أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th March,2001 العدد:10409الطبعةالاولـي الخميس 4 ,محرم 1422

القرية الالكترونية

النافذة
أطفال البوكيمون والواقع الافتراضي
م. مشبب محمد الشهري
كثير من الناس يشتكون من اختلاف شباب الجيل الصاعد عن من سبقوهم من الاجيال السابقة فهناك اختلاف في الملبس، اختلاف في المأكل، اختلاف في الثقافة، اختلاف في العادات واختلاف في التفكير، فكثير من ربات البيوت اليوم صار لزاما عليهن اعداد سفرتين مختلفتين من الاطعمة في كل وجبة، واحدة للأبوين واخرى للاولاد هذا اذا لم يأكل الاولاد في الخارج هذا بالنسبة للمأكل. اما عن الملبس فحدث ولا حرج فصار من الصعب تمييز الشاب السعودي الا اذا تكلم الا ان هذه الاختلافات ليست من الخطورة بمكان اذا ما قورنت بخطورة الاختلافات في العادات وفي الثقافة.
قد يقول البعض ان الاختلاف بين الاجيال طبيعي وان العادة جرت على مر العصور من تشكي السلف من اختلاف الخلف عنهم في كثير من الامور وأن مقولة هل تريدون ان تعيشوا عصركم وعصر غيركم كثيرا ما تتكرر على مر العصور فما الجديد في الامر.
الامر عزيزي القارىء مختلف جدا ففي الماضي دائرة التأثير في النشء كانت ضيقة كانت شبه محصورة بين الاسرة وبين البيئة الخارجية المحيطة بما فيها من مجتمعات وكائنات فكانت الاختلافات شبه معدومة ثم بعد ذلك اخذت دائرة التأثير تتوسع فأتت المدرسة لتترك تأثيرها على الاجيال وبعدها اتت ثورة المواصلات لتسهل الاتصال بين المجتمعات ولتفتح المجتمعات على بعضها ولتتسع دائرة التأثير ثم اتت ثورة الاتصالات )المبرقات، التليفون، التلكس، والفاكس، البريد( بالاضافة الى الاذاعة والتلفزيون لتجعل من العالم قرية صغيرة ولتكون دائرة التأثير قد بلغت اشدها حيث شملت جميع انحاء العالم فقد يتأثر طفل يشاهد تلفزيون على ضفاف الخليج العربي بعادات شعوب الاسكيمو في القطب الشمالي من خلال مشاهدة برنامج عن تلك الشعوب الا ان دائرة التأثير لم تتوقف عند هذا الحد فقد اتت ثورة المعلومات والاتصالات وعلى رأسها تقنية الانترنت في النصف الاخير من القرن العشرين لتجمع بين جميع التقنيات السابقة ولتصل درجة التأثير الى مداها فعلى يد هذه التقنية تحطمت قيود كثيرة قيود المكان قيود الزمان قيود قوانين الطبيعة وقيود قوانين المجتمعات انها بحق تقنية انقلابية سوف تغير بصورة جذرية كيف نعمل وكيف نتواصل وكيف نفكر.
وبعد هذه الرحلة المختصرة عبر العصور رأينا فيها كيف اتسعت دائرة التأثير على الانسان بصورة عامة وعلى النشء خاصة من مجرد تأثير محدود من الاسرة الى التأثر بجميع ثقافات وعادات شعوب العالم قاطبة دون وجود اي عقبات او موانع مادية تمنع من انتشار تلك الثقافات والعادات.
الهدف عزيزي القارىء من هذا الاستعراض ليس سرد التغييرات التي طرأت في المجتمعات على مر العصور فكاتب هذه الاسطر آخر من يتكلم في علم الاجتماع ولكن الهدف هو ايضاح مدى الفجوة والاختلافات التي احدثتها التقنيات الحديثة بين جيل الامس وجيل اليوم والتي سوف تتسع اكثر واكثر في السنوات القليلة القادمة مع التطور الكبير والسريع في تقنيات المعلومات والاتصالات.
ماذا يتوقع من طفل يشاهد اختلاط عالم الواقع بعالم الخيال في وقت تحطمت فيه الحدود بين هذين العالمين ففي التلفزيون عندما يشاهد الطفل مسلسلاً كرتونياً مثل مسلسل البوكيمون ويشاهد هذه الكائنات الغريبة وهي تعمل ما لم يمكن إدراكه وفهمه في عالم الواقع ثم الاستمرار على مر الزمان في تغذية عقول النشء بهذه الخيالات حتى يستمرئها ويصبح من الصعوبة على الطفل التفريق بين الواقع والخيال هذا بالنسبة لوسيلة التلفزيون اما بالنسبة لوسيلة الانترنت والالعاب الالكترونية او ما يعرف بVirtual reality )الواقع الافتراضي( فالمصيبة اعظم حيث لم يعد دور الطفل دور المتفرج بل أصبح دوره هو البطل في اللعبة فعندما يخترق الطفل الحواجز في احدى الالعاب او يهوي من شاهق دون الاصابة بأي اذى فان ذلك يشوّش عليه تفكيره ويختلط فيه الواقع بالخيال ألم أقل لكم اننا نعيش في زمن تلاشي الحدود والحواجز زمن التقلبات.. وبعد ألا يزال هناك تشكك في التغييرات التي ستطرأ على مجريات حياتنا وعلى ما يمكن ان تحدثه التقنيات الحديثة في تغيير المجتمعات وخطورة هذا الغزو الثقافي الالكتروني في بناء ثقافات على انقاض ثقافات اخرى وهنا يظهر التساؤل المهم التالي: ماذا أعددنا لذلك الزمن القريب؟
صورة مع التحية لعلماء الاجتماع والمعذرة عن الإزعاج.
mmshuhri@ahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved