أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 16th April,2001 العدد:10427الطبعةالاولـي الأثنين 22 ,محرم 1422

مقـالات

قراءة في كتاب
السياسة في واحة عربية: إمارة آل رشيد
تأليف الدكتورة مضاوي الرشيد وترجمة الأستاذ عبدالإله النعيمي
عبدالله الصالح العثيمين
كان هذا الكتاب في الاساس رسالة دكتوراة قدمت الى قسم دراسات الانثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة كمبردج عام 1408هـ/1988م. ثم نشر بالانجليزية في كل من لندن ونيويورك سنة 1991م. وبعد ذلك ترجمه الى اللغة العربية الاستاذ الكريم عبدالاله النعيمي، وصدر من مكتبة الساقي بلندن عام 1998م بالعنوان المذكور اعلاه، وهو ما تتناوله هذه القراءة.
يتكون الكتاب من 323 صفحة، مشتملة على شكر وتقدير، فمدخل، فاحد عشر فصلاً، فهوامش للفصول، فقائمة بالمصادر والمراجع، ثم فهرس للاعلام.
تحدثت المؤلفة الكريمة في المدخل عن بعض المفاهيم المتصلة بالدراسة، والظروف التي احاطت بدراستها، كما ابدت بعض الملاحظات المنهجية. وتناولت في الفصل الاول جغرافية جبل شمر من حيث الارض والسكان، وجعلت عنوان الفصل الثاني )غليان في وسط الجزيرة العربية(، متحدثة عما وقع نتيجة لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من سنة 1774م الى سنة 1841م. اما الفصل الثالث فعنوانه )انماط الزعامة: امير وشيخ وامام(. والفاظه تدل على المراد به. واما الفصل الرابع عن اقتصاد القوافل: التجارة والحجاج والاتاوة. وتحدثت في الفصل الخامس عن الجهاز العسكري لامارة آل رشيد. اما الفصل السادس فعنوانه )صنع التاريخ(. وجوهره حديث عن الشعر ودوره في صنع احداث تلك الفترة. وعنوان الفصل السابع )سياسة الزواج( اما الفصل الثامن فعنوانه )الامبراطورية والامارة(.
واما الفصل التاسع فعنوانه )الانحدار(. وختمت الفصول، دراسة، بالفصل العاشر وعنوانه )امراء في المنفى(. اما الفصل الحادي عشر فخلاصات، او خاتمة، اوجزت ما توصلت اليه في دراستها.
والكتاب في الاساس دراسة انثربولوجية اجتماعية. وتعرضه لامور تاريخية انما حدث، فيما يبدو، لاقتناع مؤلفته الكريمة بضرورة ذلك لتوضيح الصورة التي ارادت توضيحها. ولعل كون هذه الدرااسة، اساسا، دراسة انثربولوجية اجتماعية هو الذي جعلها تعتمد، بصفة عامة، على نظريات لكتاب غربيين محدثين. ذلك ان هذا النوع من الدراسات قد ازدهر وتقدم على ايدي هؤلاء الكتاب. واذا كان اعتمادها عليهم في الدراسة الاساس امراً متوقعاً ومقبولاً فانه كان جديراً بها ان تبدي اهتماماً فيما هو خارج ذلك الاساس بالكتب التي هي مظان معلومات موثوقة، وبالدراسات التي هل محل آراء جيدة، عند آخرين غير اولئك الكتاب الغربيين المحدثين، مثل كتب التراث ودراسات من اهتموا بالمواضع التي وردت في الكتاب )الرسالة(. من ذلك - مثلاً- انها في حديثها عن جغرافية جبل شمر قالت )ص7(: كان جبل شمر قبل ظهور الاسلام يعرف بانه جبل طيء، موطن قبيلة طيء العربية القديمة. واوضحت انها اعتمدت في هذا القول على مونتان، الذي نشر كتاباته في القرن العشرين الميلادي. ولو رجعت الى كتب التراث العربي التي كتبت في القرون الاسلامية الاولى او كتب السيرة النبوية لكان هذا اولى منهجياً، ولوجدت ان جبل شمر كان يسمى جبلي )بالتثنية( طيء، لا بالافراد، كما اخطأ مونتان. ومن ذلك انها لم تستعن بالكتب الموثوقة في ذكرها لاسماء المواضع. فهي لم تضع - مثلاً - كتاب المعجم الجغرافي، الذي الفه الشيخ حمد الجاسر، رحمه الله، بين قائمة مصادرها مع اهمية هذا الكتاب.
ولعل مما يحمد للمؤلفة الكريمة الصراحة التي ابدتها في مدخل دراستها عن نفسها، وموقفها تجاه ما كتبت عنه. ومما قالته في هذا المجال )ص 13-1(:
«مع تقدم البحث الذي شرعت فيه بدأت ادرك الافضلية الايجابية التي لدي بوصفي شاهداً من اهلها، والمآخذ الناجمة عن كوني ذات البحث وموضوعه..وسأكتفي بالقول: ان علاقتي الشخصية الحميمة بآل رشيد فتحت ابواباً عديدة كانت على الارجح ستبقى مغلقة بوجه الغرباء..ولكني اذ نشأت بعد الثانية عشرة من العمر خارج العربية السعودية كان اقاربي دائماً يعتبرونني بعيدة عن تاريخي وماضيّ. وكثيراً ما كانوا يعلقون على سذاجتي حين اطرح اسئلة تكشف عن معرفتي المحدودة بالشؤون والاعراف القبلية، وبالماضي عموما. ورغم ذلك كانوا متسامحين مع جهلي الذي ارادوا تبديده في سياق ما اعددته ونفذته من مقابلات. ففي نظرهم اصبحت هذه المقابلات هي الوسيلة لتربيتي اجتماعياً واثراء معرفتي بتاريخي ذاته».
وترجمة الاستاذ الكريم عبدالاله النعيمي للكتاب المتحدث عنه، هنا، ترجمة جيدة اللغة بصفة عامة. لكن مما يلحظ عليها عدم معرفته الكافية بالاسماء احيانا، سواء اسماء الافراد او القبائل او المواضع. ومن ذلك كتابته ابا حاكمة: ابا حكيمة )ص 39( وابن غنام: ابن غانم )ص40(، )وابن سُليم: ابن سالم )ص170(، وشمّر: الشمّر )ص 9 وص 17(- وان كان اوردها صحيحة في اكثر الاحيان - والرولة: الروالة )ص26(، والشعراء: الشعارى )ص 54( وفيد: فيض )ص 20(، وقفار: غفار )ص20(، والقصيم: القاسم )ص 111(، وقاسم )ص 112(.
ويود كاتب هذه السطور ان يوضح للقارئ الكريم ان قراءاته سوف تقتصر، بصفة اساسية، على الامور التي له بعض الالمام بها، وهي الجوانب التاريخية في الكتاب.
لعل اول ما يلفت نظر القارئ للكتاب ترجمة الجزء الاخير من عنوانه. فهو بالانجليزية The Rashidi Tribal Dynasty. وقد ترجم هذا الجزء الى امارة آل رشيد، وذلك بعدم ايراد ترجمة لكلمة Tribal مع مالها من دلالة مهمة.
بدأ مدخل الكتاب )ص 9( بهذه العبارة:
«يتناول هذا الكتاب امارة آل رشيد التي ظهرت في القرن التاسع عشر بين رعاة الابل الشمر )هكذا( في وسط الجزيرة العربية. فعلى امتداد ذلك القرن كانت شمر وامراؤها منخرطين في عملية توسيع سلالي هدفه توحيد وسط الجزيرة العربية في كيان موحد بزعامة الرشيد».
إن من الثابت تاريخياً ان آل رشيد - قبل وصولهم الى الامارة - كانوا من الحاضرة. فأبو عبدالله - مؤسس امارة آل رشيد - كان فلاحاً مستقراً، او عاملاً من قبل حكام الدولة السعودية الاولى لجمع الزكاة من البادية. وقد كرر ضاري الرشيد خروج عبدالله وعبيد من حائل لنصرة باديتها مما يؤكد استقرار الاسرة، وانها كانت من الحاضرة. بل ان عبدالله بن رشيد نفسه اوضح في قصيدته لابن رخيص، الذي دعاه الى البقاء عنده، انه حضري، والحضري لا يمكنه العيش الا في بلدة. ذلك انه ورد فيها كما يُروى:


الحيضري ما يستوي كود ببلاد
والبيدوي ما يستوي له تحضريه

وجبر بن رشيد - اخو علي وعم عبدالله وعبيد - كان في مقدمة كتّاب سعود بن عبدالعزيز، ثالث حكام الدولة السعودية الاولى. فهل - بعد كل هذا - يستحسن قول ما يفيد، او يوحي، بان عبدالله بن رشيد كان من البادية، ناهيك عن امراء آل رشيد الذين اتوا بعده؟
ولقد بدأت امارة آل رشيد بتعيين الامام فيصل بن تركي لعبدالله بن رشيد اميراً لجبل شمر سنة 1250هـ/1835م )وهذا امر سيتم ايضاحه فيما بعد(. وظل آل رشيد امراء تحت الحكم السعودي، وان عوملوا من قبل الحكومة السعودية المركزية معاملة خاصة مختلفة عن معاملة اكثر امراء المناطق الاخرى التابعة لها. وهذا ما اوضحه كاتب هذه السطور في كتاب نشأة امارة ال رشيد عند تناوله علاقة الامير عبدالله بن رشيد بالامام فيصل بن تركي. ولم يبدأ طموح ال رشيد، حقيقة، الى التوسع صوب الاقاليم النجدية الواقعة جنوب جبل شمر الا في عهد الامير محمد بن عبدالله بن رشيد، الذي بدأت امارته سنة 1289هـ/1872م. بل لم يبدأ تدخله في الاقاليم المشار اليها الا بعد اربع سنوات من هذا التاريخ، وذلك عندما استنجد به حسن بن مهنا، امير بريدة، لمدافعة خطر الهجوم عليه من قبل الامام عبدالله بن فيصل، مدعوماً بزامل بن سليم امير عنيزة، ومسلط بن ربيعان، زعيم الروقة من عتيبة. ومما سبق ذكره يتضح ان الثلث الاول من القرن التاسع عشر الميلادي انتهى قبل ان يصل اي فرد من آل رشيد الى الامارة، وان طموحهم الى التوسع في الاقاليم الواقعة جنوب جبل شمر لم يحدث الا في الربع الاخير من ذلك القرن. وكان مما مهد لهذا الطموح ضعف الحكم السعودي الذي كان من اهم اسبابه نزاع ابناء الامام فيصل على السلطة بعد وفاته.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved