أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 16th April,2001 العدد:10427الطبعةالاولـي الأثنين 22 ,محرم 1422

تحقيقات

أصبحت أخبار ضرب الطلاب لمعلميهم تتصدر صفحات الصحف يومياً
أفقدوا المعلم هيبته فضربه الطلاب!!
المدرسون: وزارة المعارف هي سبب تطاول الطلاب علينا
د. المهنا: يجب ردع المعتدين من الطلاب بكل حزم وحفظ حقوق المعلم
تحقيق عبدالرحمن محمد الرشيد:
تشكل ظاهرة الاعتداء على المعلم في التعليم العام الحكومي والاهلي أمرا خطيرا بعد ان كان الطالب يحترم معلمه ويقدره ويعده الاب والاخ والصديق تقديرا لمكانته العلمية، فكانوا يقفون له اجلالا واحتراما وكان الطالب يعي قيمة المعلم ويقدر كل ما يصنع له . وبعد الانفتاح السائد وتطبيق التربية الحديثة بدأنا نرى ونسمع ونقرأ الاعتداءات المستمرة على المعلم سواء بالضرب او بالتلفظ عليه بالالفاظ الفظة والسيئة داخل الفصل وخارجه وداخل اسوار المدرسة وخارجها حتى ان الطالب نسي قول الشاعر: «قم للمعلم وفّه التبجيلا، كاد المعلم ان يكون رسولا» كان التعليم في الماضي بحق شيقاً وسلسا فلا يوم طويل ولا حصص زيادة عن طاقة الانسان الذي يعدونه في هذا العصر آلة حديد لا تكل ولا تمل، فمل الطالب وتشبع من المدرسة والمدرسين بالاضافة الى التهاون والتكاسل من صانعي القرار باتخاد الاجراء اللازم والعلاج الناجع، فصار ما صار من قلة احترام ليس لمعلمه بل تعدى ذلك الى ولي امره واخوته وكل من يقابله في الشارع.
وفي هذا التحقيق نسلط الضوء على هذه الظاهرة الغريبة. اسبابها ومسبباتها والحلول الصحيحة التي ادلى بها اساتذة الجامعات ومعلمو المدارس.
فقد اكد استاذ علم الاجتماع المشارك بكلية الاداب جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان ان اساءة الطالب او الطالبة او اولياء امورهم للمعلم وللمعلمة لم تكن تشكل ظاهرة في الماضي كما هي عليه اليوم. فالعنف والايذاء الجسدي والمعنوي الذي يمارسه بعض الطلاب والطالبات او اولياء امورهم ضد بعض المعلمين المعلمات وضد ممتلكات هؤلاء المعلمين والمعلمات الشخصية يعود في وقتنا الراهن الى انحسار الموقف الاجتماعي المساند والداعم والمؤازر لدور المعلم والمعلمة التربوي والتعليمي. اذ لم نكن نسمع قبل سنوات مضت الا عن حالات نادرة يتعرض فيها المعلم او المعلمة لاساءة من الطالب والطالبة او اولياء امورهم لكننا اليوم نسمع الكثير من قصص وروايات الاساءة التي يتعرض لها المعلمون والمعلمات من قبل هذه العناصر كلها.
وانحسار الموقف الاجتماعي الداعم المؤازر للدور التربوي التعليمي للمعلم وللمعلمة جاء نتيجة طبيعية لقرار كل من وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات بمنع الضرب في المدارس، حيث احدث هذا القرار اصداء واسعة بين الطلاب والطالبات واولياء امورهم ليقفوا موقفا مناهضا لفكرة التأديب باستعمال الضرب، كما ادى هذا القرار الى جرأة بعض الطلاب والطالبات واولياء امورهم على المعلمين والمعلمات بالحاق الاذى الجسدي والنفسي بهم والتعرض لهم بالتهديد والوعيد وتدمير ممتلكاتهم الشخصية متى لجأوا الى الضرب كوسيلة تربوية.
وقضية تعدي الطلاب والطالبات او اولياء امورهم على المعلمين والمعلمات تشكل في نظري خللا تربويا لدى هؤلاء. فالاجهزة الامنية والقضائية والادارية هي المناط بها رد الحقوق لاصحابها والا تحول الامور الى فوضى عارمة. اذ من غير المعقول ان يتعرض المعلم او المعلمة للاذى دون حفظ لحقوقهما. فمنع الضرب في المدارس لا ينبغي ان يكون على حساب حق المعلم او المعلمة في التأديب والتربية الى جانب حقهم التعليمي.
واذا علمنا ان التربية والتعليم يتلازمان تلازما عضويا فان ما يحدث اليوم يعبر صراحة عن اقتصار مدارسنا على العملية التعليمية دون التربوية مما يحدث تشوها في مسيرة التربية والتعليم لدينا. فالدور التربوي للمعلم وللمعلمة يفوق دورهما التعليمي ولا ينبغي ان ينحسر دورهما التربوي الى درجة يبدوان فيها محط استهزاء وعناد واساءة بعض الطلاب والطالبات واولياء امورهم لتبرد هممهم وتضعف شخصياتهم ويقل عطاؤهم.
الكل يدرك ان التشريع الاسلامي جعل من الضرب وسيلة للتأديب والتربية في اكثر من آية وحديث ولكن في حدود المعقول بحيث لا يؤدي الى اصابات او تشوهات او وفيات لا سمح الله فما بالنا نحن نعلن امتعاضنا وغضبنا من استعمال الضرب في المدارس جملة وتفصيلا.
صحيح اننا ضد الضرب المبرح او المؤدي للاصابات والتشوهات والوفيات وهذا للاسف ما حدث لبعض الحالات التي على اساسها تم اتخاذ قرار منع الضرب في المدارس ولكن هذا لا يعني المنع بتاتا متى كانت المصلحة تقتضي ذلك شريطة تقنينه من حيث الاداة المستعملة في الضرب ومن حيث الكم والكيف.
نعم لا ينبغي ان تسبق العصا اللسان، فالاقناع والارشاد والتوجيه والقدوة الحسنة والترغيب ومنح المزايا والمكافآت يجب ان تعطى الاولوية في العملية التربوية والتعليمية وان تكون سابقة للتهديد والوعيد والشتم والسب والضرب. ومتى تم استنفاد جميع هذه الوسائل دون فائدة تذكر جاز لنا حينئذ التفكير بالعصا الذي لا يتعدى حجم المسواك ولا يسيل الدماء او يبقر البطون او يفقأ العيون او يحدث التشوهات او يؤدي الى الوفاة.
ولمعالجة هذا الوضع ينبغي اولا تهيئة المعلم والمعلمة من الناحية التربوية بمثل تهيئتهما من الناحية التعليمية او اكثر حتى يقومها بدورهما التعليمي والتربوي على اكمل وجه.
ففاقد الشيء لا يعطيه ومن لم يُجد في تربيته سوى العصا كوسيلة لتأديبه من قبل والديه ومعلميه فلن يجد غير هذه العصا وسيلة للتأديب عندما تقوده الاقدار لان يصبح معلما او تصبح معلمة. وعلى وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات تكثيف رسائلهما التربوية والتعليمية التي تحث الطلاب والطالبات واولياء الامور على احترام المعلم والمعلمة وتكشف الدور الريادي الذي يقومان به . وعليهما ايضا توعية المعلمين المعلمات بالاساليب التربوية السليمة والصحيحة وألا يختار لهذه المهنة الجليلة الا من هو اهل لها..
اما اولئك الحاقدون على انفسهم قبل غيرهم ومن ينقصهم الوازع الديني والاخلاقي ويعانون من امراض نفسية مستعصية فمن الواجب ابعادهم عن مثل هذه المهنة النبيلة فامثال هؤلاء لن يحصد منهم المجتمع الا نماذج سيئة في اقوالها وافعالها ولذا لا مكان لهم في التربية والتعليم.
ان تقنين الضرب وليس منعه هو ما كان ينبغي الاخذ به ولكن القرارات المتسرعة تؤدي غالبا الى نتائج وخيمة والا كيف اصبح المعلم في وضع لا يحسد عليه والطالب يهدده امام بقية الطلاب ويتعدى على ممتلكاته ويشبعه ضربا دون ان يستطيع ان يحرك ساكنا خوفا من الفصل والتأديب رغم كون الطالب او الطالبة هما المخطئين في الاساس.
وهذا يقودنا الى القول اننا امام معادلة حماية الطالب من عنف المعلم وحماية المعلم من عنف الطالب وتحدثنا عما هو مطلوب ازاء هذه المعادلة اعلاه.. فهل من معتبر؟
المطلوب أفكار تربوية متعمقة
فيما أكد الدكتور راشد بن حمد الكثيري استاذ التربية والمناهج ـ كلية التربية جامعة الملك سعود ان تربية النشء مسؤولية عظيمة وهي عملية شاقة فيها كثير من التحديات والتعقيدات وكثير من الصعوبات والمعوقات والمؤسسات التربوية في كل المجتمعات تحرص على ان تقدم تربية جادة لناشئتها والتوازن بين التربية والتعليم هو اهم عنصر لنجاح المؤسسة التربوية في تأدية رسالتها فإذا اختل هذا التوازن فشلت المدرسة في اداء رسالتها وساءت مخرجاتها لان التربية والتعليم يشبهان جناحي الطائر الذي لا يستطيع الطيران اذا اختل احد جناحيه وبالنظر الى تطور التربية والتعليم في بلادنا الغالية نلحظ تطوراً كبيراً وتغيراً عظيماً وتوسعاً في التعليم مستمرا ولكن لنا ان نسأل هل صاحب هذا النمو والتطور توازن بين التطور الكمي والنوعي؟ ام ان التطور الكمي هو الغالب وهو السائد؟ نحن لا ننكر الجهود التي بذلت في مجال التطور النوعي ولكن نريد ان نطرح بعض الاسئلة حول هذا المجال. عندما تلاحقت الثقافات واستفاد كثير من ابناء بلادنا الغالية من نهل معارفهم وتطوير مهاراتهم في المجتمعات العالمية ثم عادوا الى ارض الوطن هل قيموا وشخصوا كل فكر قدموه للتطبيق وهل عرضوه على المبادئ التي تحكم المجتمع والنظم التي تسيره وهل راعوا فارق أوضاع المجتمع مقارنا بالمجتمعات الاخرى ام ان البعض انبهر بما وجد من حضارة وتقدم ورأى ان ينقل كل ما شاهده دون تحليل وتخصيص؟ ثم هل ظل مواكباً لكل جديد ام انه اقتصر على ما تعلمه قبل عشرين سنة او ثلاثين سنة؟ وسؤال آخر هل أخذ في حسبانه الصراعات والاختلافات والتباينات في الفلسفات التربوية والافكار التي طرحت في الغرب خلال الخمسين سنة الماضية وهل تابع أفول بعضها؟ والتغيرات التي طرأت للبعض الآخر وكذا ظهور بدائل جديدة؟ وهل درس النقد الذي وجه لبعضها التعديل الذي صاحب تطبيقاتها اسئلة كثيرة تحتاج الى اجابات وتأمل. عندما درسنا في الغرب تعرضنا لفلسفات متباينة ورؤى في التطوير متعددة ووجهات نظر متعارضة وكان بعض من تعرضوا لهذه الفلسفات ودرسوها ومحصوا النظريات كان ينبهر بالتنظير والتبرير الذي يستند عليه اصحاب هذه النظرية لدرجة انه يظهر ان فيها العلاج الناجع لكنه بعد ان تقدم له الفلسفة الاخرى بأسسها ومكوناتها ومنطلقاتها واساليب تطبيقاتها ويستمع لحجم أصحابها ومنظريها ربما بعد اسابيع قليلة فإنه لا يلبث ان يتبنى هذه الفلسفة الجديدة لأنه يرى ان الحل الانجع في تبنيها وهي التي ستحقق الاصلاح والتجديد كان هذا يحدث رغم تباين الفلسفتين وقرب تعرضها بها وقتل هذا لا يعتبر بقراره ان لم يبن على اسس علمية وفهم سليم لما يتبناه من فكر ورأي ومن جانب آخر هل تابع هؤلاء المنظرون افول وسقوط بعض تلك الافكار ام انهم ما زالوا يعيشون في فكر الستينات والسبعينات الميلادية رغم التبدلات والتطورات والتغيرات التي حدثت بعد ذلك لو اخذنا امريكا كمثال فإننا نجدها قد راجعت تعليمها وقيمته ما بين عام 1980-1990م اربع مرات وأصدرت اربعة تقارير توضح نقاط القوة والضعف فيه واساليب الاصلاح بل انها في احدى مراحل تعليمها نادت بالعودة الى الاصول وحذف ما رئي انه لا ينمي مهارات الشباب كما ألغي ما يميل الى جانب الترفيه حين يتعارض مع بناء المهارات واستمر التطوير بعد عام 1990م وما زال مستمراً ونحن نسمع اخيرا دراسات حديثة تبني مخاطر التغذية والمغالاة في استخدام الحاسوب وتبرز ذلك على شخصية المتعلم وظروفه الصحية وتنتقد مغالاة الشركات الكبرى من فرضها ادخال الحاسبات في المدارس ليس بهدف تنمية المهارات والقدرات وانما بهدف الكسب المادي اما في مملكتنا الحبيبة فتسمع بعض المسؤولين عن التعليم يفاخرون بارتفاع نسبة النجاح وقربها من 100% ويرون ان هذا دليل على التطور ومؤشر للنجاح في مجال التعليم وآخرون يرون تربية الاطفال وتأديبهم فيه قمع لشخصياتهم وقتل لمواهبهم.
وفريق ثالث يرى ان الحاسب الآلي في المرحلة الابتدائية هو من اولويات التطوير والتحسين في مجال التعليم ومجموعة اخرى تحد من اساليب تأديب الاطفال ومنهم من يرى عدم ضرورة تأديب الاطفال وعدم استخدام العقاب البدني والنفسي وآخر يرى اهميته وغير ذلك من الآراء ولابد من السؤال فيما اذا كانت هذه القرارات استندت الى دراسات متعمقة ام انها اجتهادات عاطفية وهل تنفيذها وتطبيقها سيحقق لنا تربية جادة وفي مجال المعلم وهو العنصر الفاعل في التربية والتعليم يجدر بنا ان نسأل عن اسلوب اعداده وتوظيفه وتدريبه واسلوب تعلمه وتربيته ومكانته الاجتماعية وحريته في اتخاذ القرارات المعززة لدوره في تحسين العملية التربوية والتعليمية ونسأل عن نوع معلم اليوم وما صفاته وخصائصه؟ وما مستوى اعداده وتأهيله؟ وما مستوى مكانته الاجتماعية؟ وكيف ينظر اليه من قبل تلاميذه؟ وما اسلوب توظيفه؟ وقبل ان اتحدث عن المعلم نتعرض لغير مهنة التعليم ونبدأ بالطب فهل يرضى المريض الذي يشكو من الم في الجهاز التنفسي ان يعالجه طبيب متخصص في العظام او العيون او اي تخصص طبي آخر رغم ان كل حصل على شهادته في الطب العام ثم تخصص في فرع محدد وكذلك من يرغب في بناء مسكن فإنه لا يقبل ان يعمل مخطط منزله مهندس كهرباء او نفط او ميكانيكا ويرى ان يعمل من قبل مهندس معماري رغم ان الكل درسوا المقررات مشتركة في السنوات الاولى من كلية الهندسة واما العمل في مجال التعليم فاصبح ملكا للجميع كلية الزراعة - الاعلام - الآثار- الاقتصاد والادارة وحتى الهندسة كما دخل من لا يصح لمهنة التعليم فالمعلم المدخن لن ينجح في توجيه الطلاب وتعليمهم باضرار التدخين والمعلم الذي يلحن في القرآن لن يحترمه الطلاب خصوصا اذا كان من بينهم من يحفظ القرآن او جزءاً منه والمعلم الذي لا يفرق بن الفعل والفاعل او الفاعل والمفعول به لن ينجح في تعليمهم مبادئ اللغة العربية ، وهكذا ان على كليات التربية ومؤسساتها اعداد المعلم مسؤولية كبيرة في اختيار المعلم في اعداده وتربيته ويجب ان تعطي اختباره اولوية ولا تفاخر بانه لا يلتحق بها الا الطلاب المتميزون والممتازون لان القبول هذه الايام لم يحدده تغيير في سياسات الكليات وفلسفياتها وانما فرضه الواقع والتنافس اوائل الخريجين في البحث عن مكان في الجامعة وجاء نتيجة عدم مقدرة الكليات لقبول اعداد كبيرة فبدأت تختار نتيجة للظروف وليس نتيجة لتطور وتحسن انه لن يصلح التربية والتعليم الا اصلاح المعلم والحرص على حسن اختياره والاهتمام باعداده والاستمرار في متابعته وتقويمه وتطويره وتدريبه اثناء الخدمة فإذا اعتنى به واصبح معلما ناجحا وفاعلا وقويا فانه سيعيد لنفسه الاحترام والهيبة والتقدير واذا اقتصر على توظيف المؤهلين فقط فان هذا سيضمن عودة مكانة المعلم فالمعلم الذي يحترم نفسه ويقدم دروسه باقتدار ويعدها اعدادا كاملا ويعرضها بأسلوب مشوق وجذاب ويستطيع ان يبهر طلابه بما يقدمه لهم من حكم وآداب ومعلومات وفوائد واضافات بما لديهم في الكتاب هذا هو الذي يريده الطلاب ويحترمونه ، اما المعلم الذي يلخص الكتاب ويقدمه بشكل ممل فقد يكون من طلابه من هو اقدر منه على الفهم والتلخيص ونعود الى ما يطرح من افكار حول تربية لأبنائنا ونقول يجب ان تدرس كل هذه الافكار وتقيم وتناقش ليذهب الزبد ويمكث ما ينفع الناس ، ان تربية الطفل وتهذيب اخلاقه وتأديبه امر مهم ويجب ان نعتني به ونمحص الافكار حول الاساليب المستخدمة في هذا الشأن، كما يجب ان تنوع طرائق التأديب حتى اسلوب العقاب البدني المنضبط اذا احتجنا له نتيجة سوء سلوك من قبل المتعلم كما يجب الا نعاقب الطفل نتيجة تقصير لدى المعلم، ليستخدم العقاب البدني عندما يظهر سوء سلوك الطفل ويغلب على الظن ان اصلاحه لن يأتي ولن يتحقق ولن يحصل الا بهذا النوع من التأديب ، اما حول موضوع اسقاط درجات السلوك والمواظبة يجب ان نسأل عن الاسس التي استند عليها هذا القرار، وما الفلسفة من ورائه؟ وما الفوائد المرجوة منه ؟ وهل ثبت ان التعامل معها خلال الخمسين سنة الماضية لم تكن له فوائد وبدون جدوى؟ فاليوم كيف يتعامل المعلم مع من يسيء السلوك وكيف يتعامل مع من يتأخر عن المدرسة صباحا؟ ومن يغيب عن المدرسة احيانا بدون عذر؟ اسئلة لابد لها من اجابة ، وقد يكون لدى من اتخذ القرار اجابة فاذا كان هذا فالمعلمون يرغبون في ذلك والفئة التي لم تؤيد هذا القرار تبحث عن اجابة لهذه الاسئلة رأي آخر حول اساليب التربية وممارساتها يفيد بضرورة مراجعة بعض المسؤولين في وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات لأساليب تبليغ قراراتهم ان حمى التعميمات واسلوب السبق الصحفي لدى وسائل الاعلام فيه ضرر على العملية التعليمية.
ان تحقيق التربية الجادة ليتطلب عملا شاقا من قبل المدرسة والبيت والمتعلم نفسه، كما يتطلب تنسيقا جيدا بين مؤسسات المجتمع الاعلامية والرياضية وغيرها ولابد من التوازن والسعي لتحميل الطالب نفسه المسؤولية وتعويده القيام بها وتهيئته لمعرفة ما قد يواجهه من تحديات في المجتمع والحياة ومؤثرات في المجتمع ونحن لا نستطيع حجب الطفل عن العالم الخارجي لما يتوفر من وسائل اتصال وتقدمها ولكن لابد من اعداد الطفل للتعامل معها والاستفادة منها وتجنب مخاطرها.
قرار صائب حد من الفوقية
وبدأ الدكتور عائض الردادي وكيل وزارة الإعلام المساعد مداخلته حول هذا الموضوع اولاً: على ان فقدان احترام المعلم داخل المدرسة وخارجها اصبح ملحوظاً بين طلاب اليوم فصورة المعلم عند الطالب كانت كبيرة ولذا كانت موضع احترامه اما اليوم فان الطالب لم يعد يحترم استاذه على وجه العموم كما كان الطالب سابقا الذي كان ينظر باكبار لاستاذه حتى اذا رآه في الطريق قد لا يتكلم احتراما له اذا جمعهما مجلس بل ان بعض طلاب الامس لا يشارك في نقاش مسألة علمية اذا كان استاذه حاضرا تقديرا لمكانته العلمية عنده على انه من الانصاف القول ان عدم الاحترام لم يقتصر على الاستاذ فبعض الابناء لم يعد يحترم والديه والتعدي على المعلمين جسديا ارى انها ليست ظاهرة في بلادنا حسب ما اسمع واذا وجدت حالات شاذة فلا تعد خطرا ولكنها نذير خطر ببدء وجودها في بلادنا فهي في السنوات الاولى للتعليم لا وجود لها اما هل للوزارة دور في ذلك فقد يكون لكثرة التأكيد على حرية الطالب دور في ذلك ولكن يبدو ان السبب الرئيسي اننا لا نعلم الطلاب ادب العلم قبل العلم فلو غرسنا في الطلاب احترام الوالدين والمدرسين وحب الوطن وكان ذلك تطبيقا اكثر منه نظرياً لوجدنا ثمار ذلك اذا كبر الطلاب فاحترام المعلم ينبغي ان يكون سلوكا اكثر منه تلقيناً واذكر انني عندما كنت في المرحلة الابتدائية كان عريف الفصل يقول عند دخول المدرس للفصل احترام فيقوم الطلاب وقوفا احتراماً للمعلم اما اليوم فالمدرس يدخل الفصل وبعض الطلاب قد لا يسكت الا اذا اسكته المدرس فضلا عن تطبيق قم للمعلم وفه التبجيلا. وعن هل البيت والمجتمع والاعلام دور في ذلك فانني اقول ان لكل من البيت والمجتمع والاعلام دوراً في ذلك فالبيت الذي يلقن الطالب وجوب معرفة حقوق المعلم لا يوجد من ابنائه من يسيء للمعلم اما البيت المفكك الذي تعصف به المشكلات او تخيم عليه الامية فقد يوجد من ابنائه من يسيء لمعلمه افرازا لهذا الجو العام الذي عاش فيه الطالب اما المجتمع وبخاصة خلطاء الطالب فهو من اكثر من يدفع الطالب للاعتداء على مدرسه وقد يثيرون فيه نوازع تدفعه لضرب المدرس والاعلام بشكل عام قلل من الهيبة والاحترام التي ورثها للاسف وبخاصة بعض المسلسلات العربية التي جعلت من المدرس مجالا للسخرية وبحسبك )مسرحية مدرسة المشاغبين( وقرار الغاء درجة السلوك والمواظبة هذا القرار من القرارات الخاطئة التي قلصت هيبة المدرس والادارة المدرسية ولم ار سببا مقنعا لهذا القرار سوى التظاهر بالمظهر الحضاري الذي ما زلنا بعيدين عنه فمدارسنا مازالت تحاط بالاسوار والابواب الحديدية المغلقة منذ دخولهم المدرسة في المرحلة الابتدائية ولو فتح لهم الباب لخرج كثير من الطلاب ولم يعودوا اليها وفي ضوء هذا القرار لم يعد بيد الادارة ما تتخذه تجاه الطالب الذي تبدو منه سلوكيات سيئة او عدم مواظبة على المدرسة ولا ابالغ اذا قلت ان هذا القرار نزع ما بقي من هيبة المدرسة في نفوس الطلاب جميعا وشهادة السيرة والسلوك الحسن فهي تعطى لكل طالب ولم اطلع على طالب اعطي شهادة تذكر عنده خلل مثلها مثل الشهادة الصحية في المدارس التي تثبت خلو كل الطلبة من الأمراض اما قرار منع الضرب فهو قرار صائب فقد كان يساء استخدامه من بعض المعلمين وبخاصة من لديه عقدة الفوقية وكل عقوبة جسدية يجب ان تمنع او يوضع لها ضوابط وهذا الفرق بينه وبين قرار الغاء درجة السلوك والمواظبة فالاول قرار عقوبة جسدية يجب منعها الا بضوابط مشددة ويجب الا تنفذ الا باشراف ادارة التعليم اما الثاني فهو قرار هيبة للمدرسة ولا يتضرر الطالب منه جسديا بل ان اكثر الطلاب تعطى له الدرجة كاملة ولذا ارى وجوب العودة اليه فكل التسهيلات في الرقابة اصبحت الى جانب الطالب على حساب الاحترام للمدرسة والمدرسين اما التربية الحديثة فلها دور ايجابي وليس سلبيا ولكن هناك مبالغة في التطبيق فهو لا يراعي فوارق المجتمعات فكثير من نظريات التربية الحديثة طبقت دون النظر الى انها صدرت في مجتمعات تختلف عن المجتمع الشرقي وهناك من التربية لدينا ما يفوق التربية الحديثة وهو غرس القيم الدينية في نفوس الناشئة واحترام الكبير والعطف على الصغير والاعتراف بالجميل لمن صنعه ومن ذلك المعلم ولو غرست هذه المبادئ في نفوس الطلاب منذ نعومة اظفارهم لقل الطلاب قليلو الاحترام لمدرسيهم واحب ان اوضح ان المشكلة عندنا مازالت محدودة ولكن في ضوء الانفتاح والاكثار من قرارات عدم سيطرة المدرس على الطالب اتوقع ان تزداد ولكن ليست بحجم كبير في السنوات القليلة القادمة والحل في تربية النشء على الفضيلة ومكارم الاخلاق والتربية دينيا وسلوكيا واذا ربي الشاب على الاحترام منذ الصغر فلن نشكو منه سلوكا سيئا عند الكبر ولكن المشكلة ان بيننا من يرى هذا النوع من التربية يسبب عقدا للطلاب فيترك للطلاب الحبل على الغارب حتى اذا ما صدر منه سلوك شائن قلنا أنى هذا ويجب ان نعترف اننا في مفترق طرق فلا نحن حافظنا على تربية اسلافنا التي ثبت نجاحها في هذا المجال ولا نحن دققنا فيما يفد الينا من نظريات فغربلناها وانتقينا منها الجيد المفيد ومزجناه مع ما لدينا وكونا لنا شخصية تنطبع على ابنائنا وهذا شأن المقلد فلا هو حافظ على ما عنده ولا هو نظر للوافد نظرة الفاحص الباحث عما يناسبه والتجاوز عما لا يناسبه.
متى وكيف يكون العقاب؟
ويرى الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الغريبي استاذ علم النفس بجامعة الملك سعود بأن الاعتداء على المعلمين ليس مصطلحا حديث النشأة، فمنذ وجدت المدارس وهذا السلوك يتكرر ولكنك حين تتحدث مع اطراف لها علاقة بالتعليم حديثا او قديما لن تستغرق وقتا طويلاً حتى تكتشف ان نسب تواتر هذا الحدث قد اخذ بالزيادة. زيادة العنف بالمدارس هي سمة عالمية ستجد ان كثيراً ممن تعنيهم التربية يشيرون الى ذلك. ففي الولايات المتحدة الامريكية اليوم يحدث اكثر من 2000 مشاجرة على ارض المدرسة بالساعة، مما حدا بالحكومة الامريكية إلى أن تجعل احد اهم اهداف التعليم الوطني لديهم لعام 2000 «مدارس آمنة ومنضبطة، وخالية من المخدرات».
العنف بجميع اشكاله ابتداء من الجريمة ومرورا بالاعتداء الجسدي او اللفظي او حتى نظرات التهديد والغضب الموجهة للمعلمين او للطلبة فيما بينهم يحرف تركيز الطاقات والجهود والامكانات عن بناء التعليم الى الاهتمام بمحاولة السيطرة على الطلاب وضبطهم، وهذه بلا شك بيئة ليست مثالية لتقديم نوع جيد من التعليم.
قد يشتكي كثير من المعلمين اليوم من فقدانهم الاحترام من قبل الطلاب ويربط ذلك بقرار منع الضرب او الغاء درجة السلوك والمواظبة او التعاميم الكثيرة التي تصدر من الوزارة والمتعلقة بتنظيم العلاقة بين المدرس والادارة من جهة والطالب من جهة اخرى.
لا اعتقد ان منع الضرب او الغاء درجة المواظبة سبب في ازدياد العدوان تجاه المعلم، فالضرب ليس وسيلة تربوية على الاطلاق. ولكن ذلك لا يعني غياب العقاب، فالعقاب لا يعني الضرب بالضرورة. ويجب ان نعرف متى نستخدم العقاب. ففي العملية التعليمية يجب الا نستخدم العقاب بتاتا، اما في عملية الضبط فقد نحتاج لاستخدام بعض انواع العقاب لاعطاء رسالة بأن هناك سلوكا ما غير مقبول من الطالب. فالخطأ الذي قد تكون ارتكبته الوزارة هو ان الرسالة التي وصلت للطالب تشير الى أنه يستطيع عمل ما يشاء. واذا كان ذلك هو ما حدث بالفعل فهو خطير بلا شك على المعلمين وعلى العملية التربوية بكاملها.
اهم ما اريد الاشارة اليه هو ان يعي الطالب تماما ان هناك سلوكا لن يقبل منه. ولكن ذلك لا يعني بالضرورة ان تكون العلاقة بين الطالب والمدرس علاقة سجين وحارس. فالشدة والقوة والتخويف تخلق نوعا من الضبط ولكن على المدى القصير وما دامت القوة موجودة، اما على المدى الطويل فانها تخلق شعورا سلبيا يكون بداية حلقة متواصلة من السلوك الاستفزازي من قبل الطلاب اضافة الى انه ليس جوا تعليميا. فالطريقة البديلة التي تنمي احترام الذات وضبط الذات لدى الطالب وتكون علاقة عمل ايجابية هي افضل بكثير لكل من المعلم والطالب والمناخ التعليمي.
اما رؤية بعض المعلمين بأن الطلاب لم يعودوا يحترمون معلميهم فقد تكون رؤية غير دقيقة، والسبب في ذلك هو ان مفهوم الاحترام اكتسب معنى مختلفا على مر الوقت. فقد يعني الاحترام عند البعض )وكما اعتادوا حينما كانوا صغارا( هو الخنوع وعدم النقاش او الطاعة وتنفيذ الاوامر. ولكن التوجه التربوي السائد في كل الارجاء هو نحو مزيد من الاعتبار للارادة الفردية للانسان، وهذا لا يحدث في المدرسة فقط ولكن في البيت كذلك. فعلاقاتنا مع ابنائنا لم تعد كما كانت علاقاتنا مع آبائنا، فالاحترام موجود ولكن طريقة التعبير اختلفت.
فالتوجهات والمفاهيم والقيم تعبر الحدود بسرعة وكمية اكبر بكثير من السابق وذلك بسبب سهولة الاتصالات مع العالم ومع ان سهولة الاتصالات مع العالم لها فوائد لا حصر لها الا انها تنقل الاتجاهات السلبية في العالم، فالعنف في التلفزيون والافلام وعند ابطال السينما يعتبر مصدراً مهماً للايحاء بهذا النوع من السلوكيات السلبية.
وبلا شك ان الاسباب المؤدية لاعتداء الطلاب على المدرسين كثيرة ومتشابكة ومتكاتفة. اهمها في نظري البيئة المنزلية، وللاسف القدرة على تحكم المدرسة فيها ضعيف . فالطفل المحاط في البيت بالفقر والجريمة والبطالة والبيئة المادية المتدهورة والمنازل المهترئة، اضافة الى آباء غير جاهزين للتربية ومهملين او قساة سوف يحمل غضبا يعوم في نفسه يحول ذلك الغضب الى اي جهة خارجية يكون المعلم احداها.
ويجب ان نشدد على ان احد الاسباب المهمة هو ان النسيج الاجتماعي اختلف عما كان عليه من قبل،فالتجانس لم يعد كما كان في السابق. فالفروقات الاقتصادية الكبيرة بين الطلاب والتباينات الاجتماعية والاقليمية اضافة الى زيادة الاعداد الطلابية في المدارس وسوء تجهيز بعض المدارس يؤدي الى عدم التجانس والتوتر بين الطلاب.
قد يتحمل بعض المدرسين بعض المسؤولية في جلب العنف ضد انفسهم، ولكن المسؤولية الكبرى تقع على الجهة التربوية المسؤولة.
فمن جهة يجب اخضاع هذا النوع من المدرسين لبرامج تدريبية للتعامل مع الطلاب، واعطاء رسالة بأن الوزارة تقف مع المدرسين معنويا وماديا لانه ليس المطلوب من المعلم ان يكون مصارعا. ومن جهة اخرى توفير برامج تدخل مكثفة وطويلة المدى )20-30 اسبوعا( موجهة للطلاب الذين لديهم مشاكل محتملة تهدف الى تطوير مهاراتهم الاجتماعية والتحصيلية وتخفيض سلوكهم العدواني، لان الخيار الاخر هو ان هؤلاء سيكونون احداثا منحرفين.
أمل الأمة وحق المعلم
وتحدث الدكتور ابراهيم بن عبدالكريم المهنا المشرف بادارة التعليم فقال تخدم المدارس شريحة مهمة من ثرواتنا الوطنية الحقيقية وهم ابناؤنا الطلاب ويشار لهذه المدارس بالنجاح كلما كانت اقرب الى تحقيق اهدافها التي انشئت من اجلها ويبرز نجاحها اكثر من خلال اهم عناصرها وهم المعلمون فعندما نتحدث عن موضوع تعدي الطالب على معلمه وظهور هذه المشكلة على الساحة التربوية احب ان اطرح رأيي فاقول انني سأتحدث في هذا الخصوص حول امرين كلاهما مهمان فالاول هو الطالب وهو محور العملية التربوية والتعليمية بالمدارس حيث وفرت جميع الامكانيات البشرية والمادية وغيرها من اجله ووضع لكل منها مهام محددة واهداف تخدمه ومن اهما المعلم حيث تركز وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات على محاولة رفع مستوى الجميع من النواحي التي تهم العلم ليحقق اهدافه المنشودة منه ومهامها الخاصة التربوية والتعليمية وكذلك التأثير النفسي عندما يتصرف هذا المعلم مع طالبه تصرفا غير تربوي كأن يضرب معلم المرحلة الابتدائىة الطالب ضربا يجعله يكره المدرسة وذلك ينطبق على جميع المراحل أيضا أو أن يتهكم بشخصه وبأسلوب غير تربوي او غير ذلك من الامور الضارة بالطالب وبحق فإنني مع الجهات المسؤولة عندما تتخذ بحقه الجزاء الرادع متمنيا من هذه الجهات بجميع طاقمها التربوي ان تركز على الدراسات التربوية والتدريب على رأس العمل الذي يخدم من هو بحاجة لذلك من المعلمين ومن لم يجد معه ذلك العمل فحسب فرأيي ان مكانه ليس بالمدرسة لأن ذلك حق من حقوق الطلاب الذين هم ان شاء الله امل لرفعة الوطن. والامر الآخر هو حق المعلم المخلص والنشط والمجتهد والذي اشبه ما يكون بشمعة تحترق من اجل الآخرين لإيمانه بعد الله باهمية مهنته فهو يقرأ ويبحث ويتابع ما يخص عمله بكل اجتهاد ويعي مسؤولية عمله والامانة التي يحملها ويحاول ان يغرس كل الافكار الخيرة والتربوية بذهن طلابه مثل الصدق والامانة والاخلاص والجد والاجتهاد وغيرها من صفات المواطن الصالح وندهش عندما يقوم أحد او بعض الطلاب بتصرفات خاطئة مع ذلك المعلم وقد تكون اكثر وضوحا بالمرحلة المتوسطة والثانوية اما عن تصرفات غير مسؤولة او عن انحراف في السلوك محاولا ـ هذا الطالب ـ ان يؤثر على المعلم في التهاون معه مثلا بالاسئلة او عدم المتابعة بالغياب او عدم اشعار ولي الامر عن تصرفاته او غير ذلك وقد يكون تصرف هذا الطالب مع المعلم ضارا بشخصه او ممتلكاته واقول ان مثل هذا الطالب الذي بأصله مسلم ومواطن ومكلف فانه يجب ان يعرف ان دينه الذي ارتضاه منهجا له يأمره بردعه اصلاحا لشخصه وتنبيها لمن هو يجهل ذلك وان مثل هؤلاء ممن تقوم معهم وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات بجميع محاولاتها التربوية عن طريق اداراتها ومدارسها )المدير - المعلم - المرشد الطلابي( ويرى هؤلاء المختصون ان متغيرات كثيرة بدأت تطفو على فكر بعض الطلاب ولذلك يجب ان يقوموا اولا: بوضع الدراسات المسحية التربوية محاولين تحديد اسباب ذلك ثانيا: ان تحال معاملة اي شخص من هؤلاء الطلاب الى المحكمة حفظا للحقوق وردعا لمن هو يجهل ذلك وفي هذه الحالة فإن القاضي سيقرأ كامل المعاملة وسيستنير بها لينجز الحكم الشرعي حولها حسب ما يراه القاضي.
صياغة قرار تربوي
ويدلي الاستاذ/ مشاري بن عبدالمحسن الرومي برأيه موضحا مدى العلاقة بين المعلم والمتعلم، والعوامل المؤثرة في هذه العلاقة ودور الجهة المسؤولة عن التعليم، وشخصية المعلم وطريقته وكيف يضع نفسه امام طلابه؟، وقدم رؤيته للمستقبل في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، وخلص الى الدعوة لصياغة قرار ينظم المسألة فقال الاستاذ الرومي:
منذ وجد المعلم والمتعلم والعلاقة بين التلميذ ومعلمه في مد وجزر وتبعاً لذلك تكون العلاقة بينهما مرة في القمة واخرى دون ذلك.
ومن العوامل المؤثرة جدا في شكل تلك العلاقة دوافع التعلم عند المتعلم فمتى كان حضور التلميذ الى حلقة التعليم او الى المدرسة برغبة ذاتية وحرص شخصي من المتعلم، كانت تلك العلاقة متينة وتعلي من قدر المعلم وترفع من شأنه، ومتى كان يساق التلميذ الى المعلم سوقا كما هو في وقتنا الحاضر فإن العلاقة يشوبها شيء من الكراهية لعدم رغبة التلميذ في الذهاب الى المدرسة اضف الى ذلك كثرة الملهيات والمغريات التي سلبت عقول التلاميذ والطلاب وكذلك الحال بالنسبة للمعلم. فإن معلم الامس غير معلم اليوم، حتى وإن كان تأهيله دون المستوى ، فقد كان شبه متفرغ للتعليم وينظر الى عمله نظرة مسؤولية ولا يشاركه التفكير فيه اعمال اخرى تشتت الذهن وتجعل من قيامه بعمله في المدرسة شاغلا له عن مصالحه الأخرى مما انعكس على مستواه واعداده لدروسه واهتمامه بتلاميذه، كل هذه الامور جعلت من المدرسة عبئا ثقيلا على النفوس وهما يحمله المعلم والمتعلم، يضاف الى ذلك ان المجتمع بشرائحه لم يكن بعيدا عن هذه الحالة التي عليها مجتمع المدرسة فازداد الامر سوءا بما لديه من تدخلات ليست في صالح العملية التعليمية.
فهذا البيت يدعم الطالب في كل مواقفه من معلمه ويهرع الى المدرسة لمساءلة المعلم عن اسباب توبيخ ابنهم او معاقبته لسوء ادب ارتكبه، والاعلام زاد الطين بلة كما يقال، عندما هول الامور وضخم القضايا واستهان بالمعلم وسخر منه، واظهره في صورة عدو للطالب لاهم له إلا الراتب ومعاقبة الطلاب.. وقلل من مستواه ودوره في التربية والتعليم.
ويأتي دور الجهة المسؤولة عن التعليم عندما جاءت بالطامّة فاصدرت قرارات تحد كثيرا من صلاحيات المعلمين والمدرسة، وتطالب بالتعامل مع الطلاب معاملة هشة لا تصلح طالبا ولا تربي ناشئا، واصبح التعامل معه كالتعامل مع زجاجة يخشى كسرها..
في مجتمعنا هذا الذي ما زال يسير ابناؤه الى المدارس رغما عنهم لا رغبة في التعلم ولا حبا فيه فذهبت هيبة المعلم وقل احترامه وخسر ما بقي له من تقدير كان كفيلا بدفع الطالب الى الاهتمام بنفسه والاستماع الى معلمه والاصغاء اليه.
وانعكس ذلك على ولي الامر والقريب والبعيد وذهب احترام الآخرين.
ولا انسى المعلم المعلم الذي للاسف ساعد الآخرين على نفسه عندما لم يطور ذاته وهبط بعضهم الى الحضيض بارتكابه مخالفات ادبية واخلاقية وخان البعض الآخر الامانة التي حملها فمن الذي باع الاسئلة؟ ومن الذي غشش الطلاب في صالة الاختبار؟ ومن الذي اهان الطالب دون سبب يذكر امام زملائه؟ ومن الذي ومن ومن..؟! انه بعض المعلمين الذين تسللوا الى اشرف مهنة وهم ليسوا اهلا لحمل رسالتها العظيمة.
وهذا يؤثر من قريب وبعيد على سمعة المعلم والمنتسبين الى التعليم وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فان الامور ستطور الى ابعد من هذا ولن يتوقف عند التطاول على المعلم بل سيتعداه الى غيره فها هو المشرف التربوي طاله ما طاله من تعديات الطلاب عندما اعتدو على سيارته او بعض ممتلكاته، ولن يتوقف عند هذا الحد بل سيطول كافة المسؤولين عندما ينشأ الطالب على الاّ توبيخ ولا عقاب ولا توجيه ولا سولا وعلى المسؤولين عن تربية النشء كل في موقعه تدارك الامر قبل استفحاله وقبل ان يتمرد ابناؤنا علينا وعلى السلطة وان كانت بوادر ذلك تلوح في الافق فمن المسؤول عن التجمهر ومن وراء التفحيط ومن خلف معصية الوالدين وعدم طاعتهم ومن الذي دفع الناشئة الى المقاهي والتسكع في الشوارع ومن هؤلاء الذين لم ينصاعوا لتوجهيات رجال الحسبة في الاسواق ولماذا هؤلاء الصغار لا يسمعون كلام الناصحين ولا يحترمون الكبار عندما يوجهونهم بعدم العبث في المساجد وإشغال المصلين، ومن الذي دفع الناشئين والمراهقين للعبث بالممتلكات العامة ومرافق الخدمات التي انفقت عليها ملايين الريالات.. ليس سبب هذا بالطبع منع الضرب في المدارس لا بل غياب التربية وغياب العقاب باشكاله الاخرى التي ليس شرطاً ان تكون ضربا!
اين دور الاعلام في تبيان مكانة المعلم ودور المدرسة في صنع الرجال الاقوياء؟ واين التنشئة الدينية الخالصة لوجه الله؟.. واين دور المرشدين الطلابيين؟
نحن امة مختلفة عن سائر امم الدنيا لها تشريعها السماوي الذي يميزها عن غيرها من الامم الاخرى.. وليس شرطاً لتقدمنا وتحضرنا ان نسير خلف تلك الامم ونتبع كل ما جاء من عندهم من تربية حديثة او وجهات نظر لا تصلح لنا لأسباب يصعب حصرها!! ان الحل من وجهة نظري المتواضعة يتطلب ان تشترك كل الاطراف التي ساهمت في هذا الخلل التربوي المخيف وتقرر تنظيماً ولوائح لإعادة الامور الى نصابها قبل فوات الاوان وقبل ان يذهب مجتمعنا المسلم بعيدا عن الغاية التي ارادها الله له عندما قال: )كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..(.
لابد من صياغة قرار يشترك في تدوين بنوده ومواده. جمع كبير من فئات المجتمع ويعاد عند صياغته الى آراء رجال التربية المسلمين الذين اثروا التاريخ عبر قرون خلت بآرائهم ونظرياتهم التربوية المستمدة من كتاب الله الكريم وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
المسؤولية مشتركة
وتحدث الاستاذ احمد بن محمد البدر المعلم بثانوية الزلفي فقال من الامور التي طفت على السطح وصارت واضحة للعيان مسألة عدم احترام بعض الطلبة لبعض المعلمين والتعدي عليهم بالكلام الجارح وإلحاق الاذى والضرر بابدانهم وممتلكاتهم وفي نظري ان ذلك يرجع الى عدة اسباب رئيسية ولا يمكن ان نحمِّل المسؤولية لطرف واحد فقط وهذه الاسباب هي باختصار:
وجود بعض القصور في تربية الناشئة، وتأثرهم الواضح بما تعرضه الوسائل الاعلامية المختلفة، حيث صار العالم كتابا مفتوحا يقرأ الطلاب من خلاله عادات الغرب واثر ذلك في سلوكياتهم واخلاقهم وأدى ذلك الى عدم مبالاة الكثير منهم.
الغاء العقوبات البدنية ومنها الضرب كوسيلة اخيرة في علاج قصور الطالب ومخالفاته المتكررة، حيث امن بعض الطلاب العقوبة فأساؤوا الادب.
الهالة الاعلامية الضخمة التي اعطيت لمسألة منع العقوبات البدنية في المدارس وكثرة التصريحات الصحفية بمنع الضرب وتهديد كل من يجرؤ على تأنيب الطالب حتى لو بالكلام، وهذا بدوره اعطى الطلاب حصانة دفعتهم لممارسة بعض السلوكيات الخاطئة ومنها التعدي على المعلمين.
الخواء الروحي والعاطفي والضعف في الوازع الديني عند بعض الطلبة.
قد يكون لبعض المعلمين دور في نشوء هذه المشكلة، وذلك من خلال سوء معاملته وتسلطه على الطلبة، واستخدام اسلوب التهديد واطلاقه لبعض الالفاظ المشينة واندفاعه الكامل وراء تيار الغضب وضرب الطالب بشكل عشوائي دونما سبب ظاهر يستدعي ذلك.
لبعض القرارات العشوائية التي تخرج من بين جدران وزارة المعارف دور في ذلك كالغاء درجتي السلوك والمواظبة الغاء كاملا ومنع العقوبات البدنية ونحو ذلك.
ثانياً: ان استمرت الاوضاع على ماهي عليه الآن من حيث الانفتاح السلبي على العالم ومشاهدة الطلبة لما يعرض في القنوات الفضائية وسهرهم الطويل، ووقوف وزارة المعارف مكتوفة الايدي حيال ما يحصل من بعض الطلبة بل ومباركة ذلك من خلال تهديداتها المستمرة لكل من يجرؤ على مجرد تأنيب الطالب وعدم اهلية بعض المعلمين وتهورهم في التعامل مع الطلبة فإن هذه المشكلة ستطول وستزيد وتتضاعف.
الحلول المناسبة لهذه المشكلة
تتلخص في الآتي:
الحرص على تنشئة الطالب تنشئة حسنة، وتربيته في صغره تربية اسلامية فاضلة تدفعه للتحلي بمكارم الاخلاق وفضائل الاعمال كاحترام الكبير والمعلم، وتعريفه بدور المدرسة واهميتها في حياته.
اعادة النظر وبشكل عاجل في مسألة منع العقوبات البدنية، وذلك لأثرها البالغ في معالجة كثير من السلبيات والمظاهر السلبية السيئة ونحن لا نطالب بها لتكون العلاج الاول بل نطالب ان تكون آخر العلاجات وذلك بعد نفاد كل محاولات الاصلاح.
اعادة درجة السلوك وزيادتها ووضع بعض الضوابط المناسبة لها.
الدقة الكاملة في اختيار مديري المدارس ووكلائها ومعلميها بحيث تتوفر فيهم صفتان مهمتان 1- قوة الشخصية والمادة العلمية والحكمة في معالجة الامور 2 القدوة الحسنة، واقامة الدورات المناسبة لذلك.
على الصحف ان تحترم المعلم الذي يؤدي رسالة خالدة وتكف عن نشر مافيه اساءة له من اخبار تافهة ورسوم ضاحكة لأن ذلك يقلل من هيبته امام تلاميذه.
لابد من تضافر الجهود لمنع الناشئة والطلبة من مغبة المقاهي والاستراحات وما فيها من مدمرات للعقل والسلوك.
للمعلم النشط والمرشد الواعي دورهما الفاعل في توعية الطلاب ونصحهم وارشادهم، ومساعدتهم في حل الكثير من مشاكلهم، واحتواء بعض الطلبة قبل ان يستفحل امرهم وتقل مبالاتهم.
تقوية الروابط بين اولياء امور الطلاب من جهة والهيئة الادارية والتعليمية والارشادية في المدرسة من جهة اخرى، وتكاتف الجميع على معالجة السلبيات بالطرق المناسبة وفي بداية نشوئها.
العمل على ايجاد المراكز المناسبة التي يتمكن الطلاب من خلالها من ممارسة ما يريدون وصقل مواهبهم المدفونة، فالكل يعرف دور المراكز في احتضان الطلبة ورعايتهم وتقويم سلوكياتهم.
خلل في القيم والمبادئ
الاستاذ/ سعود فلحان العصيمي يعدد جملة من الاسباب المؤدية لهذا الخلل المتزايد ويشخص بعض الحلول، فيقول:
الحقيقة ان الحديث في مثل هذا الموضوع المثير والحساس والهام ذو شجون ويحتاج الى الكثير من التحليل والتشخيص نظرا لمساسه بشكل مباشر بتربية النشء وبالتالي انعكاسات تلك التربية على المجتمع ككل فالتربية والتعليم كفتا ميزان يجب ان نحافظ عليهما متعادلتين ومتساويتين ولا نولي احداهما عناية اكبر على حساب الأخرى لكي نصل بجيل المستقبل من ابنائنا بإذن الله تعالى الى افضل المستويات العلمية والخلقية على حد سواء وهو ما نصبو اليه جميعا في ميادين العلم والتربية ومن هذا المنطلق ومن وجهة نظري الشخصية وخبرتي الميدانية في هذا المجال ومن دافع الغيرة الوطنية الصادقة على هذا الوطن المعطاء وعلى ابنائه الاعزاء الذين هم رجاله وسواعده ومعاول بنائه في المستقبل القريب ارى ان ظاهرة تعدي الطلاب او اولياء امورهم على المعلمين بدنيا او معنويا او نفسيا يعود الى عدة اسباب يأتي من بينها ما يلي:
قرار وزارة المعارف بمنع الضرب في المدارس منعا باتا خاصة انه قرار علني.
عدم حفظ حقوق المعلم وكرامته في حال تعرضه لمثل هذا الايذاء الجسدي او المعنوي او النفسي بالتهديد والوعيد وتدمير ممتلكاته الشخصية.
انحسار الموقف الاجتماعي الداعم والمؤازر لدور المعلم التربوي والتعليمي وعلى جميع المستويات.
عدم وجود الضوابط الصارمة والرادعة لمثل هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا من قبل الجهات المسؤولة وصاحبة القرار في مثل هذه الامور.
قرار الغاء درجة السلوك والمواظبة له تأثير في ذلك.
وفي نظري ان قرار منع الضرب في المدارس منعاً باتا اوجد خللا في القيم والمبادئ التربوية لدى بعض الطلاب وخاصة متدني المستوى الدراسي وسيئي السلوك واتاح الفرصة للسفهاء والسذج للنيل من المعلم لاهداف قد لا تمت للتعليم بصلة كما اتاح الفرصة لمن اراد ان يشتهر بضربه للمعلمين او لمن اراد ان يتظاهر امام اقرانه بما يسمى في وقتنا الحاضر بالفتوة او لمن اراد ان يعوض النقص الذي قد يعتري شخصيته لسبب ما ومن أمن العقوبة اساء الادب. وانا هنا لا اقول بأن الضرب في المدارس هو الحل الوحيد أو ان العصا هي التي تبني شخصية المعلم ولكنها قد تكون الحل الاخير لمن لم تجد معهم الحلول التربوية الاخرى كما انني لا انادي بالسماح بالضرب المبرح او الذي يؤدي الى اصابات او تشوهات خلقية لاسمح الله بل انادي بالسماح بالضرب المقنن وفي حدود المعقول.
ولنا في قرآننا الكريم وحديثنا النبوي الشريف خير منهج نقتبس منه في اكثر من آية وحديث ان الضرب وسيلة للتأديب والتربية. كما ان القائمين على الامن والقضاة يستخدمون الضرب كعقوبة ردع للمذنبين والمخطئين ومسيئي الادب فما بالنا نحن المعلمين لا نستخدم الضرب؟ ونحن الذين نتعامل مع تلك الفئات العمرية الصغيرة والتي لم تصل الى حد الادراك والتمييز العقلي بين الخطأ الصواب بل وتستهويها روح المغامرة والتجربة والتقليد والتي قد ينتج عنها مالا تحمد عقباه من انحراف سلوكي مالم تجد الردع في أول الطريق وفي هذه السن اليافعة الذي يسمح بتقويم مثل هذا السلوك الانحرافي او ذاك ومنه تعدي الطالب على معلمه.
كما ان لنا في تربية ابنائنا في المنزل عبرة لمن يعتبر فنحن نضربهم عند الخطأ حبا فيهم وليس كرها لهم، ولو عدنا بالذاكرة قليلا الى الوراء لوجدنا ان مستوى الطالب في الماضي افضل من طالب اليوم علما وخلقا نسبيا رغم عدم توفر الكم الهائل من وسائل المساعدة المتورفة لطالب اليوم ورغم ان الضرب كان موجودا ولكن والله اعلم قد يشاطرني في ذلك الرأي الكثير من المعلمين وغير المعلمين ممن تلقوا تعليمهم في ذلك العصر ان الضرب كان احد الدوافع القوية لهم في تلقي العلوم المختلفة والمحافظة على اخلاقهم الفاضلة والتزامهم بالسلوك القويم والجد والاجتهاد والمثابرة في حياتهم بشكل عام داخل المدرسة وخارجها وعلى ذلك ارى ان اعادة الضرب الى المدارس بشكل مقنن هو ما يجب اخذه بعين الاعتبار لاعادة التوازن المطلوب بين التربية والتعليم.
الأسباب وعلاجها
كما تحدث الأستاذ أحمد بن محمد بن ابراهيم اليحيى المدرس بمدارس تحفيظ القرآن الكريم بالدوادمي عن الموضوع مؤكداً ان هذه الظاهرة في الحقيقة في منتهى الخطورة، وهو أمر يستحق الدراسة لبيان أسبابه ودوافعه لنتمكن من علاجها ونظهر بنتائج تجاه حل هذه المشكلة.
والواقع أن اعتداء الطالب على المعلم ظهر بشكل بارز في السنوات الاخيرة، اذ قلما نسمع عن هذه المشكلة في السابق، بل حتى إننا لا نكاد نتصور أن هذا الأمر يمكن أن يحصل، وفي رأيي أن من أهم أسباب هذا الأمر ضعف التربية في البيت والاسرة، فلا يكاد ولي الأمر يبين مكانة المعلم وفضله لأبنائه ولا يربيهم على احترامه، بل نجد الكثير من الاولياء يتكلمون في عرض المعلم ويسبونه اذا حصل منه عقوبة لابنائهم ويتوعدونه بالشكوى امامهم، فيتربى الابن على عدم الاكتراث والاحترام للمعلم، ويرى أن والده سيكون في صفه لو حصل له مشكلة مع معلمه كما ان منع استخدام العصا في المدرس له أثر كبير في التقليل من هيبة المعلم وجعل الطالب يبدأ في التطاول عليه، صحيح أن المعلمين انفسهم هم المتسببون في منع استخدام العصا في المدارس وذلك لسوء استخدامهم لها، لكن منعه في المدارس منعاً باتاً بهذا الشكل في اعتقادي انه له دوراً كبيرا في التقليل من هيبة المعلم لأنه كما يقول المثل من أمن العقوبة اساء الأدب، وهذا مما يشجع الطالب على الاعتداء على معلمه بالقول أو بالفعل، خصوصا في ظل الظروف التربوية الضعيفة التي يعاني منها البيت والاسرة.
وشارك الاستاذ ابراهيم بن عبدالعزيز البيز المرشد الطلابي بمدرسة سعد بن ابي وقاص الابتدائية بالدوادمي قائلا: تطالعنا وسائل الاعلام وخاصة الصحافة دائما بأخبار غير سارة بالنسبة للمجتمع السعودي الا وهي كثرة الاعتداء على المعلمين من قبل الطلبة وقد وصل الأمر بالطلاب الى الاعتداء على مديري المدارس بل ووصل الأمر إلى تدخل ولي الأمر بالتعاون مع ابنه في ضرب المدرس داخل الصف والتسبب في اصابته.
ولعل وسائل الاعلام لها الدور الكبير في تفشي هذه الظاهرة وذلك من طرفين، فنشر هذه القضايا التي كان من المفروض ان تكون سرية داخل المجتمع الذي حدثت فيه لان بعض الطلاب وخصوصا في مرحلة المراهقة الذين يرغبون في ترك الدراسة يلجأ الطالب الى ذلك إما رغبة منه في الفصل من المدرسة وهذه هي رغبته التي ربما يعارضها ولي امره او التفاخر امام الناس بأنه المعتدي على معلمه وسوف تنشر قصته في الجريدة الرسمية حتى يقرؤها الجميع.
ومعلوم ان الصحف وسائل اعلام يقرؤها الصغير والكبير والمواطن وغير المواطن ولذا فإن نشر خبر ضرب المعلم يعطي المجتمعات الأخرى صورة سيئة عن المجتمع السعودي الذي يضرب المعلم وهو الذي يستحق الاحترام والتقدير كم قال الشاعر:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
ولكننا نرى أن الاحترام قد تغير في نظر بعض الناس الى الضرب والاهانة فما هو شعور الطلاب حينما يرون معلمهم وقدوتهم قد ضرب وأهين أمامهم سوف تتغير نظرتهم اليه وقد يتغير احترامهم الى احتقار لانه في نظرهم ليس بطلاً لان البطل لا يمكن ان يقترب منه احد ولا يتحرش به احد.
وما هو شعور المعلم الذي اسقطه الطالب ارضا ومرغه على البلاط امام طلابه الذين يعتبرهم ابناءه فالأب بطل امام ابنائه وبه يقتدون ويعتبرونه قويا لا يمكن هزيمته فاذا تعرض للضرب فان الصورة تنعكس عليهم ويفقد ثقتهم فيه.
ولعل أهم الأسباب التي ادت الى تفشي هذه الظاهرة: وسائل الاعلام وخصوصاً الصحف التي تنشر مثل هذه الاخبار وتجعل الطالب بطلاً مما يدفع الآخرين الى الاقتداء به وخاصة انه لا توجد عقوبة رادعة. وعدم وجود عقوبة رادعة فأقصى عقوبة تنال الطالب هي الحرمان من الدراسة التي قد يستغلها البعض لترك المدرسة بحجة ان المدرسة هي التي طردته ومعروف انه من امن العقوبة اساء الادب. ومساندة ولي الامر لابنه ودفاعه عنه سواء كان الطالب مصيبا ام مخطئا مما يدفع الطالب للاقدام على اي عمل لانه - اي ولي امره - سوف يقف معه ويؤيده وينصره وليس ادل على ذلك من تعاون ولي الامر مع ابنه في ضرب احد المدرسين داخل الصف.
اما العلاج فيتمثل في حماية المعلم ورفع روحه المعنوية حيث إن المعلم مقيد في التصرف بسبب الانظمة التي تمنع من استعمال العقاب البدني لذا يجب وضع قوانين تحمي المعلم من الطالب.
انشاء مدارس اصلاحية في جميع ادارات التعليم وتحويل الطلاب الذين يميلون الى العدوانية وخصوصا كبار السن او الذين يعتدون على المعلمين الى هذه المدارس مع بقائهم فيها مدة لا تقل عن سنة دراسية كاملة حيث يتاح للطالب التعليم بدلا من طرده من المدرسة وفي نفس الوقت تقوم المدرسة الاصلاحية بتقويم سلوكه والحد من عدوانيته وتوجيهه التوجيه الصحيح.
ومعاقبة ولي الامر الذي يثبت تورطه في ضرب المعلم بالسجن والجلد تقديرا لدور المعلم وحماية له.
ويجب ألا ننسى ان بعض المدرسين هداهم الله يتسببون في حدوث هذه المشكلة، إما عن طريق تعاملهم الفظ والجاف مع الطلاب أو بسبب الاستهزاء بالطالب مما يولد لديه دافعا للانتقام لكبريائه التي اهانها هذا المعلم وتكون النتيجة الاعتداء على هذا المعلم.
أما الاستاذ محمد سعد البتال مدير مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية فعدد الاسباب بأنها:
غياب دور الاسرة في التوجيه والمتابعة المستمرة للسلوكيات السيئة للابن.
طغيان العاطفة عاطفة الأب على ولي الأمر.
عدم مراعاة مراحل العمر للطالب )المراهقة( من قبل المعلمين حيث نجد أن هذه المشاكل تحصل عادة في المرحلة المتوسطة والثانوية وتحصل من المعلمين قليلي الخبرة.
قد يكون الطالب من هواة المغامرة وحب الظهور وهو يحاول دائما استفزاز المعلمين.
ضعف شخصية بعض المعلمين وعدم المبالاة في العمل والوقوف دائما موقف الند بالنسبة للطالب وعدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
غياب دور المرشد الطلابي في دراسة بعض الحالات الشاذة بين الطلاب وتوجيههم التوجيه الصحيح ومحاولة القضاء على هذه الظاهرة.
عدم استفادة الوزارة من الخبرات والتركيز دائما على المؤهل وعدم النظر الى الخبرة في المراكز القيادية وكذلك الارشاد الطلابي.
ويرى ان العلاج يكمن في:
تفعيل دور الاسرة والحرص على ذلك وتحكيم العقل وليس العاطفة من قبل ولي الامر في علاج مشاكل ابنه ومراعاة مراحل النمو وكذلك الفروق الفردية والقدرات من قبل المعلمين ومنح صلاحيات أكثر من ناحية العقاب )الضرب( لمدير المدرسة والوكيل في جميع مراحل التعليم حتى ولو تم تشكيل لجنة في كل مدرسة لهذا الغرض اعضاؤها ممن يشهد لهم برئاسة مدير المدرسة )من أمن العقوبة اساء الأدب(. واعطاء دورات مكثفة للمعلمين الجدد في طرق التعامل الجيد لكل مرحلة دراسية وهنا يكون دور الارشاد الطلابي في كل ادارة تعليم وتفعيل دور المرشد الطلابي للقضاء على هذه الظاهرة، والاستفادة من الخبرات في المراكز القيادية وكذلك الارشاد الطلابي بغض النظر عن المؤهل فقد اصبحت القيادات والمرشدون الطلابيون من اقل العاملين في الميدان خبرة، فنجد ان هناك عدم تعاون من هذا المنطلق واعادة العقاب لان الثواب والعقاب من التشريع الاسلامي )مروا اولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر..(.
كما قال الاستاذ فواز السمران وكيل متوسطة بدر بالدوادمي يوجد أسباب تؤدي الى تهجم الطالب على معلمه منها ما يلي:
ضعف المادة العلمية لدى بعض المعلمين حيث ان بعض المعلمين لا يستطيعون إشغال وقت الحصة كاملاً مما يتيح الفرصة للطلاب لاحداث بعض الفوضى داخل الفصل.
دور البيت في تحديد سلوكيات الطلاب وعدم حث بعض اولياء الامور لابنائهم على احترام معلميهم داخل المدرسة وخارجها.
وسائل الاعلام لها دور كبير في نشر الوعي بين الطلاب وابراز دور المعلم في العملية التعليمية.
عدم وجود مبدأ الثواب والعقاب في العملية التعليمية.
ضعف شخصية بعض المعلمين بحيث لا يجيد كيفية التعامل مع بعض نوعيات الطلاب.


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved