أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 28th March,2001 العدد:10408الطبعةالاولـي الاربعاء 3 ,محرم 1422

مقـالات

لا شرق ولا غرب
لا شك أن واقع مجتمعاتنا العربية دفع الكثير الى التساؤل هل نحن ضحية للمصائب التاريخية التي عصفت بالحضارة العربية الإسلامية في فترات ضعفها وانحسارها وأصبحنا نتاج وإفراز تلك الفواجع والنكسات بما يعني ذلك من تركيب فكري ونفسي أم أن ما نحن فيه اليوم هو نتيجة طبيعية لعجز الإنسان الكامل في التأثير على القانون الإلهي الذي ينص على أن الأيام مداولة بين الناس فيوم لك ويوم عليك..؟ وعلى ذلك فإن من المستحيل ان تحتفظ أمة معينة بالزعامة والقوة الى الأبد والأمثلة على ذلك كثيرة إذا ما نظرنا الى تاريخ الحضارات.
ولكن على عكس الحضارات السابقة التي سادت ثم بادت تبقى الحضارة العربية الإسلامية تنفرد بعناصر وركائز مهمة جدا لا تتوفر في ما عداها من الحضارات الأخرى ويأتي على رأس تلك الركائز القرآن الكريم، فمن هذا الكتاب ولدت الحضارة الإسلامية ومن هذا الكتاب لن تموت وتندثر.. نعم شهدت وتشهد مراحل ضعف لكنها لن تلبث أن تنفض عنها غبار الوهن وتتألق من جديد.
يمطرنا العديد من «المثقفين» في العالم العربي بكافة اتجاهاتهم الفكرية بالكثير من الآراء والتنبؤات السوداء حيال مستقبل هذه الأمة وكأنهم يطبقون قول الشاعر «وداوها بالتي كانت هي الداء» فيصبون الماء على من يغرق ويوقدون مزيدا من النار على من يحترق..
إلا أن تلك الآراء والمزايدات لا تعدو إلا أن تكون استعراضات ترمي الى ابتزاز الإعجاب حينا والاهتمام والابهار حينا آخر.
هناك من ينقد ليبني وهناك من ينقد ليهدم وشتان بين هذا وذاك ونحن في هذه الأيام أحوج ما نكون الى مفكرين ومثقفين يتعاملون مع واقع الأشياء بمفاهيم رحبة الأفق تأخذ في الاعتبار حساسية أوضاعنا الراهنة التي لا تحتمل المزيد من الوصفات الإحباطية، ولست أدري لماذا يؤكد البعض على أننا ضحية مؤامرة دولية حيكت وتحاك لنا بهدف إبقائنا خارج دائرة التقدم والتطور الذي يشهده عالم اليوم على العديد من الأصعدة، وأننا أمام مهمة صعبة جدا إن لم تكن مستحيلة في اللحاق بركب التطور الذي وصل إليه الغرب؟!. ويضربون الأمثلة والمقارنات بين أوضاع الغرب والشرق دون ان يقدموا حلولا عملية منطقية ومعقولة لاخراجنا مما نحن فيه.
إنه لشيء يدعو للعجب أن يغيب عن أذهان أولائك «المثقفين» ان الشرق شرق والغرب غرب ولا يمكننا تطبيق نظرية النشوء والتطور على الحضارة العربية الإسلامية بنفس الطريقة التي نطبقها على الحضارة الغربية وان نتوقع نفس النتائج فكلا الحضارتين لها خصائصها ومفرداتها الخاصة بها، وما وصل إليه الغرب اليوم ما هو إلا حصيلة طبيعية لظروف وأحداث مرت به على امتداد تاريخه، نعم نحن نطمح الى تطور إيجابي في كافة أوجه الحياة لدينا ولكن يجب ان يتحقق ذلك من خلال ثقافتنا نفسها لا من خلال ثقافة الغير. فتطور أسس المؤسسات العلمية والاجتماعية والسياسية في أي حضارة يعكس بالضرورة مراحل التطور الثقافي المراحيلي لتلك الحضارة وهو بالضرورة أيضا حصيلة تجارب وأحداث عاشتها في الماضي وتعايشها في الحاضر.
إن الحضارة التي لا تستطيع ان تقدم لأبنائها منهجا للإدارة والحكم حضارة غير جديرة بالاحترام بل لا يمكن لها ان تحمل صفة الحضارة فإذا ما نحن هرعنا كما ينادي به «البعض من مثقفي عالمنا العربي» الى جلب أسس آليات إدارة حياتنا من الغرب أو الشرق فإن ذلك يعتبر بالتأكيد اعترافا ضمنيا بافلاس حضارتنا العربية الإسلامية وهي الحضارة التي منذ بزوغ فجرها الأول قدمت للبشرية أشمل وأفضل أسس التنظيم والإدارة للحياة الإنسانية.
باسم ديننا وتاريخنا وثقافتنا ننادي بأعلى صوت مثقفينا ومفكرينا العرب: هلموا نقدم للعالم نموذجا فريدا مستقلا شامخا ولنكن أبناء أبرارا لحضارتنا التي تستحق منا كل العناية والاهتمام والوفاء.
إبراهيم بن عبدالله السليمان

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved