أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th March,2001 العدد:10409الطبعةالاولـي الخميس 4 ,محرم 1422

تحقيقات

أول فيروس يكتشف بالتاريخ:
الحمى القلاعية ليست جديدة على المملكة ولا خطر منها على الإنسان
* كتب سلطان المواش:
على صدى ما يتردد ويذاع وتتناقله وسائل الإعلام من هنا وهناك عن مدى تفشي مرض الحمى القلاعية بين أنواع وفصائل من الحيوانات وصلت الى حد الإبادة ان لم تنفق طبيعيا بسبب حدة المرض، ولأن البعض يرغب في التعرف عن قرب على ماهية المرض وأسبابه وسبل الوقاية وعلاجه ومدى الأضرار التي قد تلحق بالإنسان بسبب الداء الذي ينتشر في أكثر من بقعة بالعالم.. كان هذا الإيضاح والتقرير عن تاريخ المرض وما يتعلق به نقلها لنا أحد المختصين وخصَّ بها الجزيرة وهو الأستاذ الدكتور الطيب أبو الزين أخصائي الحمى القلاعية وأستاذ الفيروسات بكلية الطب البيطري والثروة الحيوانية بجامعة الملك فيصل بالأحساء...
الحمى القلاعية
هي مرض فيروسي يصيب مشقوقات الأظلاف من الحيوانات مثل الأبقار والأغنام والمعز والخنزير والغزلان والجاموس وبعض مشقوقات الأظلاف من الحيوانات البرية. ولعل أكثر الحيوانات إصابة هي الأبقار والخنزير. أما الجمال وبعض سلالات الأغنام والمعز فلا تصاب بالمرض، أو تكون الإصابة بها خفيفة للغاية.
وكان أول تقرير تاريخي عن المرض في القرن السادس عشر عندما صدرت نشرة عن انتشاره في شمال إيطاليا عام 1514 للميلاد. ومنذ ذلك التاريخ ظهر المرض في أماكن عديدة من العالم، وما إن حل القرن التاسع عشر حتى غطى وباؤه كل القارات.
وخلال الحقبة الأخيرة من القرن التاسع عشر الميلادي وبالتحديد في العام 1897م، توصل العالمان الألمانيان )لوفر وفروش( الى ان المسبب لمرض الحمى القلاعية عباره عن كائن راشح يستطيع ان يمر خلال المصافي الدقيقة التي لا تسمح بمرور البكتريا والكائنات الدقيقة الأخرى. ونتيجة لذلك فقد أطلق عليه العلماء في تلك الحقبة اسم «الفيروس» وكلمة فيروس تعني السم، ووصفوا الراشح من أنسجة الحيوانات المصابة بأنه راشح حي ومعد وحينها حار العلماء كثيرا ولم يجدوا تفسيرا لما توصلوا له.
كانت تلك الملاحظات هي الفتح الذي أراد الله به ان يتعرف الإنسان على عالم متكامل قائم بذاته ألا وهو عالم الفيروسات الذي ما يزال الكثير منه مجهولا، إذن فإن فيروس الحمى القلاعية كان أول فيروس يكتشف في التاريخ لمرض يصيب الإنسان أو الحيوان.
ومنذ بزوغ فجر القرن العشرين الميلادي واصل العلماء البحث المتواصل لمعرفة أسرار ذلك الفيروس. ومع التقدم المطرد في التقانيات المختلفة توصل العلماء الى تصنيف فيروس الحمى القلاعية ضمن عائلة البيكورنا PICORNAVIRIDAE(( وجنس ال )APHTHOVIRUS(.
ماهية الفيروس
يحتوي هذا الفيروس على شريط واحد من حامض الريبوتيوكليك )RNA( المغطى بغطاء بروتيني، يتكون من 32 وحدة، يسمى الكابسيد CAPSID(( أو الكبسولة وهذه الكبسولة لها شكل هندسي دقيق ذو عشرين وجها مثلثا، متساوي الأضلاع، واثنا عشر رأسا. كما يبلغ طول قطره من 20 الى 23 نانوميتر )النانوميتر يساوي واحد على مليون من المليمتر(. ويتحلل الفيروس إذا تغير الوسط الذي يحفظ فيه الى الجانب الحامضي أو نتيجة لتأثير الحرارة على الحامض النووي، هناك سبعة أصناف لفيروس الحمى القلاعية الصنف "O" عرف لأول مرة في فرنسا والصنف "A" في ألمانيا والأصناف )1.2.3( من جنوب أفريقيا والصنف )آسيا 1( من جنوب شرف آسيا.
ويحتوي كل صنف من هذه الأصناف على عدة فصائل متميزة ومتباينة. حيث لا توجد مناعة متبادلة بين الأصناف ولا بين الفصائل.
والشيء الخطير عن أمر هذا الفيروس انه يستطيع ان يغيّر تركيبته الوراثية من حين لآخر حيث تظهر فصائل ضارية جديدة في الحقل تتسبب في خسائر اقتصادية فادحة في الإنتاج الحيواني.
التوزيع الجغرافي
أما التوزيع الجغرافي الحالي لأصناف الفيروس السبعة فهي كالآتي : O وA و C موجودة تقريبا في أماكن مختلفة من العالم. أما )! ASIA( فهي موجودة في دول آسيا، بينما كانت تنحصر الأصناف )1 SAT( )2 SAT( و )3 SAT( في افريقيا حتى عام 1962م عندما تسبب النصف )1 SAT( في وباء كبير بمنطقة الشرق الأوسط.
يدل السجل التاريخي للمرض على انتشاره في كل القارات عدا نيوزيلنده التي لم يظهر بها المرض اطلاقا ولكن بمرور الزمن فقد تخلصت بعض مناطق العالم منه مثل: أمريكا الشمالية والوسطى واليابان واستراليا والدول الاسكندنافية. أما بقية أنحاء العالم فإما ان تكون موبوءة أو يظهر فيها المرض من آن لآخر كبريطانيا.
الأعراض السريرية للمرض:
تترواح فترة حضانة المرض بين يومين لسبعة أيام. فترتفع درجة حرارة الحيوان ويتكاثر الفيروس بكميات كبيرة في الدم )VIRAEMIA( ويلي ذلك مباشرة ظهور حويصلات مليئة بسائل شفاف في داخل الفم وبخاصة على الغشاء الطلائي للسان وفي شق الأظلاف وعلى حلمات الضرع يتبع ذلك زيادة إفراز اللعاب وسيولته وعندما تنفجر الحويصلات تترك أنسجة مكشوفة قابلة للعدوى بالبكتيريا حيث تلتهب هذه الأنسجة وتتعفن وهذه الأنسجة الملتهبة تمنع الحيوان من الأكل إذا كانت في الفم وتمنعه من الحركة إذا كانت في القدم أما حويصلات الضرع فتتسبب في التهابه ونقص الحليب.
تأثير هذا المرض يكون في ذروته على الحيوانات التي تعتمد على الرعي في معيشتها فهي تفقد المقدرة على الحركة لترعى كما تفقد المقدرة على الأكل فتنقص بذلك أوزانها وتنفق صغارها حيث تزيد نسبة النفوق في الصغار عن 50% أما في الكبار فالمرض غير قاتل ولكن تحت ظروف قاهرة ربما تصل نسبة الوفاة الى 5%.
ومن مخلفات الحمى القلاعية في الحيوانات، الإجهاض والعقم وضعف في التوالد، ونقص الحليب لفترة طويلة قد تصل الى ستة أشهر وأكثر.
طرق انتقال المرض:
لعل مرض الحمى القلاعية من أكثر الأمراض عدوى حيث تنتقل العدوى مباشرة من الحيوان المصاب الى الحيوان القابل للمرض أو بطرق غير مباشرة نتيجة ملامستها لمواد ملوثه بالفيروس مثل اللعاب والحليب والبراز والبول. كما ينتشر المرض عن طريق السيارات والطائرات والناس والطيور. كما ان هناك بعض الحيوانات الأليفه والبرية تحمل الفيروس لمدة طويلة بعد شفائها من المرض. ومن ثم يمكن ان تنقله لحيوانات أخرى قابلة للعدوى. كذلك ينتقل الفيروس عن طريق الرياح تحت الظروف الطقسية الملائمة.
التشخيص المختبري للمرض:
أخذ عينة لا تقل عن جرام واحد من الغشاء الطلائي للسان، ،كذلك لو أمكن التحصل على سائل الحويصلات فهو مليء بالفيروس كذلك. توضع هذه العينات في محلول 50% جلسرين سلاين معقم على ان تكون نسبة تركيز أيون الهايدروجين فيه لا تقل عن 4.7، )PH7.4( ويرسل للمختبر مباشرة.
لقد استخدمت طرق عديدة لتشخيص وتصنيف فيروس الحمى القلاعية منذ اكتشافه. فقد كان العلماء حتى بداية الأربعينيات يعتمدون في تشخيص المرض على حقن الحيوانات بالفيروس. ولكن في عام 1943م تمكن العالمان الألمانيان )TRAUB*MOLMNN( من ابتكار تقنية تثبيت المعامل لتشخيص وتصنيف هذا الفيروس. ومن بعدهم قام )BROOKSBY( في عام 1952م بتنقيح تلك التقنية فأصبحت تستخدم في المختبر المرجعي العالمي في )PIRBRIGHT( ببريطانيا.
استمر استخدام تلك التقانية ولكن ظهرت لها بعض العيوب مما أدى إلى ابتكار تقانية الأليزا )ELISA( بواسطة )ABUELZEIN*CROWTHER( في عام 1978 1982 وحتى هذه اللحظة تستخدم تقنية ال)ELISA( في تشخيص فيروس الحمى القلاعية في كل المختبرات العالمية.
لعل من أهم النقاط في تشخيص فيروس الحمى القلاعية هو التعرف على فصيلة الفيروس المسبب للمرض وذلك لاختيار اللقاح المناسب لاستعماله لدرء خطر المرض.
السيطرة على المرض:
يمكن التحكم في نسبة الاصابة بالمرض في البلدان التي يستوطن بها المرض عن طريق برامج التحصين المرشدة. أما في البلدان الخالية من المرض فيمكن التخلص من المرض عن طريق الذبح مع تطهير الحظائر والتخلص من الجثث بحرقها أو بدفنها.
وهذه الطريقة باهظة ا لتكاليف إلا أنها تعتبر أكثر الطرق فاعلية للتخلص من الوباء.
وقد مورست هذه الطريقة في العديد من البلدان مثل دول اسكندنيفيا وتستخدم حاليا في بريطانيا.
المكافحة والتحصين:
لابد من استخدام العترات المتواجدة في المنطقة كلقاح. يجب اجراء تجارب حقلية علي اللقاح قبل استخدامه. تحصين أنواع الحيوانات المهددة بالمرض ولا داعي لتحصين أنواع الحيوانات التي لديها مناعة طبيعية كالإبل مثلا وبعض فصائل الأغنام والمعز في مناطق العالم المختلفة.
* وأنواع التحصين:
التحصين وطرقه وأساليبه متعددة يمكن إيجازها بالتالي:
أ. التحصين النظامي:
يشمل هذا التحصين كل الحيوانات في القطيع ويكون اجباريا. ويمكن اعداده حسب ظروف الدولة مثلا كل 4.6 أو 12 شهرا. لقد طبق هذا النظام في بلدان عدة من دول العالم التي يستوطن بها المرض مثل البرازيل وكينيا. وقد أدت مراقبة هذا النظام الى نجاح استراتيجيات التحكم في المرض. أما في ألمانيا وفرنسا التي كان المرض يستوطن بها فقد تبدلت الاصابات من إصابات مستوطنة الى فردية بعد تطبيق التحصين النظامي.
ب. التحصين الدائري:
يتبع هذا النوع من التحصين عندما تحدث الإصابة في منطقة جغرافية بعينها.
فيمارس التحصين على الحيوانات القابلة للعدوى حول المنطقة المصابة بالمرض. وعادةيبدأ التحصين من خارج نطاق الدائرة ثم يتجه نحو الداخل. والغرض من هذا التحصين هو خلق منطقة عازلة، بين مكان الإصابة والأماكن السليمة المحيطة بها، تكون الحيوانات بها على درجة عالية من المناعة وفي بض الدول التي قطعت شوطا كبيرا تجاه التخلص من المرض، تذبح الحيوانات المصابة والمخالطة أيضا مع ممارسة التحصين الدائري.
ج. التلقيح العازل:
يعتمد هذا النوع من التحصين على تلقيح جميع الحيوانات القابلة للعدوى ضمن منطقة حاجزة لمنع انتشار المرض من مكان لآخر.
د. اتباع أكثر من استراتيجية في التحصين:
يمكن اتباع أكثر من استراتيجية في نظم التحصين في البلد الواحد حسب وبائية المرض في الأقاليم المختلفة في نفس البلد. فمثلا لقد اتبعت تركيا نظام التلقيح العازل في حدودها الشرقية والجنوبية بينما مارست التحصين الدائري في باقي أجزاء الأناضول.
ومثالا آخر ما اتبعته السلطات البتسوانية، حيث يتواجد الجاموس البري في المناطق المائية بشمال البلاد فحصنت المواشي الملامسة للجاموس، كما يجري أيضا التحصين الدائري عند ظهور المرض في أماكن أخرى من البلاد.
اجراءات وقائية أخرى:
التشديد في عدم نقل الحيوانات المريضة وغيرها خارج المنطقة المصابة.
عدم إدخال حيوانات جديدة على أي قطيع إلا بعد حجزها في محجر لمدة شهر وإعطائها اللقاح المناسب.
الالتزام بتعقيم جميع الآليات ووسائل نقل الحيوانات في المزارع المصابة خاصة بعد نقل حيوانات مصابة.
الحد من تنقل الناس من وإلى وداخل المزارع المصابة.
إجراء التحصين المناسب عند ظهور المرض.
الوضع الوبائي بالمملكة:
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved