أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 4th April,2001 العدد:10415الطبعةالاولـي الاربعاء 10 ,محرم 1422

متابعة

ملابس المرأة وعلاقتها بالتراث
د. ليلى البسام*
وكما حاولنا في الحلقتين السابقتين تسليط الاضواء ، وبقوة على الكم الوافر للجمال العمراني في التراث الانساني عموماً والتراث العربي والانساني على وجه الخصوص ، من خلال تجسيد الصلة بين المتلقي والدارس المهتم، واستقطاب العديد من الاسماء المتميزة ذات الاهتمام بهذا المجال.
فتستمر جريدة الجزيرة ممثلة بقسمها النسائي بتقديم المزيد من المادة التراثية حول هذا الموضوع، بحيث نستضيف في هذه الحلقة د. ليلى البسام «استاذ مشارك للملابس والنسيج بكلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية»، حيث تقدم لنا مادة غنية حول موضوع الملابس وعلاقتها بالتراث، كما نستضيف د. ابتسام السويلم «قسم التاريخ جامعة الملك سعود» حيث تسلط الاضواء على المرأة والحضارة الاسلامية .
وقد حرص القسم النسائي في جريدة الجزيرة على تهيئة هذه المادة واعدادها بالتعاون مع اللجنة الاعلامية للهيئة الاستشارية، كنشاط اعلامي يقام على هامش المحاضرة التي سيقدمها المتحف الوطني ل د. هويدا الحارثي يوم السبت القادم.
تمثل الازياء واشكال الملابس ومستوى العناية بها علاقة فارقة تدل على الثقافة البشرية، ان لم نقل الموروث الحضاري وابعاد التراث الاخرى. وهي تعبر دائماً عن حالة الانسان الاقتصادية ومركزه الاجتماعي واختلاف الجنس والعمر والحالة الزوجية والمعتقدات الدينية ومستوى الصناعة والعلاقات التجارية والمثاليات الجمالية.
واذا ما تفحصنا تراثنا الملبسي في مناطق المملكة العربية السعودية المختلفة، استطعنا ان نكتشف من خلاله ما تميزت به المرأة من ذوق واساليب فنية مبتكرة ورائعة. حيث تنوعت الاقمشة ومصادرها والوانها وملامسها، كما تنوعت اساليب تجميلها وزخرفتها، فكان من النادر ان تخلو اي قطعة ملبسية من الزخرفة، فاستخدم التطوير بغرز انواع وخامات والوان متعددة، كما استخدمت القياطين والاشرطة والانسجة المضافة في بعض الانواع. وتعددت الخامات من خيوط حريرية وقطنية وصوفية ومعدنية «غالباً من الذهب والفضة»، وكذلك حبات الترتر المتعددة الالوان بالاضافة إلى الخرز بانواعه والوانه المختلفة مثل الخرز الزجاجي والمعدني «من الرصاص والفضة».
كما استخدمت الاهداب او الشراريب لتتدلى من اطراف بعض القطع بشكل جمالي رائع.
اما بالنسبة للزخارف فقد تعددت مصادرها واشكالها، وكان منها الهندسية والنباتية، وندر استخدام الحيوانية لكراهيتها في الدين الاسلامي. واستمدت الاشكال والمسميات من البيئة المحيطة بالمرأة كما عكست طبيعة المنطقة.
ولقد لعبت زخرفة الملابس التقليدية وتطريزها دوراً اساسياً في ايجاد التنوع في الملابس التقليدية المحدودة القطع والتي اتصفت باشكال ذات خطوط ثابتة.
ويخضع هذا التنوع لمناسبة استخدام الزي، والمستوى الاقتصادي لمرتديه.
وبالرغم من قلة امكانيات المرأة في ذلك الوقت، وبساطة ادواتها وجهلها باصول الفن التشكيلي، الا انها اعتمدت على ذوقها الفطري، وموهبتها الاصلية، وخيالها اللامحدود، فكانت تطرز باصابعها الماهرة، وغرزها المبتكرة، والوانها المنتقاة، المتكررة بمنتهى الدقة والنظام والترتيب، فينتج عن ذلك زخرفة هندسية ذات خطوط متجاورة او متقاطعة توجد فيما بينها فراغات تملؤها احياناً برسوم نباتية واشكال مبسطة ومجردة ذات اسلوب مميز، وتكررها فينتج عنها تشكيلات زخرفية جديدة تعكس مقدرة ومهارة عالية.
ومن المهم توضيح قدرة المرأة على استخدام التطريز لاغراض نفعية هامة الى جانب وظيفته الجمالية، وذلك في تقوية الاطراف والفتحات، مثل فتحة الرقبة، وحول فتحات الاكمام، وفي الذيل. كما كانت تستخدم غرز التطريز في تثبيت قطع الزي ببعضها او في تغطية الخياطات.
ولأن المرأة كانت تقضي وقتا طويلا في تطريز ملابسها وملابس افراد اسرتها، فهي لا تتخلص منها اذا استهلكت بل تنقل مناطق التطريز الى ثوب آخر جديد.
هذا بالاضافة الى عنايتها الشديدة بملابسها المطرزة والتي غالباً ما تكون مصنوعة من خامات ثمينة.
واذا اريد للملابس والزخارف التقليدية ان تزدهر من جديد، فإنه لابد من اجراء عملية تحوير او تطوير لها واستخدامها استخدامات جديدة تضمن لها الازدهار بمفهوم حديث يتماشى مع تطور الاطار الثقافي العام، حتى تستطيع ان تواكب متطلبات الحياة العصرية ويصبح لنا فننا الذي نفتخر به ونضمن له استمرارية البقاء. فالتراث بشكل عام مصدر خصب ومنبع متدفق يمكن استنباطه ليكون لنا مذاقنا الخاص المتميز والاصيل.
ومن خلال الانشطة ذات العلاقة بالتراث ومن خلال احتكاكي بالجيل الجديد وتدريس المواد الخاصة بالتراث الملبسي، استطيع ان اقول ان انطباع الجمهور بشكل عام نحو التراث الملبسي والفنون التقليدية انطباع ايجابي يجعل العناية بالتعريف بها خاصة للجيل الجديد، امر ضروري لما سوف يستفاد منه في فهم حضارة الاجداد، واعادة تصور الفترات التاريخية الماضية، وتوفير المادة العلمية ذات العلاقة بالبيئة وتاريخها، بالاضافة الى الاستفادة منه في العمليات التعليمية والثقافية وكذلك في الجوانب التطبيقية، لما تحمله في طياتها من عناصر جمالية صالحة للعطاء الفني الابتكاري.
مما يضمن التواصل الحضاري لانسان هذه الامة ويحقق له شخصيته المتميزة ويجعل له فنونه التقليدية الخاصة به، ويحفظ له مكانته من التاريخ ومن الحضارة.
ويحتاج هذا التعريف الى جهد تعليمي واعلامي تعمل على تحقيقه جهات مختلفة، ويتطلب:
اضافة التراث التقليدي وفنونه المختلفة على شكل مادة علمية ضمن المقررات الدراسية في المراحل المختلفة وبالذات في التربية الوطنية والمواد النسوية، حيث يرسخ الانتماء الى ارض الوطن ويربط الاجيال الجديدة بجذورها ويتيح الفرصة امام اجيالنا الجديدة لتبرع بشكل نابع من تكوينها الروحي والوجداني.
ممارسة الحرف اليدوية على شكل برامج تدريبية وورش تعليمية تهدف الى احياء ممارسة الحرف والفنون اليدوية التقليدية مما يساعد في احياء تلك الحرف وينشر معاني الاصالة والتميز بين افراد المجتمع.
وهو المشروع الذي سوف يتبناه المتحف الوطني قريباً ان شاء الله.
كما ان الاهتمام بتنمية وتطوير الصناعات الحرفية والتقليدية من الاهداف العامة للهيئة العليا للسياحة كأحد روافد التنمية السياحية.
تقديم التراث على شكل معارض وعروض يصحبها التوضيح والشرح.
التشجيع على التأليف والنشر واجراء الدراسات المسحية لجميع مجالات التراث.
انشاء المتاحف، والتشجيع على جمع التراث واقتنائه من المناطق المختلفة.
اقامة المهرجانات والاسواق الشعبية التي تشجع الحرفيين على الاستمرار في الانتاج.
وختاماً تجدر الاشارة الى ان تأصيل التراث الشعبي لدى الطفل كان من اهم توصيات مركز التراث الشعبي لدول مجلس التعاون في الحلقة الدراسية التي اقامها بهذا الشأن.
كما اوصى بان يقوم مكتب التربية العربية لدول الخليج بالعمل على توظيف التراث في تحقيق بعض اهداف التربية من خلال المناهج المدرسية.
* أستاذ مشارك الملابس والنسيج بكلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved