أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 8th April,2001 العدد:10419الطبعةالاولـي الأحد 14 ,محرم 1422

مقـالات

شدو
قنبلة اللغة الانشطارية!
د. فارس محمد الغزي
بكل صراحة! هل سبق لك أن نهيت عن سلوك وأتيت مثله؟.. هل قلت ما فعلت نقيضه.. فعلت ما قلت عكسه؟! هل حدث مثلا أن (تنهزرت!) أم العيال بصوت مزمجر اطار فؤادها هلعا أسقطه من جوفها خوفا يمشي على الأرض؟ لتتوجه الى ابنك (فتدبغه!) الى حد الاغماء رغم تفاهة السبب، فقط لتشخص نحو أصدقائك في الاستراحة وما هي إلا هنيهات مضت لتجد نفسك ممسكا بخطام الحديث (المثالي) مشيرا الى أهمية حسن معاملة الزوجة وضرورة الأخذ بأساليب التربية الحديثة للأبناء..؟!!
لا تثريب عليك (هذه المرة فقط!!) فالانسان يرهقه التصنع خارج أسوار منزله مما يؤدي به الى خلع ثوب التصنع بمجرد أن يدلف داخل أسوار قلعته وحصنه الحصين!،
بل يكفيك عزاء (ومبررا: شريطة ألا تعود لها مرة ثانية!) ما هنالك من أقوال مشهورة متداولة تاريخيا.. أقوال رغم خطأ الحصر والاستثناء اللغوي هنا! إن دلت على شيء فإنها تدل على ان التناقض غريزة من غرائز بني الانسان.، من قبيل:«خذ قولي ولا يهمك عملي.. البيوت أسرار.. بيت الرجل قلعته..»،
أو حتى قولهم باللغة الانجليزية (افعل ما أقوله لا ما أفعله: Do as I say not as I do). حتى الموغلين في القدم من الأمم قد فعلوا مثلك تماما أيها الرجل الحديث، بل فعلوا أكثر مما فعلت ازدواجا استدلالا بمثل اليونانيين الموغل فلسفة القائل: (التناقض نصف الحقيقة)، مما يعني ان التصنع هو نصف الحقيقة الآخر..!
دعني الآن (أدعك!) عند هذه النقطة لأخبرك عن السبب الذي جعلني (أُذكِّرك) بأشياء لا شك إنك (تذكرها الآن!!)..
لأقول إنني قد قرأت مقالة علمية مترجمة * يحلل في ثناياها مؤلفها الغربي ما هنالك من ازدواج وتناقض في الثقافة العربية لغة وفكرا وسلوكا، حيث ذكرقصة تمحورت حول طالب عربي وطالبة بريطانية اختلفا على أمر ما وأخذ كل منهما بمحاولة اقناع الآخر بخطأ موقفه..
مما الجأ الفتاة البريطانية الى التمثل بمقولة شائعة تستخدم غالبا في المواقف المبهمة والباعثة على الضجر والتبرم.. هذه العبارة نصا:( يبدو أنَّ (لا) لا تكفيك كاجابة: You do not take a no for an answer). هذا ومع تأكيد المؤلف بأن الطالب العربي هو (المخطىء)،
فلم يتردد بالقول بأن كليهما على حق من وجهة نظر ثقافة كل منهما: فالفتاة البريطانية قد نشأت في ثقافة تكتفي بالعبارات المختزلة وتؤكد وتعني مضامينها اللفظية، بينما تربى الطالب العربي في بيئة تعتمد السرد والتكرار والتهديد والوعيد اللغوي الأمر الذي خلق فجوة ما بين ذات الفرد الواقعية وذاته المثالية، بعبارة أخرى يعتقد هذا المؤلف ان الطالب العربي هذا ضحية لما هنالك من ازدواج وانشطار في لغته المجزأة بين فصيحة تصعد به الى الأعلى تساميا ولهجة عامية تهبط به الى القاع فكرا وسلوكا. فاللغة الفصحى بما تفرضه مواقف استخدامها من رسميات وتصنع تصعد بالفرد الى أعلى غير أنه سرعان ما (يهبط) الى ما اعتاد عليه في مواقفه اليومية..
في منزله.. مع أصدقائه.. في كل المواقف التي يستخدم فيها لغته العامية.. فلا غرو أن يمتطي صهوة التناقض والازدواج ويصر عليه غير مدرك بأن ما يفعله تناقضا.. خطأ..
ازدواجا وذلك لكونه قد تربى واعتاد على هذا النهج، ولهذا فالأمر لا يهمه.. لا يضيره.. لا يؤرقه.. مهما تعددت تناقضاته كميا ومهما تباينت نوعيا..
.. الآن الآن فهمت عقلية (عليّ الطلاق أن تقلط..!)
* ( فضلا: انظر الكتاب الرائع: الازدواج اللغوي في اللغة العربية، لمؤلفه الدكتور: عبدالرحمن بن محمد القعود، 1997م).
للتواصل: 454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved