أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 6th April,2001 العدد:10417الطبعةالاولـي الجمعة 12 ,محرم 1422

محليــات

لما هو آت
الأخ الأكبر وأمانة الإعالة (1)
د. خيرية إبراهيم السقاف
في النسق المجتمعي العام «روابط» تمثل الحلقات التي يفضي بعضها إلى بعض، وتصل الواحدة منها الأخرى ليتكوَّن في نهايتها «الشكل» المتكامل للمجتمع في وحداته الصغيرة «الأسر منفردة»، فالأكبر «العوائل»، فالأكبر «المجتمع»...
وفي نظم المجتمع قواعد وضعت في ترتيبات «عقلية» أقرها واقع التنفيذ بعد أن «رُضيت» أن تكون أسس البنية التربوية من قبل خالق هذا الكون، ومنزِّل التشريع فيه على أيدي الأنبياء والرسل، وفي خاتمتهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قعَّد للتربية «البشرية» قواعد وأسساً توضح وتحدد الأدوار بما لا يُقبل أي تجاوز فردي.. فيكون له روادعه المنصوص بها.
وقد مرت المجتمعات البشرية بكثير من «اجتهادات» المفكرين، والحكماء، والشعراء بل ذوي التجارب كي يستنُّوا تشريعات العلائق بين البشر في المجتمعات المختلفة منذ العصور السحيقة ما كان منها يخصُّ الفرد والآخر، وما كان منها ينصُّ على علاقات التبادل بين الأكثر فالأكثر..، ولم يقف اجتهاد المجتهدين في ذلك عند حدود الحياة العامة وعلاقات البيع والشراء، أو حتى الحرب والحرب، أو أيضاً الحق في الامتلاك والتصريف الشخصي للمتلكات..، بل شمل هذا الاجتهاد الإنساني كافة ما يرتبط بالإنسان والآخر.. في الصغير من الأمور وفي الكبير منها، في الخاص منها وفي العام.. وتشريعات «حمورابي»، ونصيحة «الأعرابية» لابنتها يوم زفافها، لا تخرجان عن هذه الاجتهادات على بُعد المسافة الزمنية بينهما، واختلاف المضمون فيهما، ولكنَّ الهدف يتمحور فيهما ضمن نطاق الإنسان!..
ومن هنا جاء معلِّم البشرية رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم ينصُّ على منطلقات وحدود علاقات الإنسان بالإنسان، فأسند الولاية والرعاية منذ بدء اختيار «الأبوين» للإنسان منها.. لأن المسؤولية تبدأ من هذه «النقطة» أي من موقع بدء الحياة بين اثنين تنشأ عن علاقتهما نتائج تبدأ بالنَّاتج البشري «الأبناء»..
وتتدرَّج المسؤولية من الأبوين إلى من «ينوب» عنهما في حالة غياب أحدهما، أو حتى في وجوده على شكل ما من أشكال الرعاية.. «كلكم راع.. وكلكم مسؤول عن رعيته» وتنطلق عن هذه «التشريعة» التربوية منظومة التشريعات، وتتقنَّن العلاقات.
ولأنَّ المكان لا يسمح لبسط المعلوم، والخوض في البدْهيات في شأن تشريعات العلاقات في أمانة الرعاية..، فإنَّني سوف أركزها على علاقة أساسٍ هي علاقة الرعاية في شخصية الأخ الأكبر في الأسرة..
وحافز الحديث في هذا الشأن ما أثارته قارئة كريمة في مهاتفة أخذت من الزمن حيزاً امتدادياً لأهمية موضوعها، ألحقَته بخطاب يفنِّد جوانب هامة في علاقة «الأخ الأكبر» في الأسرة بإخوته.
وللأخ الأكبر أوجه وأدوار.. نخص منها أنموذج الأخ الأكبر المفرِّط في أمانة المسؤولية المناطة به، وفق قيم اعتادها مفهوم «الولاية» المنبثق من ثقافة المجتمع القائمة على منح «الرجل الذكر» من الصفات، وإطلاق اليد، وتبرير المواقف، ما جعله يجترىء على أسيجة التشريعات النظامية في منظومة أسس الرعاية ذات العلائق المقيَّدة بما له وبما عليه، بما يجب وبما لا يجب..، بما يُقر وبما لا يُقر، الأمر الذي ظلم معه الكثيرات والكثيرين داخل الأسر الصغيرة تحت وطأة «ثقافة» المجتمع المؤكِّدة لقيم التعامل خارج إطار الحق والعدل...
هذه القارئة وهي ليست الوحيدة التي تنقل الصور الواقعية لسلطوية الأخ الأكبر.. التي لا تؤتي ثمارها، بل تقضي على البذور في تربتها.. هذاالقضاء الذي يتمثَّل في سلوك الأخ الأكبر داخل الأسر..
والمعروف أنَّ الأب في الأسرة هو الولي..
والولاية توجِب: التربية والتوجيه بوعي، ورفق، وإدراك، وحدب، واحترام، وتبادل المشاعر الطيبة، والعمل على مصلحة كلِّ فرد في الأسرة، ومنحه كامل حقوقه التي أقرها له الشرع، انطلاقاً من الأدوار التي حددها له خالقه تعالى.. ويساعده أفراد الأسرة من الأم، والإخوة والأخوات في أداء هذه الأمانة بكل حب وتعاطف وتكاتف، وحرص على رفع الظلم وعدم الإيذاء لا بالقول ولا بالفعل.. وعلى وجه الخصوص عند التعامل مع النساء لأن ولاية المرأة في الأسرة في وجود الرجل تأتي بعد قوامته وتتضافر معه في تنفيذ حدود الولاية والرعاية وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أكثر في الوصية بالنساء في عديد من المواقف وأكَّد على ذلك بأنَّه هو خير لأهله.
يتبع

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved