أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th March,2001 العدد:10409الطبعةالاولـي الخميس 4 ,محرم 1422

الثقافية

قراءة في تاريخ المسرح السعودي
ورقة عمل في ندوة المسرح السعودي المقامة ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية السادس عشر
محمد العثيم
تعودتم أن من يجلس هنا يصير محاضراً يأتي بورقة في موضوع من الموضوعات تكتبون منه في كشكول البحث ما تكتبون، لكن كاتب الورقة ليس أحسن من الحضور في الموضوع المطروح لذلك يدعوكم إلى ان ندع الركض النظري حول قضية مللنا تاريخها إلى موضوع أفضل وهو ان نحلل مسيرتنا المسرحية في الخمسين سنة الماضية.
كيف صارت وإلى ماذا انتهت وما أسباب تأخرها عن الركب.
وسبب اختياري هذا الموضوع هو اننا في حقيقة الأمر لا نملك تاريخاً مسرحياً طويلاً وصعباً مثل غيرنا يمكن ان تختلف فيه الآراء وتتقابل الحقائق فيكون فرصة للدرس التاريخي، ولكن عندنا خطوط رئيسية انتهت بنا إلى اليوم بعضها متصل وبعضها منقطع، وأي كتاب من كتب المسرح المحلي في الغالب يبدأ فصوله بكلام عن البداية عند الاستاذ احمد السباعي الذي بنى دارا وأعد مسرحية ولم يستطع العرض.. ربما بدأ الباحث مع بدايات قبل ذلك مثل أول من قدم مسرحية وآخر من قال كذا.. وبعض من ارخوا عدوا اربع او خمس مراحل تبدأ من أيام الشيخ صالح بن صالح بالقصيم الذي وطن مسرح التعليم هناك قبل تجربة السباعي بسنتين، وكان قد شاهد عروضاً في البحرين فحاول نقلها لمدرسته الحديثة آنذاك.. ولكن تاريخ المسرح السعودي يتسلسل مع جدول جمعية الفنون بتجارب متوالية لإبراهيم الحمدان وحمد البخي وراشد الشمراني وكاتب هذه السطور وماضي الماضي ثم جيل الشباب الذي ملأ كل ربع وصوب وفاق في حماسه تجاربنا.
اليوم يقدم كثير من الشباب عروضاً رائعة لكن هناك تجارب متميزة من اخراج بعض الشباب السعوديين فاقت بكثير المراحل كلها.. وأكتفي بتجارب بعض شباب الاحساء وكلية البترول والمعادن وجامعة الملك عبدالعزيز وانا اقصد هنا تجارب الشباب السعودي دون غيره من اسهامات الاساتذة العرب الذي آثروا العروض المسرحية في كل الجامعات.. ثم وتجارب الجمعية في الدمام.. وتجارب جامعة الملك سعود إلى جانب تجارب شباب الطائف التي تعتبر بحق تجارب متواصلة ومميزة.
وحول كل هذا سأسوق افاهيم تليها استنتاجات وهي افاهيم سقتها بصيغة المفهوم وتركت الفرصة لملء فراغها مستقبلاً من خلال منهج تحليلي لتكتمل.
التفاهم الأول: إذا ما تجاوزنا تاريخ المحاولات الأولى التي هي بالنسبة لنا غير واضحة المعالم فإن تجارب المسرح السعودي الحالية خرجت من عباءة التلفزيون.. فعند تأسيس التلفزيون في 1966 كان هناك اكثر من شاب يحاول ان يخرج أعمالاً درامية.. الذي حدث بعد ذلك ان احد مخرجي التلفزيون وهو الاستاذ ابراهيم الحمدان قرر ان يخرج عملاً فكاهيا للجمهور ويعرضه بنفس الممثلين.
وهذه النقطة غريبة بعض الشيء لأن التلفزيون في كل أنحاء العالم ومنذ ظهوره في الاربعينيات كان يستعين بالمسرح لكن التلفزيون عندنا يتسبب في حركة مسرحية.. وهذا تاريخ معكوس ارجو ان نستطيع معرفة اسبابه من باب المسرح والمجتمع وما أذهب إليه هو هل البيئة المحلية مجدبة من الفن إلى الحد الذي لا تعرف الفن إلا من الطريق الأعوج وهو المجال الذي لا يعطي فناً عميقاً من الفنون الجميلة وأقصد به التلفزيون الذي تعتبر فنونه محدودة بفنون الواقع المعاش حيث يتميز بآنية وواقعية لا تسمح بنفي الفعل.
من الأقوال على هذا التفاهم «1» ان الناس عندما يمارسون التمسرح الاحتفالي بمناسبات كثيرة ولكن ليس مشروطا بالعرض المسرحي المعروف «2» ان البيئة البدوية لا توفر مناخ استقرار ليمكن تقديم عروض مسرحية مما جعل العروض تنحصر في الرديات والسامريات وما شابهها في كل المناطق «3» ان استشراء الأمية لقرون كثيرة في وسط بيئتنا لم يتح فهما لاستيراد المسرح بمفهومه الحديث لصعوبة النقل بدون نص يفعل للعرض.
أي هذه التقاطعات سبب تأخر مسرحنا لمائة وخمسين سنة عن أول عروض العالم العربي في الشام ثم في مصر؟.. لا ندري لأن احداً لم يسأل عن السبب قبل، ذلك ولكن الجميع اكدوا ان تجربتنا المسرحية متأخرة.
التفاهم الثاني: ان بلادنا اكثر البلدان احتفاء بالشعر بل ان شعرنا يكاد يكون الأول في العالم العربي قديما وحديثا وللحركة الشعرية اثر في المجتمع تسجل الاحداث وتحيي التفاعلات الوجدانية وتلحق بها عرضات وسامريات حسب الحال في حال الاستقرار والسلم يقوم السمر بألوانه المعتمد على الكلمة الشعرية.. وفي البادية تزهر الرديات والقصائد الموضوعية وفي الحروب تنشط اشعار العرضة وغناؤها لحث الهمم ضد الأعداء.
من الأقوال على هذا التفاهم ارصد النتائج التالية: «1» انه رغم وفرة الشعر كما وكيفاً ومع وجود افعال واغان مرتبطة به لم يتقدم الخطوة الحاسمة من المسرحانية إلى المسرح «2» ان الشعر الذي هو ديوان العرب يكون في الغالب مدحاً أو ذما لكنه قل أن يذهب في أغراض الملحمية إذا ما استثنينا شعر الفخر.. وشعر الفخر لم يقترن بالملحمية واقتصر على التفاخر الفردي او القبلي ولو خطا الخطوة الباقية باتجاه العمومية والنحن لكان لدينا الآن ملاحم تفوق ملاحم اليونان.. ولكانت النتيجة مسرحاً يعرض.
التفاهم الثالث: بقي المسرح السعودي بلا شرعية طيلة حياته وحتى تلك المؤسسات التي حاولت اعطاءه المشروعية خارج مؤسسات التعليم كانت ثبط الهمم للقائمين عليه في مسائل الإنتاج..
وحتى الإنتاج الذي تم ويتم في الجمعيات والأندية الأدبية سابقاً لم يكن منتظما، ولا على منهج من مناهج العمل المسرحي الواعد بل كان اجتهادات فردية يقوم بها أفراد بدافع هاجس ذاتي خارج موضوع الصالح العام، وانما بهدف فائدة شخصية.. وتأتي أكثر العروض خارج السياق الثقافي في باب التهريج للتهريج مما يجعل الكثير من الأعمال لا تحسب للمسرح السعودي حتى وان ادعى مؤلفوها انها تحمل توجيها وارشاداً لأن وظيفة الفن ليست التوجيه والإرشاد بل وضع الإنسان أمام صورة نفسه الحقيقية ليصلح معوجها بنفسه، وما يفعله الفن للفرد يفعله للمجتمع برفع المرآة في وجهه وعالياً ليرى هذا المجتمع أو ذاك عيوبه ونقائصه ويعمل على إصلاحها.
ومن النتائج التي يحسن ان تناقش من هذا التفاهم «1» قضية تنقية الفن المسرحي السعودي من هذه المفاهيم الخاطئة التي تخلط بين الفن والوعظ والإرشاد لأن وظيفة الفن أسمى وأكثر اثراً من الوعظ المباشر «2» ان يوجد نقد عادل يوقف المهرجين من احتلال مقامات الثقافة ولا يتم ذلك الا بوجود مدارس ومراكز تدريب تجيز من يعمل بالفن ولا تعطي رخص العمل إلا بشهادات فنية لا تنظر للمقدرة بل للثقافة.
التفاهم الرابع: واقع الحال انه لم يكن هناك هاجس اجتماعي للمسرح ولم يكن العرض المسرحي مفهوما لكن الصحافة والإعلانات الكبيرة جاءت بالناس إلى قاعة المربع القديمة ليتزاحموا هناك لمشاهدة عرض مسرحي، اما ما كان قبل ذلك في المدارس والحفلات والمناسبات فكان تحت مظلة الاحتفال الرسمي القائم اساساً بمسرح او بدونه ونتائج هذا التفاهم «1» كانت هناك محاولات في الخمسينيات ربما واحدة منها محاولة الشيخ احمد السباعي لفتح دار للمسرح لكنه لم يستطع لأن الرقابة الاجتماعية منعته من ذلك، فالناس في ذلك الوقت لا يدرون معنى ما يفعل ولذلك لم تكن هناك فكرة مسبقة عن العرض اللهم إلا اولئك الذين شاهدوا أفلاماً من السينما المصرية السابقة على ذلك الوقت او يكونون قد سافروا خارج البلاد، ولذلك قد تكون لدى بعضهم فكرة ولكن الغالبية لا تدري غير ان هناك شيئاً مسلياً قد يحدث كما يحدث في الساحة او الاحتفال.
نتيجة «2» من هذا التفاهم ان المجتمع لم يتعقد حضاريا إلى الدرجة التي تجعل مشكلاته تحتاج إلى استظهار مسرحي، ولذلك فإن العرض المزعوم كان هاجساً جديداً من تلك الأمور الجديدة التي تركها أحسن منه لذلك لم تظهر الحاجة لأن المدينة نفسها لم تتقدم بما يكفي..
«للحديث بقية»
Othaimm@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved