أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 4th April,2001 العدد:10415الطبعةالاولـي الاربعاء 10 ,محرم 1422

مقـالات

( تفنى ليالي العمر وجروحك جداد.!)
حمد بن عبد الله القاضي
1
** أحياناً عندما أقرأ قصيدة جميلة لا أنظر الى اللغة التي كتبها بها مبدعها.. فالشاعر كالعندليب كما يقول أحد الشعراء عندما يغني ويطربنا لا نسأله كيف يغني وبأي لغة.. المهم أن يطربنا، وأن ينشر الارتياح في فضاءات مسامعنا وجوانحنا، وقبل بضع ليال عشت مثل هذا الموقف.
لقد قرأت قصيدة نبطية جميلة عنوانها (موت وميلاد) للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن وهي قصيدة رائعة حقاً، صور باذخة الجمال، ومعان فائقة التصوير، وشفافية في الكلمات.
ودعوني أدعكم تستمتعون بقراءة هذه القصيدة ثم أقف عند بعض أبياتها:


في عيني تغيب الشمس وتشرق بعيني
في ناظري للشمس موت وميلاد
كن السهر درب عليه بتجيني
ولا ودي أقطع درب لاماك برقاد
يا اللي جميع الناس بينك وبيني
كل لحظة ابنتظر منك ميعاد
عذري ليأسي منك أنك تبيني
خنت الرجا وان صنت لي عهد ووداد
لمصافحك ربي خلق لي يميني
أمدها لك وصل وامدها ابعاد
ولبسمتك ترخص غوالي سنيني
همي يزول وصادق الشوق يزداد
أنسى عذاب العمر وما أنسى حنيني
تبلى ليالي العمر وجروحك جداد

قفوا معي وتأملوا هذه الصورة في هذا البيت الذي جعل فيه «السهر» درباً كأن غاليته سوف تمشي على شفاهها لتصل الى قلب هذا الحبيب.. ولا يريد ذلك العاشق أن يغزو النعاس عينيه لكي لا يقطع درب شفاه غاليته ولهذا قال وأبدع:


(كن السهر درب عليه بتجيني
ما ودي أقطع درب لاماك برقاد)

وخذوا صورة أخرى ان لم تفق جمال هذه فهي تماثلها.. هذه الصورة يرسم فيها الشاعر لوحة يجسد فيها:ثنائيتي اليأس والأمل.. الرجاء القنوط، واللقاء والفراق، هذا البيت بين شوكة اليأس وود الأمل معا في جوانح العاشق المنتظر:


(عذري ليأسي منك انك تبيني
خنت الرجا وان صنت لي عهد ووداد)

أما آخر صورة شعرية أتوقف عندها فهي هذه الصورة التي رسمها هذا البيت التي فيها فيض من الصدق ونبض من الجدة:


(لمصافحك ربي خلق لي يميني
أمدها لك وصل وامدها ابعاد)

باذخة هذه اللوحة في جمالها وتناقضها معاً، فكأن يد الشاعر لم تخلق الا لمصافحة كف الحبيب.. وكأن عينيه لم تبصرا الا لترى وجنة المعشوق، وهذه الكف كف وفاء فهي تمتد ان حضر المحبوب وان غاب ان اقترب أو نأى إن سعدت تعطرت يمناه بالسلام!
أما آخر بيت في هذه القصيدة، وإن كان مضمون هذا البيت خاذلاً للمحب إلا أنه لوحة أخاذة بالنسبة للقارئ، فهي ترسم كيف يموت الزمن ويحيي الآلام في آن واحدة.
كيف تنطفئ الليالي وتظل جراحها وجراح الحب متقدة بين ضفاف قلب الشاعر العاشق:


(أنسى عذاب الحب ولا أنسى حنيني
تبلى ليالي العمر وجروحك جداد)

لك الله أيها الشاعر الذي اثخنت قلبه جراح الحب وإن أثْرت مشاعره ومشاعرنا بعذب الشعر.
***
2
د. عالية والنور الذي أطفأ كل الأنوار
** حقاً..
لقد صدقت هذه الكاتبة الكويتية المعروفة د. عالية شعيب التي ملأت الدنيا صخباً اعلامياً، وآراء عديدة وغريبة حول المرأة لم يتفق الكثيرون معها حولها، بل أوصلتها هذه الآراء الى المحاكم لما رآه بعض الغيورين على القيم أنها خرجت بها عن قيم الدين والتزام المرأة المسلمة.لقد صدقت عندما قالت في حوار معها بعد ارتدائها الحجاب المعنوي والمظهري: «زيارتي للحرم الشريف للعمرة كانت تجربة رائعة، وتجربة غنية وثرية على المستويين الروحي والعاطفي معاً. شعرت هناك بالبياض والصفاء، وبطمأنينة لم أشعرها من ذي قبل، كانت الرؤية صافية.. لحظتها شعرت أن هذا هو ما أبحث عنه وبخاصة أنني غارقة في الصخب الاعلامي. فعلى الرغم من الصخب الاعلامي والشهرة والنجاح الذي حصدته لم يملأ الجانب الروحي لدي رغم انه أشبع الغرور وملأ جانب الشهرة والاعلام كل هذه النواحي تم اشباعها ولكن في نهاية المطاف وعندما أعود اشعر بفراغ وكأنني أسقط في هوة ولا شيء هناك أتعلق به، فتأكد لي أن ثمة ما أبحث عنه وليس الأضواء كل شيء في حياتي، ووجدت ضالتي عندما دخلت المسجد الحرام..».
أجل..
لقد ركلت كل الأمجاد والشهرة
فلا أضواء الاعلام اسعدتها
ولا أنوار المجد الدنيوي اراحتها
ولا الآراء التي أصدرتها سكبت الارتياح في ذاتها
لقد وجدت راحتها فقط في «نور الله» الذي سكن قلبها، وباشر وجدانها..
أجل.. انه نور الله الذي تقشعر له القلوب والأجساد
أليس «الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم» سورة النور: الآية 35.
وبعد..!
هنيئاً لهذه الكاتبة الكريمة هذا السلام الداخلي الذي سكن ذاتها بعد أن طافت كل عوالم الحيرة.. وفضاءات الآراء الشاذة.
فقد استضاءت بنور الله
ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور
***
3
ورقة خضراء
** أشياء كثيرة
ترسم موجات إسرافها على خاصرة أيامنا وضفاف ليالينا..!
ولكن سرعان ما ننساها نحن أو ينساها من كان الطرف الأجمل فيها..!
إنها تتلاشى.. كشمعة ذاب وقودها..!
وعندها «لا تحفظ الريح ولا الرمل وعي»
لكن
تحفظها مغارة الذاكرة ويعيها عبق العمر..!


أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved