نحن المواطنين والاعلاميين ولكن المتتبع الخاص لأمور تلك القضايا يعرف ان هناك متابعات دقيقة واشراف عام فوق الأجهزة التنفيذية المباشرة لكل ما تطرحه الصحف ووسائل الاعلام الداخلية والخارجية ولكل ما تفرزه أعمدة الرأي واقلام الاعلام واتجاهات المواطنين.
ومن هنا نؤكد ان السلطة التنفيذية لم تعد بمنأى عن المساءلة من قبل القيادة العليا في بلادنا، بل نعرف ان المتابعة تكاد تكون يومية لما يجري من مشاكل وتفرزه الصحافة من قضايا وهموم للمواطنين.. وهذه المتابعة العليا تمثل ضغطاً متواصلاً وقلقاً مستمراً لذوي المناصب التنفيذية، فلم يعد هؤلاء رغم اجتهادهم المخلص يجلسون على الكراسي التنفيذية تشريفاً شخصياً، بل تكليفاً واداء ومسؤولية مناط بهم انجازها على أكمل وجه وافضل غاية.. ومن هنا فاننا نستشعر دائماً ان مسؤولي القطاعات الخدمية بشكل خاص يصبحون على الرأي العام الذي تعكسه الصحافة والاعلام، ويمسون على التفاعل المطلوب دفاعاً أو اعترافاً أو احساساً بالتقصير أو رغبة في التطوير والتوجيه المثمر والأداء البناء لخدمة ا لمواطنين والسعي بهذه البلاد الى تحقيق اهدافها الكبرى وغاياتها البعيدة.
وكذلك نحن هنا بصدد التأكيد على أهمية الدور الذي تقوم به الصحافة ووسائل الاعلام في توثيق العلاقة بين المواطن والمسؤول.. والتوثيق هنا هو الصراحة والشفافية المطلوبة من الطرفين.. فالمسؤول ينبغي ان يتعامل مع المواطن ومع وسائل الاعلام بكل اخلاص وشفافية وبما يعكسه كلامه وأداؤه من طبيعة سمحة وبشاشة وعلاقات حميمة تجاه ما ينجزه من اعمال ويؤديه من وظائف ويترجمه من مسؤوليات.. والمواطن في الطرف الآخر يحتاج ان يتعامل بمسؤولية مخلصة وبمواطنة صادقة يحتسب من خلالها المصلحة العامة التي ينبغي ان تكون هي الهاجس الذي نعيشه والاطار الذي نحدده ونرسمه لنا في الحاضر والمستقبل بإذن الله.
والنظام الحياتي الذي يعيشه المجتمع السعودي بتعقيداته التي يفرضها الايقاع السريع للعصر، والضغوطات الحديثة على مخرجات التنمية بما فيها من ناس وأشياء ومظاهر حياتية متنوعة.. وكذلك الانفتاح العام على الثقافات والمجتمعات الخارجية وما تفرضه مفاهيم وحقائق العولمة.. كلها تضيف جديداً وتعطي ابعاداً مختلفة للوجه الحضاري الذي يربط مواطننا الذي يطل بثقة وجدارة الى القرن الحادي والعشرين، وبالمسؤول الذي يعمل ليل نهار وبدون انقطاع من أجل رفعة وشأن هذه البلاد الى مصاف الدول المتقدمة في المنتج التنموي والوعي والمدركات العامة للانسان السعودي.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved