أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th March,2001 العدد:10409الطبعةالاولـي الخميس 4 ,محرم 1422

الاخيــرة

خاطرة
فوزية أبو خالد
عامدة متعمدة اخترت عنوان هذا المقال المستمد من عناوين دفاتر الإنشاء المدرسية وذلك في محاولة بريئة بالطبع للتعبير عن حالة السأم والسخط التي أشعر بها تجاه العواميد أو الأعمدة التي تسمى ايضاً «زوايا» مما تعج به صحفنا اليومية... بل إن عنوان خاطرة قد يكون عنواناً رومانسياً لا تستحقه أسقف هذه الاعمدة والزوايا الخفيضة وكلماتها المعلوجة بلجاج ما يشبه مضغ الطعام.
أعمدة وزوايا متشابهة حد التناسخ أو بالأحرى الاستنساخ ، بليدة حد الجبن، كسولة حد التثاؤب، بطيئة حد الزحف، خائفة حد الوسوسة، باهتة حد البله، خانعة حد الانكفاء، متخثرة حد التطحلب. أعمدة وزوايا خالية من الجرأة والابتكار ومن الأفكار الجديدة، ومفرغة من رغوة اللغة حد الاستفزاز.
ومع هذا نستمر نكتب وكأننا نكتب من الاكفان ويستمر القارىء يقرأ مغلوباً على أمره اما بحكم التعود على هذه الاعمدة النخرة وروائحها العطنة أو تمسكاً بالأمل لعل الله يبعث في هذه الاعمدة والزوايا شيئا من رمق الحياة فتحيا بعد مواتها أو شيئاً من رمق الحياء فتنحل من تلقاء نفسها.
ومع ذلك تستمر هذه الأعمدة والزوايا مسربلة بسباتها، تتآكل بتكرارها، تنقل من بعضها البعض باطمئنان مريب، نفس المواضيع، نفس اساليب الطرح واحيانا نفس الاخطاء اللغوية وآثام الكلام الذي حين يفتقد الصراحة والمصداقية تكون آثامه أفدح من آثام الصمت.
ليس الا بين جيل وجيل يخرج عن هذه الأعمدة والزوايا موضوع يرج حالة الجمود العام الذي يعتريها. فنتحدث عنه في مجالسنا أو نتبادله عبر الفاكس أو الانترنت ثم ننسى صاحبه وموضوعه ونعود نحشو الأعمدة والزوايا بمزيد مما يحجب الشمس والهواء عن وجه الجزيرة.
فما الذي نحتاجه يارب، ككتاب لهذه الأعمدة والزوايا لنكف عن « غث كبد» القارىء بغثاث الجر واضغاث الأوراق؟!.
ما الذي نحتاجه ككتاب لئلا نضطر عمداً أو سهواً، غصباً أو رغبة أو امعاناً في التعاون مع بلادة الاعمدة وهمها الاسبوعي الى كسر كبرياء الكتابة بكتابة لاتمت الى الكتابة بصلة غير تشابه التهم؟!
ما الذي نحتاجه ككتاب نحتل هذه الأعمدة والزوايا كتكاياتركية تحاول ان تسد آفة الجوع بفتات الابجدية لنكف عن توجيه الاجنحة ولجم أحصنة الحروف أو تحطيم أنوفها.
ما الذي نحتاجه ككتاب زوايا وأعمدة لئلا تتساوى طروحاتنا من عدمها ولئلا نكون كما نحن الان شر حميد لابد منه لصباح الصحف؟
ما الذي نحتاجه ككتاب آعمدة وزوايا لنحلل حبنا لهذا الوطن لنحس ما يجري في عروق بناته وأبنائه من آمال وآلام ونعبر عنها بغير الغمغمة؟
ما الذي يتعين علينا لنقدم رأياً وموقفاً وتحليلاً في هذه الزوايا أو على الأقل لغة ممشوقة غير ملوية العنفوان؟!
ليس لدي بالطبع وصفة سحرية وإلا لكنتُ أول من استدوى بها، غير أن نهز ضمائرنا كلما راودها سلطان النوم أو أراد أن يسطو على صحوها السبات.
ولعلنا كتاب الزوايا والأعمدة نحتاج بين الحين والآخر إجازة للصمت نسترد فيها من إرهاق الكتابة الأسبوعية ورقبائها الكثر في دواخلنا وخارجها، ما يعينينا على تجديد خلايا الحرية في دمائنا.
وعليَّ قبل انهاء خاطرتي هذه، وهذا ايضاً احد اوجاع الجبن في الكتابة، أن أؤكد أنني ويعلم الله لا اطلق أعنة اللوم على أحد بعينه ولكنني أعنفنا نحن اصحاب الزوايا والأعمدة بصوت عال عل منا من يسمع. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved