أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 30th March,2001 العدد:10410الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,محرم 1422

مقـالات

من المسؤول عن حوادث المرور؟
د. زيد بن محمد الرماني
قطع المجتمع السعودي شوطاً طويلاً في طريقه نحو التحديث من خلال برامج التنمية الطموحة التي أنجزت وتلك التي في طريقها إلى الإنجاز.
وإزاء حركة التغيير والتحديث السريعة والمفاجئة التي تعرض لها المجتمع على مدى عقدين محققاً خلالها إنجازات، حققها كثير من المجتمعات الأخرى في قرون، كان لابد ان يصاحب تيار التحديث دون شك قدر من عوامل الوهن التي تعمل داخل بنيان المدينة الحديثة، ولعل أخطرها ما كان متعلقاً بالإنسان نفسه صانع التنمية وهدفها في الوقت ذاته.
ولعل أحد المظاهر المهمة في مسار التنمية الوطنية وخططها المستقبلية الاهتمام ببذل الجهود العلمية والعملية لدراسة الأخطار المصاحبة للتنمية في مجال البعد الإنساني خاصة.
فقد أصبحت مثلا مشكلة حوادث المرور ظاهرة وبائية تفتك بحياة الناس في كل عام وتتسبب في عجز وإصابة الآلاف منهم وتؤدي إلى إهدار اقتصادي كبير في الأموال والأنفس والممتلكات فحسب احصاءات 1405ه بلغ عدد السيارات المسجلة في المملكة حتى نهاية ذلك العام حوالي 4144245 سيارة، أي بمعدل سيارة واحدة لكل شخصين من سكان المملكة، بينما كان هذا العدد في عام 1391ه حوالي 144768 سيارة، أي ان الزيادة كانت بمعدل 29 ضعفاً، عما كانت عليه، ويعتبر ذلك من أعلى معدلات نمو ملكية السيارات في العالم.
هذا في عام 1405ه، فكيف بالعدد والمعدل اليومي 1421ه ان العدد سيكون مضاعفاً بشكل مذهل والمعدل سيكون كبيراً بشكل هائل.
نعود إلى تلك الاحصاءات، إذ تشير إلى ان عدد حوادث المرور خلال تلك الفترة 1391 1405ه بلغ حوالي 254008 حادث، نتج عنها 187923 إصابة، و31890 حالة وفاة.
وإذا سلطنا الأرقام على عام واحد مثلاً 1405ه فسنجد ان عدد حوادث المرور في تلك السنة بلغت 29052 حادثة مرور أي بمعدل سبعة حوادث لكل ألف سيارة، وقد نتج عنها 226300 حالة إصابة بمعدل خمسة مصابين لكل الف سيارة وحوالي 3276 قتيلاً بمعدل وفاة واحدة لكل ألف سيارة، بمعدل عشر وفيات واربع وستين إصابة يومياً، ويعتبر هذا من بين أعلى معدلات الحوادث في العالم.
إنها حقاً أرقام مزعجة، ومعدلات مبكية واحصاءات خطيرة وحوادث مروعة وإصابات محزنة.
ومن اراد المزيد من تلك الأرقام والاحصاءات والمعدلات فيمكنه الرجوع إلى دراسة قام بها د. عبدالله النافع ود. خالد السيف من «أعضاء اللجنة الوطنية لسلامة المرور» عن الخصائص السلوكية لقيادة السيارات بالمملكة، المنشورة بإدارة البحث العلمي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية ليطلع بشكل اوسع وأشمل على حقيقة الاهدار الاقتصادي والاجتماعي والإنساني والأمني نتيجة حوادث السيارات.
ان من بين عناصر المرور الثلاثة وهي الإنسان والمركبة «السيارة» والطريق، يعتبر الإنسان المسبب الرئيس لتلك الحوادث، فقد بلغت النسبة المئوية للعوامل الراجعة للإنسان والتي كانت سبباً في حوادث المرور خلال عام واحد ما يقارب 84% أما ال 16% الباقية فتعود إلى أسباب خاصة بالسيارة أو الطريق.
وتبين الاحصاءات ايضاً ان السرعة الزائدة تمثل 11.55% من نسبة حوادث السيارات يليها قطع إشارات المرور البالغة 52.13%، يتبعها التجاوز غير النظامي بنسبة 12.8% والدوران والتوقف غير النظامي بنسبة 24.5% أما القيادة تحت تأثير مخدر أو مسكر فبلغت نسبته 75.0% فقط.
ويتضح مما سبق ان السرعة الزائدة تعدّ احد اهم اسباب حوادث السيارات ومن الملاحظ ان كثيراً من أخطاء السائقين اثناء القيادة أصبحت تشكل خطراً وفي الوقت نفسه تمثل أخطاء شائعة، انعكست في شكل عادات اجتماعية يتعلمها الأفراد ويقلدون بعضهم البعض وأصبحت جزءاً من السلوك الفردي.
لقد ظلت بحوث سلامة المرور لعدة عقود من الزمن تدور حول موضوع مهم هو محاولة التعرف على السائق المشكلة وتحديد صفاته.
فمن الملاحظ من احصاءات المرور ان من الناس من يرتكب عدداً كبيراً من حوادث المرور وإذا كان ذلك صحيحاً، فهل يتميز أفراد هذه الفئة بصفات أو مميزات يشتركون فيها جميعاً ويتميزون بها عن غيرهم؟!.
وبالرغم من صعوبات تحديد ذلك، بَيْدَ ان بمقدورنا ان نكوِّن صورة معينة عن اولئك السائقين الذين يقعون في الحوادث أكثر من غيرهم من خلال علامات فارقة وسمات مميزة منها:
(1) السائقون المشكلون لهم سجلات مرورية حافلة بالحوادث والمخالفات المرورية أكثر من غيرهم.
(2) السائقون المشكلون هم في الغالب الأعم أصغر سناً من غيرهم.
(3) السائقون المشكلون يرتكبون مخالفات يعاقب عليها غالباً بسحب رخصة القيادة.
(4) السائقون المشكلون غالباً هم من فئة السائقين المبتدئين، إذ الخبرة لديهم ناقصة.
إذاً، السائق المشكل، حسبما تشير العديد من الدراسات هو غالباً قليل الخبرة، صغير السن، ذكر، فقير، أقل تعليماً، أو غير متعلم ويحتوي سجله المروري على أكثر من مخالفة.
وخلاصة القول فإن النمط العام لسلوك قيادة السيارات في المملكة يتسم بالميل إلى المخاطرة وعدم اتباع قواعد السلامة والأمان وعدم مراعاة النظم والآداب المرورية وهذا يستلزم تعديل سلوك الفرد السعودي وتوجيهه بوعي وحكمة للتعامل وفق نظم الأمان وآداب السلامة مع آلة تقنية خطرة كالسيارة، إذ تتطلب قواعد معينة للسلامة والأمان كالانضباط الذاتي وحسن التقدير وتفهم النظم والضوابط، من أجل سلامة الجميع.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved