أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th April,2001 العدد:10416الطبعةالاولـي الخميس 11 ,محرم 1422

مقـالات

بوح
السيرة الذاتية
إبراهيم الناصر الحميدان
لا نكران بأن الإنسان في سعيه الحثيث نحو الأفضل انما يستفيد من تجارب الشعوب التي سبقتنا في مضمار الحضارة والرقي، وهو شأن متفق عليه، ولولا تلك الاستفادة لبقيت التجارب تدور في حلقة مفرغة، كما ان سير المميزين من الأنبياء والعلماء تأخذ هي الأخرى حيزاً كبيراً من التفكير والاقتفاء حتى ان الثقافة تستعين بتلك التجارب لتكون المثل الساطع لمن اراد الاستفادة منها وليس بمستغرب والحال هذه ان تبادر الاقلام إلى تسجيل سيرتها الذاتية كتاريخ يعكس تجاربها في الصراع اليومي والحياتي مؤكدة على انه رغم المعاناة والفشل الذي واجه سيرتها فقد استطاعت تجاوز تلك العثرات عن طريق التصميم والثقة بالنفس مستفيدة من إمكاناتها والثقة بقدراتها الذاتية.. ولا خلاف بأن إمكانات البشر متفاوتة ولا تخضع إلى معايير ثابتة وبذلك ينتفي التشابه إلا ما ندر.. لذا فإننا نقبل على معرفة خلفيات نجهلها وقد نستفيد منها حتى تعيننا على مواجهة ما يشابهها، بيد أن الأمر يكاد يصبح تباهيا وتفاخرا رغم هشاشية تلك التجارب وتواضعها وهو ما نستغربه من بعض حملة القلم الذين عبروا عن تلك التجارب باستغلال الفن الروائي الذي انحدر لدى الأقلام فيما يشبه الثرثرة العقيمة مثل الأحاديث الجانبية ورواية احداث لا معنى لها او لا يستفيد القارئ من ايرادها، لذا فإنه ليس بالغريب ان تعلن زعيمة هز البطن في العالم العربي الراقصة فيفي عبده انها تنوي كتابة سيرتها الذاتية ومذكراتها والاستغراب ليس من كون هذه المرأة الساقطة عاشت حياة فقيرة في طفولتها ثم استطاعت بذكائها ان تجمع ثروة تفوق ما يملكه عشرات الأدباء ومن بينهم نجيب محفوظ الذي يروى من باب التشنيع انه التقى الراقصة في زحمة المرور فتحرشت به ساخرة انظر يا نجيب إلى العربة القديمة التي تركبها وصناعتها المتواضعة كمردود لما تسميه بالأدب وانظر إلى ما تجمع لدي من قلة الأدب فجعلني اركب هذه العربة الفارهة أفلست أفضل منك؟ «مادياً طبعاً».
وبكل تأكيد فهذه المرأة تعثرت في الحارات الشعبية وتوالى عليها الجوع والفقر حتى بقيت طوال الليل تمسح دموع الحزن من الحسرة والتمنيات الخيالية بالقرب من اب طريح الفراش وأم تنشر غسيل الجيران حتى تحصل على لقمة العيش، كما انها لم تعرف طريق المدارس او دور التعليم إذ ان مستواها المعيشي لا يساعدها على طرق تلك الأبواب، ولست بهذا أسخر من هذه المرأة لتطاولها على حملة الأقلام والأفكار النيرة وامتهان لعبة الكتابة لأنها تملك تشغيل جيش من الكتبة لصياغة أفكارها والتعبير عنها انما اتصور بأنها ترمي إلى أكثر من ذلك لأنها تعرفت عبر ذلك التاريخ الغامض بأناس وشخصيات لها مكانتها الاجتماعية والسياسية وايراد اسمائها سوف يطعن بسمعتها واحترامها لهذا فإنها سوف تسعى إلى هذه المرأة طالبة منها التجاوز عن ذكرها مبدية استعدادها لدفع ما تريد لقاء عدم الكشف عنها وفضحها.. إذن فهي بذكائها الفطري العميق تستهدف المزيد من الثراء باستغلال ظروف ضعف تلك الشخصيات في فترات من حياتها عندما تقربت منها وبذلك يصبح القلم سلاحاً مخيفاً عندما يراد استغلاله في مواقف الابتزاز والتشنيع، ونحن مقبلون عن طريق تلك المذكرات الساخنة على فضائح سوف تشغل صحافة الارتزاق زمناً قد ينسينا الوضع العربي المتردي على كافة الجهات فكم سيباع من تلك المذكرات التافهة في الوقت الذي يشكو فيه أعظم فرسان الكلمة من تواضع توزيع ابداعاتهم وحسبنا الله ونعم الوكيل من هذا التاريخ الباهت.
للمراسلة/ ص.ب 6324 الرياض 11442

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved