أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th March,2001 العدد:10407الطبعةالاولـي الثلاثاء 2 ,محرم 1422

الثقافية

ونجحت في إحراق ما تريد..لكن خسارتك أكبر من نجاحك!!
تهاني بنت عبد الكريم المنقور
(1)
في درب من الدروب .. امتد الى الامام .. على خارطة ما..
كان يسير.. وكلما قارب الى النهاية وقال لم يبق الكثير.. اكتشف حقيقة ان البقية ضعف ما انتهى.
واصل السير..
وقارب على الوصول ومن اجل تحقيق نقطة الهدف تلك القمة التي حلم بها طوال حياته.. اعاد النظر في خارطة القمة ليكمل الوصول.. فاذا بالحدود مسحت.. والمعالم احترقت.. وورود العواصم ذبلت..!!
ماذا حدث؟ ماذا صنعت؟! أتكون الشمس قد احرقت تلك الخارطة؟! ام عساه هو من احرقها؟! سأل نفسه كثيرا.. وقال يا رب..
عزم على المواصلة.. وعلى مواجهة سيده!! ذاك السيد.. الذي تدور حوله رائجة الرماد!! واكتشف صاحبنا.. حقيقة مرها.. امر من المر ذاته!!
(2)
فسيحترق كل شيء.. اذا لم يكن فعلا قد احترق كل شيء جعلته يا سيدي رمادا تتطاير به رياح الاقدار.. وترمي به في بحار النسيان المريض!!
سيحترق كل شيء..
لأنك تريد ذلك دون ان يهمك من قد يحترق مع ذلك الاحتراق!!
وتسير..
وأسير أنا..
ويسيرون هم معك بكل ديكتاتورية.
تطأ الاقدام تلك البقاع وتأمر انت باحراق كل شيء لم تفكر في ذلك القلب الذي سيحترق وهو يحمل في رحمه اجنة صغيرة لم تصدر بعد صرخة الحياة الاولى اجنة ستكون الحياة آخر انفاسها.. اجنة حملها طوال الازمان المختلفة وحافظ عليها ليصل الى ما يصل اليه!!
(3)
ماذا تريد بعد كل ذلك!!
ماذا ستكسب حين تحرق ذلك القلب وتسلب منه الحياة؟
ماذا تستفيد حين تعطيه خيطا رفيعا يتشبث به من اجل الحياة.. وتارة اخرى تحرمه اياه وتهرول بأنفاسه الاخيرة..
اكاد اجزم انك تتجاهل الاجابة الوحيدة لكل ذلك.. وهي انك ستخسره العمر بأكمله وسيحمل لك جرحاً عميقاً لكنك لا تعترف..
سيدي..
لا تجعل الحياة لقلب سيحترق .. او ربما احترق فعلا كأشجار خريفية اكتنفت بوشاح رمادي مثقلة بملامح بشرية.
لا تجعله يحتضر على نفحات الخريف الباردة التي تعزف لحن حزن وعزاء على ملامح وريقاته المنتحرة.
(4)
الآن يا سيدي..
لم اعلنت الحرية شعارا.. والحلم طموح واقع؟! والحياة انفاسا؟! لم وقفت معه ودفعت به تجاه القمة.. وانت تخطط حين يصل الى مشارفها ان تدحرجه؟ تدحرجه الى اسفل الوادي ..؟
لم اعلنت كل ذلك.. ثم احرقت كل شيء ولم تبق له سوى حروف واوراق ميتة.. وقلم ينتحب على اشرعته الممزقة.
لا تقل لم احرق شيئاً..!!
فمحاولاتك للاحراق.. احرقت كل شيء.
سيعترف لك سيدي الآن.. بأنه فعلا فشل في الوصول الى رموز طلاسمك وفقد الدرب اليك.. وفقد حتى نكهة الحياة معك..!!
اصبحت ملامح فقد منها الكثير.. وليس لديه اي استعداد ليفقد المزيد.
** أمنية لو كانت..
الآن..
وفي هذه اللحظة.. تمنى ان يعود..
يعود طفلا صغيرا..
حتى لا يسير في الدرب ذاته..
حتى لا يمتلك النجاح.. التميز.. لا يمتلك الشعور..
تمنى ان يعود طفلا صغيرا.. حتى يحلم بحلم تقليدي فقط ويحسبه بين اربعة جدران ويضع الفشل عليهم سجاناً.
**أامنية مع وقف التنفيذ..
يتمنى الآن .. ان يضع اصابعه في اذنيه..
ويصرخ صرخة واحدة.. لتهدم عالم جميل رسمه في لحظة تصور فيها ان العالم ممكن ان يكون كما كان.. ويظل على صورته..

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved