أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 2nd April,2001 العدد:10413الطبعةالاولـي الأثنين 8 ,محرم 1422

الاخيــرة

الرئة الثالثة
عالمنا.. لونُه رمادي!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
* عالمنا اليوم.. رمادي اللون والطعم.. والاحساس!
* سماؤه ملبدة بسحب القلق.. سياسياً وعسكرياً واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا!
* وهواؤه ملوّث بطفيليات المكر والنفاق وازدواجية القيم!
* وأرضه مزنجرة بالنوائب والويلات.. بدءاً ب(طاعون) الأيدز.. مروراً ب(جنون) البقر والغنم والدجاج وربما الأسماك قريباً، وانتهاء ب(جنون) الارهاب الذي يتخذ من المواقف والمواقع.. ألواناً!
**
* قبل حين، نادى المنادي باللعنة على تمثال "بوذا" في أفغانستان المسكونة ب(عفريت) الشقاق بين أشقاء الأمس واعداء اليوم.. حولت المدافعُ.. ثقيلها وخفيفها، رموز "بوذا".. الى أشلاء من الحجارة والتراب! وتساءلتُ مع من تساءل: كيف "تُحَلَّل" زراعة الحشيش ويحلُّ "دم" صخور من التراث؟!
**
* تأملت على صعيد آخر، مسلسل العنف الذي يجتاح أكثر من منطقة من هذا العالم الرمادي الهوية والمزاج.. فنالني من العجب ما نالني، وترددت الآهات في صدري حسرات على المُثل والقيم التي استقرت في أودية النصوص البلاغية جثثاً هامدة!
**
* عجبت.. مما يفرزه هذا الزمن الرديء من تناقضات لا يدركها ذهنُ عاقل، ولا يسوغها عقل حكيم.. ولا يقرها وجدان حليم!
* فهذه اسرائيل.. تدك هياكل السلم أربعاً وعشرين ساعة في اليوم والليلة على رؤوس الفلسطينيين العزّل من كل شيء سوى الايمان بالله.. ثم بقضيتهم.
* وهي لا تفتأ تقتل الأطفال، وتشرد الشيوخ.. وترمّل النساء. وحين (يتدخل) مجلس الأمن ناهياً أو ناهرا أو معترضا، تسارع (ماما أمريكا) الى (فاس) (الفيتو) تحطم به كل مبادرة لمصلحة الارهاب الصهيوني.
* وفي الوقت نفسه، يكتفي العالم بملاحم من الكلام المستهلك ترددها الحناجر والأقلام هنا وهناك.. إما تنديدا يشبه العتاب، أو عتاباً يشبه الاحتجاج، أو احتجاجاً مفرغاً من الفعل!
**
* رغم ذلك كله.. لا تحرك اسرائيل ساكنا.. بل تمضي في تنفيذ مجازر (الهلوكست) الجديد ضد عرب فلسطين.. بلا استثناء، متذرعة بهاجسها الأمني.. وكأن أمنها يرجح بكل القيم والأعراف والمبادىء الانسانية!
**
* وحين قرر زعماء طالبان، لحاجة في النفس، تحطيم نصب بوذا التي "عاشت" على ترابهم نحو ألفي عام.. وباتت موروثا ثقافيا ومعلما سياحيا ليس إلا، انتفضت الأرض.. من سدني الى نيويورك.. ومن هلسنكي الى (كيب تاون).. مرورا ببعض العواصم الاسلامية والعربية (تنعى) نصب الحجر في أفغانستان التي أصبحت طعما للحديد والنار! وتناشد السلطة الأفغانية أن توقف "مجازر الأوثان" على أرضها، بل وذهبت بعوث اسلامية وغير اسلامية الى "قندهار" لذلك الغرض!!
**
* أما الحصار الخبيث لمدن الضفة الغربية والقطاع..
* أما القتل العمد وشبه العمد وتحطيم جماجم الأبرياء في فلسطين..
* أما هدير (البلدوزرات) التي تأتي على الأخضر واليابس من مزارع ومساكن، فقد غدت (وجبة اخبارية يومية) توقر الآذان بسماعها، وتسقم الأفئدة بتكرارها، وتشوه الأبصار بمشاهدها!
**
حقاً.. إنه زمن رديء.. لا روح فيه ولا رائحة!
والله المستعان!

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved