أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th March,2001 العدد:10409الطبعةالاولـي الخميس 4 ,محرم 1422

الثقافية

الناقد محمد العباس للمساءلات:
)ضد الذاكرة( مؤلف جدلي مثقل بجماليات النقد
الناقد محمد العباس لديه تجربة متميزة في مجال النقد الادبي والابداعي صدر له كتابان نقديان حول قصيدة النثر تحديداً..وهي تجربة حديثة ومتميزة اسهمت في بناء المشروع الشعري، وعرفت بوضوح ووعي بقصيدة النثر في العالم العربي..
النص الشعري الجديد عرف بأنه مر بالعديد من المعوقات، وواجهت قصيدة النثر تحديداً تشكيكاً في وجودها واهدافها، ومراميها حتى اصبح هذا الجدل شعاراً عرفت به كفن ابداعي لتصل )القصيدة( الى القارئ محملة على هذا الكم الهائل من الاسئلة العميقة والواعية لتبعد عنها شبح الغموض والحداثة.
والناقد العباس في هذه المداخلة التي كتبها للمساءلات يحاول ان يقف على آخر المستجدات النقدية حول قصيدة النثر ليأتي كتابه ضد الذاكرة شرحا لمصطلح افق الشعر او اللاشعرية في هذا السياق الابداعي الذي يتولد كجزء من ارهاصات التحديث، والبحث عن افق جديد تتنفس فيه القصيدة الحديثة لتبنى ذاتها وتعرف بوجودها.
جاءت زاوية المساءلات هذا الاسبوع محملة على هذه الرغبة بأن نعرف كقراء الى اين وصل هذا المشروع الشعري الذي يبحث عن وجوده الفني والتاريخي والذي تشير اليه مداخلة الناقد محمد العباس حول مؤلفه الجديد.
وخروجاً عن نمط الاسئلة والاجوبة والتي درجت عليها المساءلات كتب لنا المؤلف ورقة عمل الماحية تبحث في هذه الماهية الانسانية لهذا الطرح الشعري الجديد.
وكأننا نجسد سؤالاً واحداً واساسياً يتمحور في كنه هذ الشعرية وجدلياتها القائمة لتأتي المساءلات على هذا النحو:
* الحالة الشعرية..ارتهان للفكر الجدلي الحر..
ضد الذاكرة، عنوان يشير الى نص شعري احدث ممثل بقصيدة النثر، ينفتح بصيغة جدلية على ذاكرة ثقافية مثقلة بموروث جمالي شديد الوطأة على الذائقة وعصي على الاختراق، وعلى ذلك يتحرك الكتاب نسقيا في حركة عمودية وافقية داخل لحظة ابداعية مثيرة لكثير من التخرصات المعرفية والفنية حيث يتولد على جنباتها جملة من الآراء والتنظيرات المساندة والمضادة، فقصيدة النثر منطقة وعرة ومحك اختباري للفكر العربي لحظة اتصاله بمفاهيم الحداثة، وهو الامر الذي يحاول الكتاب منذ مقدمته التي جاءت بمثابة بيان شعري ان يؤكده من خلال الاقرار بالصلة المفهومية والذوقية بين اللحظة او الحالة الشعرية العربية ومقابلها العالمي ضمن حاضن انساني اكبر.
وبناء على تلك الجدلية الحفرية يصطدم الكتاب بمقترحات ومنتجات اللحظة الشعرية العربية بشقيها النقدي والنصوصي، التي خضعت لها الذائقة العربية بشكل تراكمي، والتي حاولت ان تخلع عن قصيدة النثر سمة الحدث الثقافي وتقليصه الى مستوى الواقعة العروضية الامر الذي افقدها الكثير من حيوية الانتاج والتلقي، وهي المهمة التي تخضع لمقاربة انزياحية بعض الشيء في محاولة لنقل سؤال الشعر الى منطقة اكثر لذة وفاعلية، اي النأي به من ضجيج مسألة الانتساب واصولية السلالة الثقافية، ووثنية المصطلح الى افق الشعر او اللاشعر.
* سر القطيعة بين الرؤية النقدية والرغبة القرائية..
والتعاطي مع هذه الفكرة الداهية بعيدا في التاريخ والفن، يعني التماسا بفقه الشعرية العربية المؤسس على ذهنية تقليدية مازالت تفرض سطوتها على الذائقة، وتحبسه في اكرونولوجية تحديث ترابية وحذرة مشروطة بمرجعيات يعاني بعضها من الاهتراء او الزعزعة نتيجة المؤثرات والمستجدات الابداعية، وهو ما نحا بالكتاب الى الحفر باتجاه سر القطيعة النقدية/ القرائية، ومجادلة مأساة الوعي الشعري/ النقدي، من حيث انئسار النص الشعري الى منظومة تعبيرية تبدو اليوم متهمة بالتراجع، ومفتقرة الى الكثير من عناصر الحيوية، ومن حيث انشغال الوعي النقدي بهوس التسمية، اي تسمية ماهو مستجلب اصلا، ونكوصه على ارهاصات التحديث التي ادخلت الوعي الشعري بوجه عام في متاهة حداثة مستريبة افقية ومترددة.
والجدل المقترح في الكتاب ينتصر الى فعل التأصيل المغيب، لا وفق الصيغة التقليدية، انما بالمعنى التحديثي على السائد، المثبت كحق انساني )فني وتاريخي( بسابقة احتجاجية ومقترح واع الذي كان ممكنا لولا النكوص الذي يبديه الوعي الشعري/ النقدي بين حقبة واخرى، وعلى ذلك يتجاوز الجدل شكل الظاهرة )قصيدة النثر( وصنمية جنسها او تراتبية وشرعية ولادتها الى جوهرها، من خلال تأمل العلاقة المعقدة بين الجماعة ومضامين الظاهرة، اي العودة بأصل ذلك الفعل التحديثي الى مبرراته السوسيو ثقافية، لا مجرد التأكيد على شرعية وجوده، فالكتاب لا يحاول الغاء شكل واستبداله بآخر، بقدر ماهو معني بنبش الذاكرة والتماس على اوجه حصارها، لفتح اللحظة الشعرية، اثبات حق التعبير للذوات التي تعيشها، على افق يتجاوز الدلالة الصوتية ويتمدد بحرية في وساعات الايقاع.
* الوعي النقدي يؤكد جاذبية القصيدة النثرية.. بهذا تورط الكتاب في مفهوم الزمرة من الوجهة السوسيولوجية، وكمكون لشعرية القطعية هذه القائمة على ازمة حضور انساني/نصي متمثل بشكل صريح في منسوب الانتاج والمقروئية لظاهرة قصيدة النثر، من حيث الخرافة المشيدة بوعي وادعاءات بعض منتجيها، ومن حيث الكفاءة المتضمنة داخلها وفق مفهوم البذرة النافية، التي تشي بمكمن التجربة على محك واقعها المغاير، والتي تحيل بشكل مضلل الى اغتراب الذات عن شكل ومضمون انتاجها، ومن حيث اصطدمها بوعي نقدي عنيد معرفيا وذوقيا، محموم بالتسابق مع الشعر ليحظى برتبة الخطاب الاول، اذ مازال يحرض الذائقة على مزيد من الانصراف عن جاذبيات قصيدة النثر الجمالية دون تمييز بين طيفية حضورها المتعدد كما يتمثل في السردي والملحمي والوجداني واليومي..الخ.
كما يميل الكتاب الى انسنة الكائن الشعري لا الذهاب به الى مستوى الرائي والعراف وغير ذلك من الاوصاف ما فوق الانسانية، لتأكيد انتسابه الى حقيقة ووجود البشري، فهو كائن برتبة انسان في المقام الاول، يعطيه المنحنى الوجودي لقصيدة النثر امكانية تقليص المسافة بين الحقيقة والكلمة، ومطابقة دال الاشياء والحالات بمدلولها، وتأسيس متكأ لقارئ يمكن به كسر حياديته او مشاركته المرجأة، كما يمكن زحزحة الاقنومة الجمالي عن صنميتها، دون ارتهات لعادات الحداثة المكتسبة بصورة شكلانية او لا واعية.
ولان اللغة هي المكمن الاكثر تعقيدا بالنسبة للشعرية العربية، فهي المكان المقدس الذي يقيم فيه الكائن العربي منذ قرون كان لابد من مجادلة صدمة الاغتراب اللغوي بمعيارية الاثر والتأثر، اي حساسية الاصغاء الى الآخر كضرورة من ضرورات الحداثة، على محك الاستلاب الى لحظة/ لغة الغالب، وايضا الانكفاء الى قدسية المرورث، بمعنى الوقوف بسؤال الشعر على حافة الهوية والتأصيل، وهوس القدامة والحداثة، وتلمس مكمن الخطورة المتوهمة او بمعنى ادق شكل اللغة التي جاءت بمثابة معول ينتأ مواضعات اللغة ويزحزحها عن اشتراطاتها الفنية والموضوعية والتاريخية.
* مبرارات قصيدة النثر..الالتفات الى شكلها العفوي..
ومن هنا جاءت اهمية العودة بقصيدة النثر الى مبرراتها السوسيولوجية، وتأمل لحظة التشظي الاولى لتولدها للوقوف على شكلها العفوي، ونبرتها الصدامية، وتبشيريتها التنظيرية، وصلتها بالمجموع والذائقة الجمعية، مع تفحص لفعل التأصيل الدفاعي عند جملة من النقاد والشعراء والتي ذهبت بمرجعيات هذا اللون الابداعي الى نواح متعددة وصولا الى محطات ما قبل التاريخ، فقصيدة النثر واقعة ابداعية تأخذ مكانها في قلب الفكر والجدل العربي، وليس مجرد مقترح ابداعي نتقدم به داخل اللحظة الشعرية او نعبر به الى ضفة الحداثة او نزعم ذلك.
* لغة الفن..صنيعة القصيدة..
ومن الوجهة البنيوية تم التعاطي مع صيروراتها المختلفة كحدث اجتماعي تتقاطع فيها جملة من العلامات اللسانية، او هذا ما اراده الكتاب بمحاولة الاصغاء الى ما يأتينا من خلف تلك البنى الاجتماعية المختلفة، وتفحص شكل ذلك التشكل الثقافي او المنتج الاجتماعي اللامادي الجديد، فقصيدة النثر كنص تنبىء عن وجود اصل مادي معاش يتناغم بشكل بنيوي مع صداه او ما يعبر عنه بصيغة لغوية، وهو ما يتفسر في الغالب عند نقل لغة الفن الى مضمار الاجتماع او عند احداث تماس بين الدائرتين ليكون الحديث عن الشعر بحثا في ماهيته، وحديثا من داخله، لا مجرد نزهة على حواف سجال يفصم هذا الافق الانساني الهام على مجرتي تأثير التغريب والموروث.
الكتاب كشف لزيف الشعرية النازفة في الوطن العربي
الكاتب
* محمد عبدالله العباس
* ناقد وكاتب صدر له قبل هذا الكتاب آراء نقدية حول الطرح الابداعي الحديث
* صدر له كتاب في النقد الادبي )قصيدتنا النثرية(
وآخر) حول المعنى(
* له تحت الطبع اعمال نقدية جديدة
* يكتب المقالة النقدية، ولديه اسهام نقدي يتركز غالباً حول قصيدة النثر.
الكتاب:
* ضد الذاكرة
* حول شعرية قصيدة النثر.
* الطبعة الاولى 2001م
* صدر الكتاب عن المركز الثقافي العربي بيروت.
* يعد هذا الكتاب الثالث للمؤلف.و يقع في نحو )150 صفحة( وهو من القطع العادي.
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved