أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 4th April,2001 العدد:10415الطبعةالاولـي الاربعاء 10 ,محرم 1422

مقـالات

ألا بذكر الله تطمئن القلوب.. أم في الاسترخاء راحة للأبدان والعقول
مندل بن عبدالله القباع
كيف تولد الاعتقاد بأن خلود الإنسان للاسترخاء على أريكة أو سرير أو حتى الاضطجاع على الرمل فيه علاج للجسم المنهوك وللعقل المكدود وللنفس المتخمة؟ وحينئذ هل يمكن القول أن ثمة علاقة موجبة بين الاسترخاء وكل من الجسم والعقل والنفس؟ وإزاء ذلك هل هناك تجربة ميدانية أثبتت نتائجها تلك العلاقة أم أنه مجرد كلام فلاسفة وحديث سامري؟
أذكر أنني خرجت الى البر مع أبنائي وأهلي لقضاء بعض من الوقت في يوم من أجازة نصف العام الدراسي، وبذلت جهداً مع الأبناء أثناء مشاركتهم اللعب بالكرة.. وفي اثرها وجدت أن دقات قلبي متسارعة إلى حد ما وأن النبض مرتفع فخلدت للاسترخاء برهة وبعدها حقاً وحقيقة شعرت بالراحة والهدوء. ولجأت فيما بعد لسؤال الطبيب على ما أشاربه بعض أفراد الأسرة إما بقياس الضغط للاطمئنان أو بتناول حبة من حبوب الضغط، الا أني سألت الطبيب هل أتناول في مثل هذه الحالة حبة من حبوب الضغط ، أم ماذا أفعل حيال دقات القلب المتسارعة والتي أسمعها في رأسي؟ وكان لطبيبي رأي آخر حيث اعتبر العلاج بالاسترخاء أفضل من العلاج الدوائي، ومن ذاك اليوم وأنا أعطي لنفسي برهة أثناء النهار، أخلد فيها للراحة لبعض من الوقت بعد عناء يوم كامل من العمل المضني والشاق الذي تمنى به الوظيفة الرسمية، فالإرهاق فيها عقلي، والتعب فيها نفسي نتيجة الضغوط التي تمثلها الوظيفة، والموضوعات التي يدور فيها الموظف والاحتكاكات المرتبطة بها، والمعاملات ذات الصلة، وهذا الإرهاق ذو أثر فاعل وكبير في الجسم والنفس والذي يطلق عليه علماء النفس بالفسيوسيكلوجي.
ولما كان كاتب المقال من المتعاملين مع المتاعب الاجتماعية والمشكلات النفسية فإنني أنصح المتعبين من جرائها بأن وسيلة الراحة من هذه المشكلات والمتاعب تكمن في الاستماع التأملي لتلاوة القرآن الكريم ففيه هدى، واستشفاء من الأدران والسقم وهذا يمثل كبد الحقيقة.
عزيزي القارئ لا شك أننا متفقون على أن الاستماع لتلاوة القرآن الكريم في تأمل باعث قوي على استجلاء النفس وراحة العقل أما والحالة هذه فهو يساعد على خفض ضغط الدم المرتفع حيث تبعث على الرضا والطمأنينة والبشرى التي يوعد بها المؤمنون الصالحون، وبما يبعث على نيل الآخرين رحمة الله وتوبته برحمته التي وسعت كل شيء. فإذا ما تمعن المرء في ذلك مهما كان تعبه وارهاقه. فلا شك يتحقق له الإبطاء في وتيرة دقات القلب والعمل على تنشيط حركة التنفس، بل إن البعض يذهب إلى أن الاستماع المتأني لتلاوة القرآن الكريم بمثابة مهدىء طبيعي يغني عن اللجوء لاستخدام المهدئ الكيماوي.
أسوق إليك هذا القول عزيزي القارئ بمناسبة ماقصه علي أحد الزملاء وهو قادم للتو من بلد عربي شقيق أنه شاهد في أحدى العيادات الطبية لطب النفس والأعصاب أنها تذيع على المرضى المترددين على العيادة والمنتظرين في قاعات الانتظار تلاوة للقرآن الكريم بصوت هادئ يبعث على التأمل والتدبر، والانصراف عن التفكيرفيما يعانون من عرض إلى التمعن فيما يسمعونه من أي الذكر الحكيم. ويؤكد الأطباء في هذه العبارة أن كثيراً من المرضى حين دخولهم لقاعة الكشف يترددون في ذكر أن شيئا ما يتعبهم مما يؤكد على فاعلية هذا الأسلوب العلاجي الرباني.
ويوضح أحد هؤلاء الأطباء عن السبب في تردد هؤلاء المرضى عن ذكر سبب قدومهم للعيادة، قال إنه لا يعرف العامل المسبب بالضبط ولكنه يعرف أنه عامل مهيئ للشعور بالرضى والطمأنينة التي تضفي على صاحبها الشعور بالأمن والهناء، وهي مظهر لضبط النفس والتحكم إزاء المثيرات مما يدعو لتخفيف حدة القلق وإزالة الاضطراب «الا بذكر الله تطمئن القلوب» ومن خلال ماذكره هذا الزميل عن العلاج بسماع تلاوة القرآن الكريم ندعو لتطبيق بحوث علمية إجرائية توضح العلاقة الترابطية بين سماع القرآن وعلاج حالة المرض العضوي وما يتصل بالمخ والجهاز العصبي وثمة فرض علمي لدينا مؤداه: أنه إذا كان خلود المريض النفسي للاستماع للقرآن الكريم فيه علاج للنفس ففيه علاج للألم العضوي بالجسم أيضا. ونستند في ذلك لما ذكره أحد الأطباء من أن مريضا شخصت حالته بأنه يعاني من حالة«اكتئاب» وبالترديد على مسامعه بعضا من آيات الذكر الحكيم مساء كل يوم ولمدة تقرب من العشرين يوماً اتضح أنه قد شفي تماماً.
وإزاء ذلك هل يمكن لأحد أعضاء هيئة التدريس بجامعاتنا أن يجري بحثا على بعض من الطلاب الذين يعانون من قلق الامتحان وذلك بخضوعهم للاستماع لبعض آي الذكر الحكيم قبل دخولهم قاعة الامتحان بحوالي عشر دقائق مثلاً، ثم قياس نتيجة ذلك.
عزيزي القارئ: الاعتقاد لدينا جازماً أن الاستماع لتلاوة القرآن الكريم قبل مذا كرة الطالب لدروسه اليومية لمدة نصف ساعة يزيد من قدرته على الفهم مما يؤدي بالتالي لتنمية الذكاء.
كما يمكننا القول أن في الاستماع التأملي لتلاوة القرآن الكريم شفاء للصدور وارتقاء بالعقول وتجلية للنفوس مادام الاعتقاد قائماً على ذاك النحو لماله من آثار نفسية على المؤمنين، فهو يسمو بهم لتجاوز العالم الحسي والسمو بالروح والنهوض بأمارات التوافق النفسي والقضاء على اضطراب الاشباعات الوجدانية ومشكلات القصور في التوافق مع الذات والآخر، ومواجهة متاعب وعراقيل أمام التفاعل السوي أو المسلكيات والتصرفات وما شابه ذلك.
حقاً إن أمة القرآن خير أمة أخرجت للناس ونحن في مضمار السبق في العلاج القرآني منذ أن أنزل الله سبحانه جل في علاه القرآن الكريم على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين وإعمالاً لسنته صلوات الله وسلامه عليه.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved