أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd April,2001 العدد:10414الطبعةالاولـي الثلاثاء 9 ,محرم 1422

العالم اليوم

التاريخ عبر ودروس
شهود الانتصار
د. إسكندر لوقا
تكاد الذاكرة الوطنية في سورية تستذكر ذلك المشهد المرعب الذي تجلّى في أحد أيام شهر حزيران من العام 1921م لقد كان المشهد أشبه ما يكون بغمامة سوداء هبطت من السماء لتغطي وجه الأرض. ولم تكن الغمامة يومئذ سوى مساحة من التراب لا تقدّر بالامتار المربعة بل بالمئات، نتيجة القصف الوحشي الذي قامت به قوات الاستعمار الفرنسي في سورية، ضد المدينة البطلة دائما عبر تاريخ سورية الحديث: القنيطرة.
فبعد يومين فقط من محاولة اغتيال الجنرال (غورو) قائد الحملة على العاصمة دمشق في يوم ميسلون في 24 تموز (يوليو) من العام 1920م لدى مروره بمدينة القنيطرة متفقداً بل مستعرضاً قواه أمام سكانها أمر قواته الغازية باعداد حملة عسكرية ل«تأديب» أهالي المدينة وبكل ما تعنيه عبارة التأديب هذه، لقاء المحاولة التي جرت لاغتياله بيد انها فشلت، عندما اخطأته طلقة الرصاصة فأصابت أحد مرافقيه.
وبما ان عملا كهذا اعتبره الجنرال المذكور «اعتداء» على هيبته، تلك التي تباهي بها يوم دخل دمشق مروراً بقبر القائد العربي الكبير «صلاح الدين الأيوبي»، وقال قولته الشهيرة أمام القبر «ها قد عدنا يا صلاح الدين» بما ان عملا كهذا أصاب هيبته في الصميم، كان في تقديره ان اجراء ما يجب اتخاذه لاستعادة تلك الهيبة التي سقطت على الأرض مثل سقوط أحد مرافقيه.
بمثل هذه القناعة، أعدَّ الجنرال «غورو» المتعجرف حملته ل«تأديب» سكان مدينة القنيطرة، وكانت تعليماته صريحة لقائد الحملة الكولونيل «روكرو» : عدم ابقاء حجر على حجر. قتل كل من يُرى من الرجال أو النساء أو الأطفال. اعتقال ما لا يقل عن مائة شخص وسوقهم الى دمشق.
وبطبيعة الحال كان لزاماً على سكان مدينة القنيطرة ان يقولوا كلمتهم في مواجهة مثل هذا الحقد على أبناء المدينة، فلم يكن يوم الحملة التي بدأت في الثاني والعشرين من حزيران عام 1921م كيوم الرابع والعشرين من تموز من العام 1920م كان يوما مختلفا تماما، اذ كتبت مدينة القنيطرة بدماء أبنائها، شهود المعارك التي دارت بين القوات الغازية وبينهم، عبارات النصر على أعدائها وكانوا بذلك شهود الانتصار الذي تستذكره سجلات التاريخ المعاصر في سورية، على غرار العبارات التي تسجل عنصرية الصهاينة الذين دمروا المدينة ولم يتركوا فوقها حجراً على حجر لدى انسحابهم منها بعد احتلالها في عدوانهم على الأمة العربية في حزيران من العام 1967م.
وعلى هذا النحو الأيام تمضي وفيما اندحر كل الغزاة عن أرض القنيطرة، تبقى هذه المدينة المحررة، رمزاً لصمود أبناء الوطن ولعنة على جبين كل أعداء الوطن والأمة.
SamerLouka@net.sy

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved